علي حسين
قرأنا في أخبار البلدان التي يديرها بشر، وليس قادة مكلفين شرعيا بإذلال الناس، ان الجمعية الوطنية في كوريا الحنوبية قررت عزل رئيس الجمهورية يون سوك. ماذا فعل هذا المجرم ليستحق الطرد؟ لقد قرر ذات يوم، اعلان الاحكام العرفية، لكنه تراجع عن القرار بعد ساعات عندما وصلت اخبار غضب البرلمان ومعه الحزب الذي ينتمي اليه.. لم تتوقف الاخبار في كوريا الجنوبية، وزير الدفاع يعتذر ويحاول الانتحار، الجهات المسؤولة توجه تهمة التمرد الى الرئيس وتمنعه من السفر، الرئيس يقول نادما انه سيبذل كل ما في وسعه لخدمة بلاده حتى اللحظة الأخيرة، شاكرا جميع من وجه له انتقادات.
بماذا يذكرك هذا المشهد عزيزي المواطن العراقي؟. بالتأكيد بقرار السيد نوري المالكي عام 2010 بالانقلاب على الانتخابات التي خسرها، واصراره على مواصلة الجلوس على كرسي رئاسة الوزراء لولاية ثانية وكان يطمح بالثالثة.. وسيذكرك بالتأكيد بما فعله عادل عبد المهدي بحق شباب تشرين، وخروجه من الازمة " مثل الشعرة من العجين "، بل تحول بعدها الى مصلح وطني.
مع الأحكام التي أصدرها القضاء الكوري، تذكّر عزيزي القارئ البراءة المباركة التي صدرت بحق "المؤمن" فلاح السوداني الذي لفلف أموال الحصة التموينية، وتذكر أيضا حالة الخجل التي أصابت القوى السياسية وهي ترى الوزير ملاس عبد الكريم ينهب وزارة التجارة دون أن يقترب منه أحد لأنه ينتمي إلى عائلة دينية، وتذكر أكثر ما فعله أيهم السامرائي مع اموال الكهرباء، ولا أريد منك بالتاكيد أن تتذكر الحيتان الكبيرة التي لهفت عشرات المليارات، فهي فوق القانون والمحاسبة.
دائما وأنا أتابع ما يجري في بلاد العجائب، العراق، أسال ما سرّ بلدان مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة واليابان.. وكنت كعادتي اتابع كل ما ينشر عن هذه البلدان ، فوجدت ان في كوريا الجنوبية لا يسمح لرئيس الوزراء بأداء القسم أمام الجمعية الوطنية مالم يقدّم كشفاً بأسماء أبرز مستشاريه .
يكتب الروائي ماريو فارغاس يوسا قائلا "إن بلدان العالم بدأت تشفى من تخلفها عندما تخلت عن فكرة الزعيم الخطيب"، لكننا ياسيدي صاحب الرواية الشهيرة "حفلة التيس"، لا نزال نعيش في ظل ساسة رافعين شعار "وحدي وليذهب الجميع الى الطوفان" مجبولون على كره بلادهم، يعيش الشعب معهم على الهامش، أكثر من ثمانمائة شاب قتلوا بدم بارد لم يجدوا حتى اللحظة أي مسؤول يقف منتظرا أمام بيوت أهاليهم ليواسيهم، أو يمد يده إليهم. تقوم تجارب الحكومات الناجحة على الصدق والمشاعر الإنسانية. فيما تعيش حكوماتنا على اعلان انزعاجها من المواطن .