بغداد/ علي عبد السادةفتحت المشاركة النسوية اللافتة في مؤتمر دولي بأربيل أختتم الجمعة الماضية، النقاش مجددا حول حقيقة فاعلية المرأة العراقية في صناعة القرار السياسي. ومن يراقب التوصيات، وجدية النقاش طيلة اثني عشر يوما، لا يجد مانعا من التأكيد أنها (المرأة)
تمتلك القدرة على الوجود والتواجد بفاعلية إلى جانب الرجل في الحياة السياسية، لكن هذا يصطدم بواقع يحول دون تحقيق التمكين النسوي.وبدا خلال حمى مفاوضات تشكيل الحكومة أن قادة الكتل السياسية وصقورها فشلوا في إخفاء نزعاتهم "العشائرية" أثناء ريادة القرار السياسي.مصادر خاصة بـ(المدى) قريبة من كواليس قادة سياسيين قالوا إن الرجال المنخرطين بالعمل السياسي يرحبون بمشاركة المرأة في حدود "كمالية" تزين التواجد في الساحة الديمقراطية.هذه المصادر راقبت خلال أزمة الانتخابات "تعمد" إقصاء المرأة، وتنقل عن قيادي في كتل سياسية نافذة انه في جلسة مقفلة قال:"دعوهم (المرشحات) يظهرن في صور الحملات الانتخابية، سيكون وجودهن في البرلمان رائقا لنا". بعض المراقبين يرون، تعليقا على هذا الاقتباس، أن الكتل تحدد، بهذه الطريقة الفجة، الدور السياسي للمرأة.ويرجح محللون سياسيون ذلك إلى أن صعود نواب وناشطين سياسيين إلى واجهة العمل البرلماني والحكومي هم في الأصل لا يعترفون بالمدنية، ويلتزمون، رغم مظهرهم (الأفندي)، بخلفية عشائرية حتى داخل غرف صنع القرار السياسي.وطيلة الشهور الماضية بدا واضحا أن قوى الإسلام السياسي تلتزم بنهج تزيين الحضور الذكوري الفاعل بـ"برواز" نسوي، أكثر من غيرها من القوى الليبرالية.ويعتقد سياسيون رجال إنهم الأحق بخوض الصراعات، وهذه استعارة قبلية لما يجري في المجتمع وحتى في أصغر الوحدات المجتمعية: الأسر. هؤلاء يطبقون الفكرة القائلة إن الرجل هو من يعمل وعلى المرأة أن تبقى جليسة المنزل.هذه الفكرة تؤكدها القيادية في ائتلاف دولة القانون صفية السهيل التي ينظر إليها على إنها واقعة في قائمة تسيطر عليها تيارات دينية سياسية، وان عليها الاجتهاد كثيرا ليسمع صوتها.السهيل التي لم تمنحها كتلتها أي منصب في التشكيلة الوزارية الجديدة تقول إن السبب الرئيسي الذي حال دون أن تكون المرأة شريكا أساسيا في السلطة التنفيذية هو الصراع على السلطة بين قيادات الذكور داخل الأحزاب السياسية، فيما يتمحور السبب الثاني حول الفهم الخاطئ لعملية المفاوضات السياسية، فأساسيات المفاوضات تشير إلى أن المفاوض لا يفاوض عن نفسه وانما يفاوض عن الآخرين وعلى أسس معينة عن الحقوق والشراكة الوطنية.بينما ترى ناشطات نسويات أن المرأة لا تحتاج إلى كوتا لتلج العمل السياسي في البلاد.وتسأل حمدية الحسيني"لماذا لا تحصل المرأة على حقوقها الطبيعية إلا من خلال الكوتا، لكنها تناقض نفسها وتعود بالتفسير:"دور المرأة في تبوؤ مراكز صنع القرار يتراجع، فبعد أن كانت تشغل ست حقائب في وزارية في حكومة الجعفري، أصبحت خمساً في حكومة المالكي الأولى، وفي الثانية اقتصرت مشاركتها على حقيبة دولة واحدة ليس إلا".تقول مصادر خاصة بالمدى وان الجلسات الماراثونية لتشكيل الحكومة لم تأت على ذكر المرأة، لقد تم تجاوزهن بهدوء، أو أن الخوف من التأخر لوقت أطول غطى على سبة تغييبهن.هذه الصورة الحالكة قد تحول دون تحقيق لائحة طموحة خرج بها مؤتمر أربيل.الورش التي عاينت دور المرأة في السلام والمساءلة والمصالحة العمل على تأسيس مجلس أعلى للمرأة، ورفع مستوى وزارة الدولة لشؤون المرأة إلى حقيبة وزارية. وأعاد المؤتمر الدعوة إلى تشكيل تكتل برلماني من النساء والرجال لتوحيد حشد التأييد من أجل التغيير التشريعي الذي يدعم مشاركة المرأة.ولم يغفل المشاركون المطالبة بتعديل القوانين والتشريعات التي تنظم الأحزاب السياسية على أن تتضمن نسبة محددة من النساء في هياكلها القيادية.والى جانب توصيات تعالج النظام الفوقي في العمل السياسي، تعمد المؤتمر التأكيد على ضرورة مراجعة المناهج التدريسية والتعليمية والأنظمة الدراسية لضمان تدريس مفهوم المساواة بين الجنسين وتطبيقه في المؤسسات التعليمية في العراق كافة. وإدراج الفنون والثقافة والأنشطة الرياضية في تعزيز المساواة بين الجنسين في الحياة العامة في العراق.ويرى المراقبون أن ميزة هذا المؤتمر تتجلى في بحثه لمجمل وضع المرأة العراقية على مستويات عدة، ودعا إلى تجريم العذر المخفف لمرتكبي جرائم الشرف بحق النساء في المادة 128 و409 في قانون العقوبات. ومساواة العقوبات على جريمة الزنا بين الرجل والمرأة. وتجريم نشر ثقافة العنف والكراهية أو التحريض على التطرف الديني ونشر ثقافة التعدد والمساواة.هذه التوصيات وغيرها التي تطرقت إلى جوانب اعلامية واقتصادية متعددة، ستضمّن في رسالة بمثابة خطاب شامل إلى الرئاسات الثلاث ورئاسات الكتل النيابية في مجلس النواب والأحزاب السياسية و الزعامات الروحية والاجتماعية وقيادات مجتمعية. وهذا يتزامن مع تشكيل وفد نسائي يمثل المؤتمر للتحرك على القيادات الحكومية والنيابية والسياسية لتلبية المطالب وتنفيذ التوصيات.دون شك فان المؤتمر يعد علامة
قادة يفضلون مشاركة "كمالية" للمرأة..والعشائرية تطردها من غرف القرار السياسي
نشر في: 30 يناير, 2011: 07:16 م