بغداد/ تميم الحسن
تبدو بغداد حتى الساعة ملتزمة بـ»الموقف المحايد» تجاه سوريا، لكن ماذا لو اقتربت العمليات العسكرية هناك أكثر إلى العراق؟
لا تزال هناك ضبابية بخصوص موقف الحكومة من نظام بشار الأسد السوري، فضلاً عن الضغوط الإيرانية.
هناك أيضاً أطراف مهمة في معادلة السياسة الشيعية تدعو للتدخل، والفصائل تؤيد هذا الموقف.
وبعد سيطرة الفصائل المسلحة السورية على ريف حمص الشمالي، يستمر التقدم باتجاه المدينة.
وإذا ما سقطت حمص، فستكون المحافظة الرابعة تقريباً بيد الفصائل بعد إدلب، وحلب، وحماة.
في المقابل، فإن قوات سوريا الديمقراطية، المعروفة بـ»قسد»، سيطرت على معبر البوكمال الحدودي مع العراق.
ومنذ يوم 27 تشرين الثاني الفائت، شنت «هيئة تحرير الشام» هجوماً واسعاً انطلق من إدلب على مواقع لقوات الجيش السوري.
وفقاً لهذه التطورات، وصل رئيس أركان الجيش، عبد الأمير يارالله، ونائب قائد العمليات المشتركة قيس المحمداوي، أمس السبت، إلى منفذ القائم لتفقد الشريط الحدودي.
وذكر بيان لقيادة العمليات المشتركة أن الزيارة جاءت «لإكمال خطط المناورة والانفتاح وتفقد القطعات ولمجابهة كل التحديات».
وفي وقت سابق، أعلن المحمداوي عن عمل أمني لإنشاء خط دفاعي متكامل على الحدود مع سوريا. وطمأن نائب قائد العمليات المشتركة، في بيان عسكري، الشعب العراقي بتأمين الحدود.
يرتبط العراق مع سوريا بحدود تتجاوز 600 كم، فيما كان تنظيم «داعش» قد تدفق في 2014 إلى البلاد بعد السيطرة على مدن سورية.
عدم التدخل
يقول سياسي قريب من «الإطار التنسيقي» لـ(المدى): «هناك اتفاق داخل التحالف الشيعي على تأمين الحدود دون التدخل في الأزمة».
ونشرت القيادة العسكرية طائرات مسيّرة وكاميرات حرارية، كما وضعت أكثر من طوق أمني على الحدود.
تعليقاً على احتمال تدخل العراق إذا اقتربت الفصائل السورية من الحدود، يقول السياسي: «حتى الآن لا يوجد قرار بنشر قوات خارج الأراضي العراقية».
وترفض الحكومة التعامل مع دعوات من الفصائل السورية، التي قدمت تطمينات بعدم امتداد الحرب إلى العراق.
يقول باسم العوادي، المتحدث باسم الحكومة: «العراق لا يسعى إلى التدخل العسكري في سوريا». لكنه أيضاً يؤكد أن «تقسيم سوريا خط أحمر للعراق».
وقد بدت مواقف سياسية، شيعية منها، ترفض التدخل في الشأن السوري أو التفاهم مع «هيئة تحرير الشام».
حث محمد الجولاني، زعيم الهيئة، رئيس الحكومة محمد السوداني، في مقطع مصور، على «أن ينأى بالعراق عن الدخول في أتون حرب جديدة مع ما يجري في سوريا».
وأضاف في حديث موجه إلى السوداني: «الثورة ليست معنية بما يجري في العراق. بل العكس، تطمح إلى تعزيز علاقات استراتيجية اقتصادية وسياسية وأواصر اجتماعية مع العراق بعد زوال النظام».
يصف العراق تلك الجماعات بأنها «إرهابية»، وفقاً لوزير الخارجية فؤاد حسين.
وفي مؤتمر صحفي مع نظيريه السوري والإيراني في بغداد يوم الجمعة، ندد حسين بـ»الهجمات التي تشنها التنظيمات الإرهابية في سوريا».
تشير بعض التسريبات إلى أن إيران تسعى إلى دفع العراق لتوجيه ضربات داخل سوريا.
وتعهد عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، في المؤتمر الصحفي ببغداد، بتقديم كل الدعم الذي تحتاجه سوريا.
كانت «رويترز» قد ذكرت في وقت سابق أن مئات المقاتلين العراقيين عبروا إلى سوريا لدعم القوات الحكومية هناك وانضموا إلى مقاتلي كتائب حزب الله العراقية وحزب الله اللبناني الموجودين بالفعل في البلاد. لكن حتى الآن، لم تحدث تعبئة جماعية من العراق.
بحسب فالح الفياض، رئيس الحشد الشعبي، فإن «العراق، وإن لم يكن طرفاً في الأزمة، عليه الوقاية في ظل ما يجري في دولة مجاورة له».
وأضاف: «سوريا تمثل مجالنا الأمني الحيوي الذي لا يمكن فصله عن العراق، وكل من يقول غير ذلك واهم».
سبق لرئيس الحشد أن نفى في وقت سابق عبور مقاتلين من الهيئة إلى الحدود السورية.
دعوة للقتال
لكن هذه المواقف تتناقض مع ما يطرحه نوري المالكي، زعيم دولة القانون، الذي يدعو للقتال في سوريا.
في كلمة متلفزة، قال المالكي بشأن الأوضاع في سوريا: «لا بد لنا نحن في العراق (…) من حماية سوريا ووحدة سوريا واستقرارها وعودة وضعها الطبيعي».
يتفق ما يقوله المالكي مع دعوات «كتائب حزب الله»، التي طالبت بغداد بإرسال قوات رسمية إلى سوريا. كما هدد الفصيل، قبل أيام، ما قال إنها «عواصم الدول الداعمة» للجولاني، رداً على رسالة الأخير إلى السوداني.
كانت هذه الفصائل قد شاركت قبل أكثر من 10 سنوات في الأحداث الأولى في سوريا التي اندلعت عام 2011.
في الأثناء، يقول غازي فيصل، وهو دبلوماسي سابق: «الحكومة العراقية والسوداني نجحا في اعتماد دبلوماسية واضحة للتعاون البناء بين العراق ودول الجوار بعيداً عن السلاح».
مواقف دبلوماسية
وأضاف فيصل، في مقابلة مع (المدى): «العراق ابتعد عن الحرب في غزة ولبنان ولم يكن طرفاً. المادة 8 من الدستور تمنع تدخل العراق في الشؤون السيادية لدول أخرى».
وأكد فيصل أن هذا الاتجاه يتفق مع «مواثيق الأمم المتحدة لحل النزاعات سلمياً، كما يتلاءم مع اتفاقية الإطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة».
وبيّن أن العراق محكوم بالجهود الدبلوماسية ولن يكون طرفاً في الأعمال العسكرية مع دول الجوار.