إحسان شمران الياسرييقولون إن جانبا مهما من علاج بعض الأمراض هو علاج نفسي يتم التأثير فيه على مناطق معينة في النفس أو العقل، فينتهي المريض إلى الشعور بالراحة والاطمئنان، والشفاء في بعض الأحيان..والحاج (نوفي) واحد من الذين اعتقدَ انه تعافى دون أن يتلقى العلاج المطلوب..
وبين أن نضع الوصف المناسب للحالة، ثم نوصي بالعلاج والدواء، وبين أن نجعل الآخر يتوهم انه تلقى العلاج المناسب، وانه في الطريق الى الشفاء، تتجلى أهمية ذلك الدور الفاعل للعلاج النفسي. وحتى في الحياة، عندما يأخذ المجتمع دور المريض، وتأخذ السلطة دور الطبيب، تتجلى براعة الطبيب في إيصال القناعة للمريض بأنه حدد الداء بدقة، ثم حدد الدواء.. فالمنجز الذي يأتي، حتى لو كان متأخرا، يُقدم العلاج الملائم للعلّة، وما أكثر العلل التي تحتاج إلى منجزات لمداواتها.. وفي سياق العلاج النفسي للأمراض التي يعانيها المجتمع (والمقصود هنا، الأمراض التي تعالجها المنجزات، وليس الأمراض التي قد تنخر المجتمع لا سمح الله)، فإن بعض التدابير والتخطيط والصراحة والمكاشفة، هي التي تؤسس للعلاج، ثم عندما نباشر الحلول فعلا، نكون قد وفرنا على المجتمع معاناة الانتظار دون أمل.. فإن ننتظر والأمل أمامنا، خير من أن ننتظر من دونه.والكثيرون ممن عاشوا في الريف، او حصل لهم شرف زيارته، يعرفون مقدار الوهم الذي يخلقه السراب للناظر، خصوصا اذا كان عطشان، إذ يتراءى له إن الماء أمامه، وكلما سار، كان السراب أقرب إليه، ثم لا يدركه.. ومع ذلك هو يعطيه الأمل، وقد يوصله في النهاية الى بركة ماء او (حنفية)..والحاج (نوفي) واحد من الذين نفعهم الوهم، وحل مشكلة لعائلاتهم.. فعندما زارهم أحد الأصدقاء، وكان يرتدي نظارة طبية، سأله الحاج (بروح والدك هاي النـّذارة مفيدة لنذرك؟!.. يعني لنظرك..)فيقول الضيف بحماس واعتزاز: (أيبااااااااااااااه.. لو مو هاي النـّذارة، چان آنه حياتي تلف).. ومن ساعتها ركب الحاج نوفي عفريت النظارة..فكان يلّح على ولده صباحا ومساءً لشراء (النـّذارة)..ولما لم يكن بوسع الولد شراءها لأسباب ترتبط بوجودهم في أعماق الريف من جهة، وعدم وجود المال الكافي، فقد حصل على إطار نظارة (دون عدسات) من أحد الأصدقاء، وقدمه لوالده..وعندما لبسها الحاج قال بامتنان لولده:ألف رحمة على الديس اللي رضعته.. صدك چانت حياتي تلف بدون هاي النـّذارة.. هسة صرت أشوف الفارة بكبر البعير.rnihsanshamran@yahoo.com
على هامش الصراحة: نظارات حجي نوفي

نشر في: 31 يناير, 2011: 05:20 م