بغداد/ تميم الحسن
تقترب مجموعة "أبو محمد الجولاني"، التي تُعرف بـ"هيئة تحرير الشام" وسيطرت على النظام في دمشق، من الحدود العراقية.
الجماعة أعلنت السيطرة على دير الزور ومعبر البوكمال مع العراق.
وبحسب بعض الأنباء، فإن "الهيئة" تتجه نحو "التنف"، المثلث الحدودي العراقي-السوري-الأردني، الذي يضم قاعدة أمريكية.
وفي الأثناء، وصل محمد شياع السوداني، رئيس الوزراء، في زيارة مفاجئة إلى العاصمة الأردنية عمّان.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في بيان أمس، إن السوداني التقى الملك عبد الله الثاني بن الحسين، وكان النقاش الأبرز حول التطورات في سوريا.
تأتي تلك التطورات في أعقاب زيارات مسؤولين أمريكيين إلى بغداد، وحديث فصائل عن "غرفة تخريب" للعراق تقودها بريطانيا.
وصباح الأحد الماضي، أعلنت فصائل المعارضة السورية إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد و"بدء عهد جديد" في سوريا، بعد دخول قواتها العاصمة دمشق فجراً.
بالمقابل، أكدت بغداد أن التطورات الميدانية في سوريا "كانت مفاجئة"، وقامت بتعزيز التحصينات على الحدود.
ورغم ذلك، فإن الحكومة العراقية قالت: "ليس لدينا نية للتدخل في الشأن السوري"، بحسب المتحدث الرسمي باسم الحكومة، باسم العوادي.
"التشاور مع الأصدقاء"
ويوم الثلاثاء، كان السوداني قد التقى في بغداد قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال مايكل كوريلا.
وتحدث الطرفان، بحسب بيان رسمي، عن التزام العراق بالتعاون مع التحالف الدولي والأوضاع في سوريا.
وقال السوداني إن العراق سيتابع مجريات الأحداث في سوريا، "ومصداقية الأفعال وليس الأقوال".
وكان "الجولاني" قد طالب بغداد أكثر من مرة بفتح علاقات جديدة، كما تسربت أنباء عن اتصال جرى بين الطرفين بوساطة تركية.
ورفع العراق علم النظام الجديد الذي سيطر على دمشق، على مبنى السفارة السورية في بغداد.
وفي نفس يوم وجود القائد العسكري الأمريكي، كان وفد رفيع من الخارجية الأمريكية يزور بغداد.
الوفد، الذي ضم مساعدين ومستشارين لوزير الخارجية الأمريكي، التقى وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، وركز اللقاء على الوضع السوري.
وأكد حسين، وفق البيان، "حرص العراق على التشاور مع الأصدقاء في واشنطن حول المرحلة الحالية والمستقبل السوري".
وشكلت جماعة "الجولاني"، يوم الثلاثاء، حكومة مؤقتة في سوريا تستمر في العمل حتى آذار/مارس 2025.
بالمقابل، انسحبت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" من البوكمال، وحلت فصائل "هيئة تحرير الشام" محلها في المنفذ الحدودي مساء الثلاثاء، وفق المرصد السوري.
وأشارت وسائل إعلام عربية إلى أن السيطرة على دير الزور تفتح المجال أمام الفصائل للتقدم نحو مناطق واسعة أخرى، وصولاً إلى "التنف".
"سد الثغرات"
ويخشى في العراق تمدد جغرافية الأحداث السورية، أو تحرك الخلايا النائمة من "داعش".
وفي الذكرى السابعة لتحرير العراق من التنظيم، أكد هادي العامري، زعيم منظمة بدر، على "سد الثغرات" خلال جولة مع قيادات عسكرية بين كركوك وصلاح الدين.
العامري كان قد دعا الحكومة في وقت سابق، إلى التحرك وعدم انتظار تطورات الأوضاع في سوريا.
وكان نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون، قد تبنى موقفًا مشابهًا للعامري، قبل أن يعدل رأيه بشكل مفاجئ ويؤيد "التغيير في سوريا"، وفق تغريدة نشرها على منصة "إكس".
من جانب آخر، رأت حركة النجباء، وهي ضمن ما يُعرف بـ"المقاومة العراقية"، أن هناك ترتيبات دولية لنقل المشهد السوري إلى العراق.
وزعمت الحركة في بيان، إن ما حدث في سوريا جرى عبر "غرفة عمليات في تركيا لإدارة الخراب بتدبير بريطاني ومشاركة استخباراتية من الناتو والكيان الصهيوني".
وأضاف أن "الغرفة نفسها تعمل حاليًا لتخريب العراق، ولكن بقيادة بريطانية، وهذه المرة من داخل بغداد وليس من خارج الحدود".
وانتقد الفصيل ما وصفه بـ"الاهتمام المبالغ به" بالحدود العراقية، على حساب التركيز على "الخطر الداخلي"، وفق ما جاء في البيان.
وترى طهران أيضا، أن هناك اتفاقًا دوليًا يضم إسرائيل والولايات المتحدة، بدعم من دولة إقليمية ثالثة لم تُذكر صراحة، وفق خطاب للمرشد الإيراني علي خامنئي أمس.
وفي هذا السياق، أعلن فصيل آخر فيما يسمى "المقاومة العراقية"، وهو "كتائب حزب الله"، أنه يراقب الوضع في سوريا وينتظر بروز جهات يمكن التفاهم معها لتحقيق توازن وطني في البلاد.
وأشار بيان الكتائب إلى وجود "دعم من دولتين" للأحداث في سوريا، دون الكشف عنهما صراحة.
وأكد الفصيل أن "النصرة" و"داعش" هما تنظيمان إرهابيان، "رغم محاولاتهما التظاهر بالإنسانية أمام الكاميرات".
تطويع وتطويق
في غضون ذلك، يرى أحمد الياسري، الباحث في الشأن السياسي والمقيم في أستراليا، أن العراق متأثر بالوضع السوري، وهناك مخاوف من عودة "داعش".
وقال الياسري في مقابلة مع صحيفة (المدى)، إن "إطلاق السجناء في سوريا أمر مخيف. بين المطلق سراحهم أكثر من 2500 سجين من داعش، أغلبهم قياديون".
وأضاف، أن "العراق سيُجبر على التعامل مع حكومة الجولاني، وإسرائيل ستبدأ بالتغيير في العراق انطلاقًا من سوريا، خصوصًا بعد انكسار الفصائل والانسحاب".
ويرى الياسري، وهو رئيس المركز العربي- الأسترالي للدراسات الستراتيجية، أن العراق أمام خيارين بعد ما جرى في سوريا؛ اما ان يضبط إيقاع هذه الجماعات، أو تقليل النفوذ الإيراني، والا قد يصبح هدفًا لإسرائيل.
وقال: "كل ما يحدث في سوريا سيحدث في العراق بشكل سريع ومفاجئ. بعد نجاح الولايات المتحدة وإسرائيل في سوريا ولبنان، سيأتي الدور على بغداد".
ورجّح أن "ما سيجري في العراق لن يكون بالضرورة إسقاطًا للنظام، وإنما سقوطًا للرموز الإيرانية في الداخل".
وأضاف أن الولايات المتحدة في المرحلة القادمة "ستقوم بتطويع الحكومة وتطويق الفصائل".