علي حسين
منذ الزلزال السوري وانا اتابع البيانات الصادرة من احزابنا السياسية التي تحولت بقدرة قادر الى وديعة ومحبة للدولة المدنية ، ومنادية للحريات واحترام الآخر ، ولانني ،وبكلّ حسن نيّة، كانت هذه الجواهر الخطابية تتحدث عن اهمية الحكم الرشيد في بناء الأوطان .
أعذروا جهلي فأنا منذ أن بدأت بكتابة هذا العمود قبل اكثر من خمسة عشر عاما ، لديّ مشكلة مع ما يقوله سياسيونا " الاعزاء والمسؤولون عن الاصلاح واصحاب شعارات المواطنة" ، وتراني أضحك كلما أسمع "سياسيا " من هؤلاء يذرف الدمع على حال العراقيين، ويطلق الزفرات والآهات على أحوال البلاد والعباد، والأموال التي سلبت في وضح النهار. فما بالك أن أقرأ هذه الأيام مطولات ووصايا للشعب السوري وحركاته السياسية تطالبهم بان يقدموا مصلحة البلاد على مصالحهم الخاصة ، وذهب الخيال بعيدا بسياسيينا فطالبوا القيادات السورية الجديدة ببناء وطن يضم الجميع، إلى آخر الشعارات الوردية ، حيث اكتشف ساستنا اننا نعيش في اليابان ، البلاد لم تتعرض للنهب المنظم ، والاقليات لم تتم مصادرة حريتها وفرض قوانين قرقوشية عليها ، ولم يتم الاستحواذ على مؤسسات الدولة والتوسع في الفُرقة والطائفية،ولم يقتل شباب العراق لمجرد خروجهم باحتجاجات تطالب بالعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد .
إياك عزيزي القارئ أن تظنّ أنّ "جنابي" يهدف إلى السخرية من بيانات السياسيين العراقيين ، فانا مثل اي مواطن عراقي لا حول ولا قوة له ، اصبت بالعجب العجاب وانا ارى واسمع ساسة البلاد يشيدون بالدولة المدنية ويحذرون من الطائفية، ويطالبون السوريين بإنجاز المشروع الوطني الذي بدأناه نحن منذ ان رفعنا شعار " انتخبوا جماعتنا " .
هذه هي الحقيقة ، لا حدود للسخرية من المواطن العراقي، ولهذا عندما يقول احد كبار السياسين في بلاد الرافدين ان :" على السوريين اجراء التغيير وبناء دولتهم بعملية سياسية تشترك فيها كل مكونات الشعب السوري دون تهميش وإقصاء والالتزام بالدولة والنظام". فلا ينبغي أن نصاب بالدهشة ، فليس أمامك عزيزي القارئ، سوى أن تصدّق هذه البيانات ، خصوصاً عندما يصرف اصحابها وقتهم الثمين على كتابة هذه التوجيهات ليثبتوا للعالم اننا اسرعنا بإنجاز " تبليط " الخط السريع للإصلاح " بدليل ان الكتل السياسية لا تزال تتعارك في الفضائيات من اجل اقرار قوانين " السلة الواحدة " ، ورفع شعار " هذا لي وهذا لك " داخل قبة البرلمان .
للأسف يعاني العراقيون من مشكلة عميقة مع خطابات السياسيين ، فهم رغم ما يبدونه من إخلاص ورغبة في متابعة خطاباتهم ، لا يبدو أنهم يستطيعون حلّ ألغاز ما يقولونه ، ولا يريدون أن يفهموا أنّ ساستنا غير مسؤولين عن ما جرى خلال الواحد والعشرين عاما الماضية.