متابعة/ المدى
يؤكد سوريون مقيمون في العراق أنهم سيغادرون إلى بلادهم في أقرب فرصة ممكنة، على غرار مئات آلاف المغتربين السوريين المقيمين في دول نزحوا إليها طوال أكثر من 13 سنة مضت.
يعيش في العراق قرابة نصف مليون سوري، غالبيتهم في إقليم كردستان، ويكرر العديد منهم أن غربتهم باتت على وشك نهايتها، وأنهم يستعدون بالفعل للعودة بعد زوال نظام بشار الأسد، بينما يقول بعضهم إنهم سيعودون فوراً، ولن يقضوا يوماً إضافياً في الغربة القسرية التي فرضت عليهم لسنوات.
واحتفل سوريون في مناطق مختلفة من العراق، بدخول فصائل المعارضة إلى العاصمة دمشق، وسقوط النظام، لكن تلك الاحتفالات جرت في ظل حذر كبير بسبب الموقف العراقي الرسمي، وكذا مواقف الجماعات العراقية المسلحة الحليفة لإيران، والتي أعلنت دعمها للنظام.
يعيش السوري محمد حمزة في العاصمة العراقية بغداد، وهو لم يستطع زيارة مسقط رأسه درعا منذ سنوات.
ويقول حمزة إنه بدأ بحزم أغراضه للعودة، موضحاً: «كل البلدان بمثابة فنادق، وليس للإنسان سوى وطنه، والحمد لله أننا سنتمكن من العودة إلى سوريا أخيراً، ونشكر كل من ساندنا ودعمنا وخفف عنا غربتنا. سألتقي بوالدتي وإخوتي لأول مرة منذ 12 سنة متواصلة. هم أيضاً لاجئون في لبنان، وسيعودون إلى الوطن، والموعد سيكون في درعا خلال الأيام القليلة المقبلة».
من جهته، يعمل السوري علي حمزة، نادلاً في مطعم بحي الكرادة في بغداد، ويقول: «ما نراه حالياً على شاشات التلفاز كأنه حلم، أخيراً رحل نظام الأسد. العودة إلى بلادنا ومدننا حتمية. لا أحد أسعد منا بين كل شعوب الأرض اليوم. قضيت في العراق أعواماً طويلة، وكان العراقيون مثل أهلي، لكن الشتات مزق أسرتي، إذ اختار بعضهم اللجوء إلى تركيا أو أوروبا، وتفرقوا كما هو حال ملايين السوريين الذين غادروا بلادهم مجبرين».
ويوضح حمزة: «بعض الأقرباء الذين يسكنون في مناطق تركية قريبة من الأراضي السورية، يستعدون حالياً للعودة إلى مدنهم الأصلية بمجرد إتمام بعض الإجراءات الأمنية، ونحن ننتظر تحسّن الأوضاع على المعابر البرية كي نعود مباشرة، على الأقل لنرى مدننا التي نفتقدها كثيراً».
أما السوري نبيل صائب، وهو محاسب في شركة أهلية ببغداد، فيؤكد أنه «ينتظر اللحظة المناسبة للعودة»، مشيراً إلى أن «الحرب طالت كثيراً، ورغم الرحمة الإلهية التي حصلت بسقوط النظام، لكننا نتخوف أيضاً من القادم، ونأمل أن تكون مخاوفنا غير واقعية، وأن تستقر الأوضاع في سوريا سريعاً كي يتمكن شعبنا من العيش بسلام بعد سنوات من القتل والتهجير والاعتقالات».
وبحسب أحدث إحصائية رسمية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن عدد المواطنين السوريين في العراق يتجاوز 260 ألف شخص، لكن أعدادا أكبر غير مسجلة توجد في جهات من بينها إقليم كردستان والعاصمة بغداد، حيث يتركز معظم السوريين، وتقدر مصادر محلية الأعداد بنحو نصف مليون سوري، خاصة بعد تكرار موجات نزوح السوريين الأكراد من مناطق شرقي سوريا، ذات الغالبية الكردية.
ويحتل العراق المرتبة الرابعة بعد تركيا ولبنان والأردن من حيث أعداد اللاجئين السوريين في المنطقة، والغالبية يتركزون في محافظات بغداد والأنبار والبصرة، ومناطق أخرى من جنوبي ووسط وغربي العراق، لكن الغالبية العظمى توجد في أربيل ودهوك والسليمانية.
ويشتغل السوريون المقيمون في العراق في مهن ووظائف مختلفة، ونجح قسم غير قليل منهم في تأسيس مشاريعهم الخاصة التي نجحت في التنافس داخل السوق العراقية الواسعة.
ويؤكد المسؤول بوزارة الهجرة العراقية، أحمد الساعدي في تصريح تابعته (المدى) أن بلاده ستقدم كل التسهيلات اللازمة لعودة السوريين الراغبين في الرجوع إلى بلادهم، موضحاً أنه «من غير الواضح حتى الآن كيف سيجري ذلك، خاصة في ظل إغلاق الحدود والمطارات، لكننا نتوقع عودة أعداد كبيرة من الإخوة السوريين إلى وطنهم، وسنحاول قدر المستطاع توفير ما يحتاجونه، بما في ذلك تنسيق مشكلات عدم امتلاكهم الأوراق الثبوتية أو جوازات السفر السورية».
سوريون مقيمون في العراق يستعدون للعودة إلى بلادهم: لا بديل عن الأوطان
نشر في: 9 ديسمبر, 2024: 01:08 ص