TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > العمودالثامن: رسائل عراقية إلى سوريا

العمودالثامن: رسائل عراقية إلى سوريا

نشر في: 15 ديسمبر, 2024: 12:47 ص

 علي حسين

منذ الزلزال السوري وانا اتابع البيانات الصادرة من احزابنا السياسية التي تحولت بقدرة قادر الى وديعة ومحبة للدولة المدنية ، ومنادية للحريات واحترام الآخر ، ولانني ،وبكلّ حسن نيّة، كانت هذه الجواهر الخطابية تتحدث عن اهمية الحكم الرشيد في بناء الأوطان .
أعذروا جهلي فأنا منذ أن بدأت بكتابة هذا العمود قبل اكثر من خمسة عشر عاما ، لديّ مشكلة مع ما يقوله سياسيونا " الاعزاء والمسؤولون عن الاصلاح واصحاب شعارات المواطنة" ، وتراني أضحك كلما أسمع "سياسيا " من هؤلاء يذرف الدمع على حال العراقيين، ويطلق الزفرات والآهات على أحوال البلاد والعباد، والأموال التي سلبت في وضح النهار. فما بالك أن أقرأ هذه الأيام مطولات ووصايا للشعب السوري وحركاته السياسية تطالبهم بان يقدموا مصلحة البلاد على مصالحهم الخاصة ، وذهب الخيال بعيدا بسياسيينا فطالبوا القيادات السورية الجديدة ببناء وطن يضم الجميع، إلى آخر الشعارات الوردية ، حيث اكتشف ساستنا اننا نعيش في اليابان ، البلاد لم تتعرض للنهب المنظم ، والاقليات لم تتم مصادرة حريتها وفرض قوانين قرقوشية عليها ، ولم يتم الاستحواذ على مؤسسات الدولة والتوسع في الفُرقة والطائفية،ولم يقتل شباب العراق لمجرد خروجهم باحتجاجات تطالب بالعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد .
إياك عزيزي القارئ أن تظنّ أنّ "جنابي" يهدف إلى السخرية من بيانات السياسيين العراقيين ، فانا مثل اي مواطن عراقي لا حول ولا قوة له ، اصبت بالعجب العجاب وانا ارى واسمع ساسة البلاد يشيدون بالدولة المدنية ويحذرون من الطائفية، ويطالبون السوريين بإنجاز المشروع الوطني الذي بدأناه نحن منذ ان رفعنا شعار " انتخبوا جماعتنا " .
هذه هي الحقيقة ، لا حدود للسخرية من المواطن العراقي، ولهذا عندما يقول احد كبار السياسين في بلاد الرافدين ان :" على السوريين اجراء التغيير وبناء دولتهم بعملية سياسية تشترك فيها كل مكونات الشعب السوري دون تهميش وإقصاء والالتزام بالدولة والنظام". فلا ينبغي أن نصاب بالدهشة ، فليس أمامك عزيزي القارئ، سوى أن تصدّق هذه البيانات ، خصوصاً عندما يصرف اصحابها وقتهم الثمين على كتابة هذه التوجيهات ليثبتوا للعالم اننا اسرعنا بإنجاز " تبليط " الخط السريع للإصلاح " بدليل ان الكتل السياسية لا تزال تتعارك في الفضائيات من اجل اقرار قوانين " السلة الواحدة " ، ورفع شعار " هذا لي وهذا لك " داخل قبة البرلمان .
للأسف يعاني العراقيون من مشكلة عميقة مع خطابات السياسيين ، فهم رغم ما يبدونه من إخلاص ورغبة في متابعة خطاباتهم ، لا يبدو أنهم يستطيعون حلّ ألغاز ما يقولونه ، ولا يريدون أن يفهموا أنّ ساستنا غير مسؤولين عن ما جرى خلال الواحد والعشرين عاما الماضية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. مهند البياتي

    منذ 12 شهور

    معظمهم صعدوا لتقاسم الكعكة، كما يُصرح الكثير منهم

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram