TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إذا ما تخلت الدولة عن التزاماتها الوطنية تتفاقم التداعيات السياسة

إذا ما تخلت الدولة عن التزاماتها الوطنية تتفاقم التداعيات السياسة

نشر في: 15 ديسمبر, 2024: 12:21 ص

عصام الياسري

منذ حدوث ثورة يوليو 52 في خمسينيات القرن الماضي في مصر والمنطقة العربية تشهد صراعات سياسية وانقلابات عسكرية على الأنظمة والاستيلاء على السلطة بالقوة. العراق، إحدى هذه الدول التي يعاني منذ انقلاب 8 شباط 1963 لغاية اليوم من التوترات السياسية وعدم الاستقرار الداخلي والإقليمي وطائلة الحروب والنزاعات العرقية والطائفية وعدوى الاستيلاء على السلطة والتمادي المفرط لاحتكارها بالاعتماد على القوى الخارجية. وإلى جانب معاناته من ازدياد ضغوط الدول المجاورة والعظمى عليه وزعزعة الفصائل المسلحة الأمن والاستقرار وتمدد العنف عبر الحدود، وصل العراق إلى طريق مسدود وحالة من عدم التوازن المجتمعي والصراعات السياسية…
ان نشاط الجماعات المسلحة خارج المسؤوليات الحصرية للدولة قد تضعف سيطرة الدولة على حدودها وضمان امنها القومي، ويتيح للجماعات المسلحة أو الإرهابية فرصة للتحرك بحرية أكبر وتهديد الدولة ذاتها. وقد تتعطل التجارة نتيجة للفوضى السياسية والاقتصادية وتؤدي إلى انسحاب المستثمرين الأجانب والتاثير على اقتصادات البلاد وتقلبات أسعار العملة الوطنية والسلع أو الطاقة وبالنهاية، النتيجة تصاعد رقعة الاضطرابات في كل الإتجاهات.
في ظل تصاعد التنافس الدولي وتدخل القوى الكبرى في شؤون دول المنطقة ومنها العراق، يقتضي، على القوى السياسية الفاعلة، داخل السلطة وخارجها، إعادة النظر في ممارساتها السياسية وشكل التحالفات التي تنضوي معها باتجاه وطني يخرج العراق من طائلة الأزمات والنزاعات وإيجاد حلول لإنهاء حالة المحاذير من شرنعة تداول السلطة تحت ذرائع واهية على اساس الدستور واحترام مبدأ المواطنة والعقيدة والإنتماء الفكري والثقافي والمجتمعي. ذلك ضرورة وطنية، تؤدي بالتأكيد، إلى تغيير الأوضاع في العراق نحو الأفضل وانهاء حالة التوترات المحيطة بالعراق…
أن تقويض قوى المعارضة يزيد من عدم الاستقرار كما ويؤثر على الحركات السياسية أو الشعبية، سواء بإلهامها أو محاذيرها من مخاطر عدم الأمان وفقدان الثقة بالنظام، أو تزيد من شعور عدم التوازنات السياسية باتجاه النظام الشمولي "ديكتاتوري" وانتشار القلق الشعبي وتجاوزه حدود الدولة كما حدث مؤخرا في سوريا وجعلها حالة محورية نحو عدم استقرار المنطقة والدول المجاورة لها مثل العراق ولبنان والأردن واضطرار هذه الدول إلى تبني استراتيجيات غير مرنة للتعامل مع التداعيات السياسية والأمنية والاقتصادية الناجمة عن مثل هذه الداعيات التي كان للدول الخارجية والعظمى وعلى رأسها أمريكا وصنيعتها إسرائيل يد في التخطيط لها والتآمر على الشعوب العربية.
الشعوب التي تشهد تراجع المفاهيم الحقوقية والإنسانية والمدنية في بلادها، تعاني غالبا من تحديات سياسية وأمنية تتطلب فترات طويلة للتعافي منها. يعتمد ذلك على حجم التأثيرات وكيفية تأقلم القيادة السياسية مع الوضع العام ووضع الحلول اللازمة لكل جوانب الحياة المختلفة، أيضا، مدى استجابة الشعب لها ودور المجتمع الدولي في تقديم الدعم أو الضغط لتخفيف الأزمات. لا تقييد الحريات ومنها حرية الرأي والتعبير والتجمع وخلق أجواء من التوتر بين المواطنين وقمع المعارضة السياسية وفي كثير من الحالات، اعتقال المعارضين والنشطاء وحتى المواطنين العاديين وحدوث انتهاكات لحقوق الإنسان بحيث يشعر الشعب بأن المؤسسات الحكومية غير قادرة على حماية مصالحه، مما يضعف الثقة في النظام السياسي وتدهور الثقة في مؤسسات الدولة.
منذ أحداث التغيير السياسي في سوريا والمجتمع السوري منقسم بين مؤيدي للنظام السابق وقوى التغيير الجديد، فيما يعيش المواطنون العراقيون بسبب ذلك حالة من القلق بشأن المستقبل، الأمر الذي يزيد من مستويات الضغط النفسي. وقد يخلق بيئة من النزاعات والصراعات الاجتماعية أو تؤدي إلى الإحباط والفوضى السياسية وفقدان الأمل والشعور بعدم معرفة مصير البلاد…
إن تجربة أحداث سوريا وتهاوي النظام بهذه السرعة الدراماتيكية وعدم معرفة خطوط التماس بين الحاضر والمستقبل، ينبغي على الطبقة السياسية الماسكة بالسلطة في العراق ومن بينهم عقلاء القوم أن يتعلموا من الدرس السوري لإعادة حساباتهم السياسية والعقائدية والجلوس مع معارضيهم لإيجاد تسوية سياسية شاملة نحو آفاق جديدة وسد الطريق أمام مخططات القوى الإستعمارية لبناء عراق المستقبل الذي تحترم فيه حقوق المواطنين وتحقيق مشروع الدولة المدنية الضامنة وإنهاء نظام المحاصصة الطائفية القاتلة قبل فوات الأوان…

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

السوداني يتلقى دعوة رسمية لزيارة سلطنة عُمان

القانونية النيابية تكشف لـ(المدى) موعد استئناف جلسات البرلمان.. هذا أبرز ما سيُمرر

السوداني والحلبوسي يؤكدان أهمية مواصلة تنفيذ ورقة الاتفاق السياسي

مبابي يهدد باريس سان جيرمان بعقوبات خطيرة

قراءة أمريكية لتداعيات سقوط الأسد على العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

السِّجن السّياسيّ: المطبِق وبيت البراغيث إلى قصر النّهاية وصيدنايا

العمود الثامن: اقفاص الأسد في يومها الأخير

العمود الثامن: تذكروا أنكم بشرٌ

العمود الثامن: أهلا بكم في الديمقراطية العراقية

العمود الثامن: دولة مدنية

العمود الثامن: تذكروا أنكم بشرٌ

 علي حسين كعادتي كل صباح اقرأ عمود الكاتب الصحفي سمير عطا الله في الشرق الأوسط، وهو يجمع بين السياسة والأدب والفلسفة ، وفي عموده قبل يومين تناول موضوعة القادة الذين يتوهون ان عقولهم...
علي حسين

كلاكيت: ترامب في معاركه مع السينمائيين

 علاء المفرجي مرة أخرى، يُجدّد الأميركيون انتخابهم دونالد ترامب. ومرّة أخرى تحظى الانتخابات الأميركية بمثل هذا الاهتمام العالمي، لأسباب عدّة، لعل في مقدّمتها انسحاب المنافس الرئيس لترامب، جو بايدن، والانسحاب كان لصالح نائبته...
علاء المفرجي

احمد الشرع..بمنظور علم نفس الشخصية

د. قاسم حسين صالح تنويههذه المقالة، او الدراسة، لا علاقة لها بالسياسة، انما هي سيكولوجية خالصة تدخل ضمن تخصص في علم النفس بعنوان (علم نفس الشخصية Psychology of Personality)..تهدف الى تقديم حالة واقعية في...
د.قاسم حسين صالح

" البعث" بدِمشق وبَغْداد.. غساسنة ومناذرة

رشيد الخيون بعد إزاحة "البعث" في 9 أبريل 2003 مِن سدة السُّلطة ببغداد؛ ظل جناحه السُّوريّ قائماً بدِمشق حتَّى 8 ديسمبر 2024، يحكمها على قلق، حتى انتهى بعد 61 عاماً. كان الأسد يعرف النتيجة،...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram