علي حسين خرج علينا السياسي والإعلامي حسن العلوي بواحدة من تصريحاته المثيرة للجدل والاهتمام ، فالرجل الذي عرف عنه الذكاء والنباهة ، وقع هذه المرة في مغالطة أشبه بما قاله قبل فترة احد الزعماء العرب من أن لا جدوى من محاولة إنشاء نظام ديمقراطى في العراق لأن
" العراقيين من طبيعتهم العنف " والمقولة تطرح على السطح موضوعا مثيرا للجدل يتم طرحه للنقاش بقوة هذه الأيام واعني فكرة الدكتاتور العادل والذي يصفه البعض من المفكرين العرب بأنه القادر على قيادة شعوب لم تترسخ لديها مفاهيم الديمقراطية على حد قولهم ،وكان آخرهم حسن العلوي الذي أكد في تصريحه الذي نشرته صحيفة المشرق : "أن سقوط نظام الاستبداد قد يعطي المصريين حريتهم،لكنه سيأخذ وطنهم،كما حدث في العراق. وأضاف العلوي تعليقا على التظاهرات الشعبية التي اجتاحت مصر "إن عائلة مبارك تستحوذ كمعظم العوائل الحاكمة ليس على الدولة فحسب، بل على أموال الناس، ما يشكل نمطا جديدا من الحكومات اخذ بالظهور خلال السنوات الماضية"، مشيرا إلى "أن نظام مبارك آيل للسقوط،وستكثر عليه السكاكين"،مستدركا "أخشى على مصر والمصريين أن يأخذوا الحرية ويفقدوا الوطن،كما حدث معنا في العراق.وأضاف العلوي ،معربا عن تأييده ودعمه للرئيس اليمني علي عبد الله صالح "برغم مقتي ومعارضتي له" على حد قوله.وبين العلوي "إن توقيت تفجر التظاهرات الشعبية يعد مبعثا للشك والريبة"،ومضى قائلا "لو أن صدام أعطى شيئا من الحرية وتفهم وصافح بعض معارضيه الوطنيين لما وصل الوضع في العراق إلى ما هو عليه الحال الآن، وقريب مما قاله العلوي كتب قبل فترة رئيس تحرير مجلة روز اليوسف المصرية عبد الله كمال منتقدا الديمقراطية الجديدة في العراق معتقدا كما يعتقد السيد حسن العلوي أن طبيعة العراق والشعوب العربية بأجمعها لا ينفع معها سوى نموذج المستبد العادل فيقول: "صدام حسين لم يكن عادلا على أي وجه من الوجوه، وهو حاكم من خارج التاريخ، وإن صنعه، ولكن طبيعة العراق التي انكشفت للجميع منذ زمن، وصارت الآن شمسا واضحة، تعيد طرح هذا الأمر وتصوره.. حيث أثبتت الأيام والوقائع أن المجتمع من التعقيد بحيث إنه لا يمكن إلا أن يدار بشدة.. يجب ألا تكون ديكتاتورية.. وبقوة لا ينبغي أن تكون ظالمة. ويضيف كمال: "وقد كان صدام حسين مطابقا لوصف الكواكبي للاستبداد.. لكن حال العراق الذي أراد جورج بوش أن يحوله إلى بلد ديمقراطي نموذجي وفشل .. أثبت مجددا - وبما لا يدع مجالا للشك - أن الديمقراطية على الطريقة الأمريكية لا تصلح للمجتمعات الشرقية المعقدة.. وأن لكل بلد مواصفاته."فيما خرج علينا صحفي آخر وهو بالمناسبة من دعاة التنوير العرب البارزين واعني به الدكتور مأمون فندي ليكتب في صحيفة الشرق الأوسط مطالبا بنموذج الدكتاتور الشفاف وهو برأيه الدكتاتور الذي يحكم قبضته الحديدية على البلاد ولكنه بالمقابل يقدم لها نموذجا جديدا للتطور وضرب مثلا بمهاتير محمد في ماليزيا فيقول في مقاله الذي اسماه " المستبد الشفاف "بدلا من نظرية " المستبد العادل" الإسلامية، أقترح نموذج "المستبد الشفاف" كبديل ممكن وعملي للحكم في العالم العربي، خصوصا أنني غير مقتنع البتة بأن " شتلة" الديمقراطية يمكنها أن تنمو في التربة العربية لألف سبب وسبب، ولست مهتما بما سيدعيه ما يقرب من خمسة أساتذة للعلوم السياسية يعيشون في الغرب أو مستغربين في الشرق، بأن هذا موقف عنصري من العرب والثقافة العربية، كما أنني لن أجاري البعض في سخريتهم من فكرة "أن الشعوب العربية ليست جاهزة للديمقراطية"، فأنا مقتنع تماما بأن الشعوب العربية بثقافتها القديمة والحالية لا يمكن أن تكون ديمقراطية.. ويضيف: الديمقراطية ليست، كما يفهمها العراقيون اليوم، هي حكم الأغلبية. أساس الديمقراطية هو حرية الفرد، الذي هو الوحدة الأولى في المصفوفة الإنسانية، أي الفرد الحر في اختيار ملبسه ومأكله ومعتقداته، وهذه الحرية الفردية أمر صعب التحقيق في العالم العربي لمائة سنة قادمة على الأقل. الاستبداد ليس سببا في كل البلاء، فلو أخذنا مثلا حرب 67 وزعامة جمال عبد الناصر، نجد أن المشكلة (كما يتكشف من تحليلات مرور أربعين عاما على الهزيمة)، ليست في الاستبداد ولكن في انعدام الشفافية. فإلى الآن لا نعرف من وثائق عربية ما جرى في تلك الحرب، فحتى الذين عاصروها، من أمثال محمد حسنين هيكل، يتحدثون على الشاشات معتمدين على الوثائق البريطانية وشفافية الإنجليز وغيرهم لا شفافيتهم. جرب العرب فكرة " المستبد العادل" في بعض فترات تاريخهم، ولكن فكرة العدل بحد ذاتها هي من الصفات الألوهية التي يحاول البشر الاقتراب منها، ولكن القراءة الموضوعية والأمينة لتاريخنا تقول إنها كانت صعبة التحقيق دائما، لذا أقترح فكرة "المستبد الشفاف" التي رأيتها مجسدة في التجربة الماليزية ". وقبل هذا الحديث بس
حسـن العلـوي بين المستـبـد العــادل والاسـتبــداد الشـفــاف
نشر في: 30 يناير, 2011: 09:05 م