TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك :(ديناصورات)

هواء فـي شبك :(ديناصورات)

نشر في: 30 يناير, 2011: 08:50 م

 عبدالله السكوتي كان الجو يبعث على الخمول، والأمطار التي تهطل تقبل جبين الأرض فتنبعث رائحتها عذبة، تغري المرء بالسير والبحث عن مضيف الشيخ احمود المغامس، وقد جلب المغامس جهاز تلفاز إلى المضيف نظرا للأحداث المتسارعة، والاضطرابات الكثيرة التي ضربت بعض الدول العربية، وكان (امطنش)
قد ودع المرض ليعود إلى جلسات المضيف من جديد، فكان الكلام دائرا عن مصر والإجراءات التي قام بها رئيس مصر، من تكليف رئيس المخابرات عمر سليمان بنيابة رئاسة الجمهورية، وهذا المطلب كان شعبيا لكن مبارك لم يعمل به من قبل، وقد أتى متأخرا؛ قام امطنش وأطفأ التلفزيون، بعد الأذن من الشيخ ليغريه بحكاية من حكاياته التي توافق مقتضى الحال، فقال بصوت مسموع: إن شاباً مرّ في احد الأزقة، فرأى شيخا كبيرا يبكي، حنّ إليه وأراد أن يعرف ما مشكلته، فتوقف وسأله ما بك يا شيخ، فقال: إن أبي قد طردني من البيت، فتلطف الشاب به ووعده انه سيذهب معه إلى أبيه ليقنعه بالعودة، وفعلا طرق الشاب الباب، فخرج شيخا كبيرا جدا، فسأله عن بغيته، فقال له: لماذا طردت هذا المسكين من البيت وهو في هذه السن الكبيرة، فنزل الرجل الكبير يعدد صفات ابنه الشيخ ويصفها بالسوء وكانت آخر مشاكسة له انه اخطأ بحق جده، ولذا لا يسمح بعودته إلى البيت، فرد عليه الشاب: أخطأ بحق من؟ فقال بحق جده، فما كان من الشاب إلا الهروب وهو يصرخ إن هذه العائلة عائلة ديناصورات، فضحك من في المجلس وربطوا بين الحكاية وبين نائب الرئيس المصري الجديد الذي يبلغ من العمر 76 عاماً فيما يبلغ رئيسه 82 عاماً، لتبقى طاقات الشباب مركونة على رفوف القصور. قمت وأنا أتمتع بمنظر المطر واضحك من عائلة الديناصورات، من الذين يصادقون على القوانين ليضعوا سني الخدمة في دوائر الدولة تحت خط الثالثة والستين، في حين يبلغون عمر النسور وهم في سدة الحكم ومنهم من يصاب بالذهان، ولا يترك المنصب ولذا ترى بطاناتهم هي التي تحكم، ما يؤدي دوما إلى الثورة والانتفاضة، ومع بساطة الشعب المصري ووعيه، وحبه لبلاده فانه لم يستطع صبرا على الجوع وعلى تسيد الديناصورات، التي تحكم من سنين طويلة، ومن المفارقات أن رجلا اخذ منه الكبر مأخذا وغزاه الشيب قال: منذ ولادتي وأنا ارى مبارك في سدة الحكم، لكن خيار مصر لا يختلف عن خيار العراق، وستكون الديمقراطية هي الحل ولا عودة للفرعون الذي حتى حين يموت يحنط وتدفن معه الأموال والزوجات والخدم، نحن في عصر صار فيه القرار ابن لحظته ولا يسمح بهدر الوقت كثيرا، عصر ثورة الانترنيت ووسائل الاتصال الحديثة التي تستدعي الشباب من ذوي العلم والمعرفة والخبرة تأتي بالممارسة، الكثير من الديناصورات ممن يحمل معه تصورات الأمس في الحكم، ومن المتأثرين بقراءاتهم التاريخية يحاولون تقليد سالف الأيام، خمسة أيام من الاضطرابات والمسؤول جالس بقصره، يريد أن يسقط الثورة ذاتيا بلا إصلاحات أو تغييرات جوهرية، حتى أن المواطنين امسكوا بعض رجال الشرطة السرية والأمن السري يقومون بأعمال السرقة والقتل، وهذه تذكرني من أن الديناصورات متشابهون، فقد دس صدام في الواحد والتسعين من القرن المنصرم برجال مخابراته وهم أول من قام بأعمال النهب لوصم انتفاضة شعبان الشعبية بالخروج على القانون، وليتعرف بالنهاية على الثوار، وكذلك فعلها مع الزوار في كربلاء حين دس معهم من يحمل قناني الصبغ ليصبغوا أردية الشباب فقط، وليتم القبض عليهم عند مغادرتهم مرقد الإمام، صحيح أن الديناصورات تتشابه، والديمقراطية هي مرحلة العرب الجديدة التي لا حياد عنها أبداً، ويكفي الديناصورات ما أخذت من وقت.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram