ثائر صالح
يقترب هذا العام من نهايته، ليبدأ عام جديد الفاصل بينهما رمزي، وأقول اصطلاحي صنعه الإنسان. مع ذلك نولي الانتقال في التقويم - أي تقويم - أهمية بدرجات مختلفة. يتبع ذلك ما جرى اعتباره محطات مهمة، مثل الذكرى اليوبيلية لحدث ما، وهي مناسبة للتذكر والتذكير بهذا الحدث. وتحتفل الدول والمؤسسات الموسيقية بذكرى كبار الموسيقيين بدرجات مختلفة ولأسباب مختلفة كذلك. فالتذكير بالمنجز الإبداعي لهم يترافق مع اعتبارات سياسية ودعائية وسياحية وحتى ربحية - تسويقية، ربما كل هذه الاعتبارات مجتمعة أو بعضها.
نجد بين أبرز المحتفى بهم هذا العام البوهيمي (التشيخي) بدرجيخ سميتانا في ذكرى ميلاده المئوية الثانية آذار الماضي، والإيطالي فروتشو بوزوني في مئوية وفاته الأولى في تموز، ثم احتفلنا في أيلول بالمئوية الثانية لولادة النمساوي أنطون بروكنر وبالذكرى 150 لولادة مواطنه آرنولد شونبرغ، وبالذكرى 150 لولادة الإنكليزي غوستاف هولست. وأخيراً احتفلنا بالذكرى المئوية الأولى لوفاة كل من الفرنسي غابرييل فوريه والإيطالي جاكومو بوتشيني. وقد كتبت عن أغلب هذه المناسبات خلال العام.
شهدت بداية العام أحداث كثيرة تتعلق بمستقبل فرقة الأوبرا القومية الانكليزية (ENO) الذي ظللته قرارات مجلس الفنون البريطاني الحكومي بوقف التمويل السنوي البالغ 12,8 مليون باون ودفعها لمغادرة لندن إلى مانشستر كشرط للحصول على الدعم المالي، ضمن خطة المجلس لتقليص دعم الفنون في لندن بين 2023 - 2026 بواقع 50 مليون باون. تأسست الفرقة سنة 1931 ومقرها الكوليسيوم الذي يقع بالقرب من ساحة ترافالغار، وهو ليس بعيداً عن دار الأوبرا والباليه الملكية في الكوفنت غاردن.
وما دمنا نتحدث عن لندن، لا أزال أتذكر الحفل الذي أُقيم في مرآب سيارات لتقديم سيمفونية مالر الثانية، والنقاشات التي دارت حول هذه "المغامرة" بسبب اختيار المكان، هل هو مناسب أم لا وما هي الإيجابيات والفوائد والسلبيات والنواقص. بالمناسبة، كنت أمر خلال إقامتي القصيرة في لندن بالقرب من قاعة الاحتفالات الملكية يومياً تقريباً ولم أعرف إنها مقر فرقة الفيلهارمونيا التي قدمت سيمفونية مالر إلا لاحقاً.
وقد أعلنت كاتدرائية نوتردام باريس ربيع خلال هذا العام تعيين عازفي أورغن أحدهما تيبو فاجول البالغ من العمر 22 سنة، وهو قرار أثار الكثير من النقاش لصغر سن العازف الذى "أبلى بلاء حسنا" في احتفال إعادة افتتاح الكاتدرائية المهيب السبت الماضي، الحفل الذي حضره زعماء 40 بلدا.
ويأتي تقديم "زرقاء اليمامة" أول أوبرا باللغة العربية في الرياض بالمملكة العربية السعودية في 25 نيسان ضمن الأحداث البارزة في 2024. المؤلف هو الأسترالي لي برادشو (47 سنة) وقد كتب الأوبرا استناداً إلى نص ليبرتو الأديب السعودي صالح زمانان، قدمتها فرقة دريسدن السيمفونية والكورس الفيلهارموني التشيكي وأدت دور زرقاء اليمامة المتزو سوبرانو الانكليزية دام سارا كونولي. وتشهد العديد من العواصم والمدن في الخليج وشبه الجزيرة بذل المزيد من الأموال على تقديم الموسيقى الكلاسيكية الأوروبية والأوبرا، منها دور أوبرا في عمان والامارات وقطر، عبر استقدام فرق وكوادر أجنبية مما قد يساعد على تطوير وتنويع الذائقة الفنية في هذه البلدان.
موسيقى الاحد: حصاد العام 2024
نشر في: 15 ديسمبر, 2024: 12:27 ص