TOP

جريدة المدى > الملاحق > قرارات متأخرة وغير مجدية

قرارات متأخرة وغير مجدية

نشر في: 30 يناير, 2011: 07:27 م

 حازم مبيضين تتواصل الاحتجاجات في معظم المدن المصرية، مخلفة المزيد من الضحايا الذين زاد عددهم عن المئة, واندلعت الحرائق في شوارع القاهرة والاسكندرية والسويس ووصلت الى شرم الشيخ, وغادر الكثير من رجال الاعمال العرب أم الدنيا, وفر مئات السجناء من معتقلاتهم, وأطلق أفراد تابعون لقوى الامن أيديهم في أعمال تخريب متعمدة, وبات واضحاً
أن الإجراءات التي أعلن عنها مبارك متأخراً غير كافية، وأن مطالب الجماهير لن تتوقف عند تغيير الحكومة أو تعيين نائب للرئيس, وأن الحل يكمن في تشكيل حكومة إنقاذ لاتقتصر عضويتها على قياديين في حزب الرئيس, وإنما تتمثل فيها كافة مكونات الشعب المصري, ويكون من أولى مهامها أن تعد دستوراً للبلاد يتماشى مع متطلبات المرحلة الجديدة, التي تدخلها مصر على وقع احتجاجات شعبية غير مسبوقة من حيث الحجم والتأثير.ورغم أن رئيس الوزراء المكلف قادر على التحرك بين الاجنحة المتصارعة في الحزب الحاكم, وأنه واحد من قلائل من الضباط المتقاعدين الذين نجحوا في مواقعهم المدنية, وهو ليس متهماً مثل الكثير من رموز السلطة بالفساد, فان العديد من الشخصيات المصرية رأت في تعيينه المتزامن مع تسمية اللواء سليمان نائباً للرئيس تكريساً للحل الأمني، وحذرت مما وصفته بمحاولة الالتفاف على مطالب الجماهير. ورأى هؤلاء أنّه لا يمكن حلّ الأزمة بتغيير الأشخاص دون تغيير النظام, من خلال تجديد الدستور الذي يحمي الحقوق والحريات، والحفاظ على استقلال القضاء، وتنظيم انتخابات نزيهة تنتج حكومة وحدة وطنية، وحماية الجيش المقبول شعبياً لأمن البلاد.مفهوم أن تتهم السلطات المصرية أصحاب أجندات خاصة بانتقادها, لكنها لن تكون قادرة على انتقاد معظم زعماء العالم, من اليابان إلى الدنمارك وأميركا وبريطانيا وفرنسا, وصولاً إلى أمين عام الامم المتحدة, الذين طالبوا مبارك بالتحاورمع الفرقاء السياسيين ومع شعبه, والبدء بالاصلاحات، على أمل أن يعيد هذا الاستقرار والسلام إلى مصر, التي يرتدي الوضع فيها أهمية قصوى, ما يستدعي معالجة الأمور فيها بالحكمة مع الحفاظ على مصالح مصر وشعبها, مع احترام حرية التعبير بشكل كامل, واغتنام الفرصة لالتزام السبل الكفيلة بتلبية التطلعات المشروعة للشعب, مع تفادي العنف, وإذ يعترف هؤلاء بالدور المعتدل الذي لعبه مبارك في المنطقة فانهم طالبوه البرهنة عن الاعتدال نفسه في التعامل مع الوضع الراهن في بلاده.العالم يطالب المسؤولين المصريين باحترام لا تشوبه شائبة لحقوق الانسان والحريات الديمقراطية, بما فيها حرية التعبير والاتصال, إضافة الى حق التجمع والتظاهر سلميا, لأن لدى المصريين مطالب مشروعة, وهم يتطلعون إلى مستقبل أفضل وأكثر عدلاً, ولن يكون ذلك ممكناً إلا بتغيير جذري يضمن تشكيل حكومة واسعة التمثيل وبانتخابات حرة ونزيهة, لاينجح فيها زوراً كل مرشحي الحزب الحاكم وبحيث يخلو البرلمان من أي لون آخر, وهو حين يطالب بذلك فلأنه يدرك حجم الظلم الناجم عن تغييب الشعب عن القرارات المصيرية, مثلما يدرك مأساة ملايين المصريين الذين يرزحون تحت خط الفقر وهم يراقبون حيتان الفساد التي تنهش جسد مصر وتسرق منهم اللقمة والكرامة والحرية في آن معاً.واضح أن قرارات مبارك أتت متأخرة, وغير مرضية للجماهير التي دفعت من دمها ثمناً باهظاً للتغيير, والأمل أن لايكون النظام قد فقد فرصته الأخيرة لأن الفوضى التي تتحكم اليوم بالشارع المصري, ستعود بالضرر على الجميع, والامل أن يقرأ المصريون جميعاً, شعباً ومؤسسات حكم التجربة التونسية التي سينجم عنها بالتأكيد هدوء يتيح للشعب تقرير مصيره بنفسه واختيار حكامه بحرية ونزاهة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

اشتعال أزمة سوريا وتركيا.. ورومني يدعم تسليح المعارضة
الملاحق

اشتعال أزمة سوريا وتركيا.. ورومني يدعم تسليح المعارضة

  دمشق / BBCبعد أيام من سقوط القذائف السورية عبر الحدود إلى تركيا، ما يزال التوتر وأعمال القتل، تتصاعد على جانبي الحدود، في وقت أعلن فيه مقاتلو المعارضة قرب السيطرة على معسكر للجيش النظامي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram