ترجمة / حامد أحمد
حذر الخبير الأمني العالمي لشؤون الشرق الأوسط، تشارلز ليستر، في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز من ان داعش قد يستغل الفراغ الأمني الذي خلفه سقوط النظام السوري في شمال شرقي البلاد ليعيد ترتيب صفوفه، مشيرا الى انه يتوجب على الولايات المتحدة وشركائها ان يستخدموا كل الوسائل المتوفرة لمنع ظهوره في وقت ما يزال التنظيم يمارس الابتزاز للحصول على تمويل وان هجماته هذا العام بلغت 700 هجوم أكثر بثلاثة أضعاف هجماته في العام الماضي.
وقال الخبير الأمني ليستر، انه في الوقت الذي فقد فيه التنظيم كل الأراضي التي كان يسيطر عليها خلال مرحلة الخلافة المزعومة قبل طرده من العراق وآخر معقل له في سوريا، فان تهديده لم يتبدد بعد، ولكن على النقيض من ذلك فانه نفذ منذ كانون الثاني ما يقارب من 700 هجوم في سوريا، مسجلا ثلاثة اضعاف معدل هجماته المنفذة العام الماضي، وان هجماته النوعية والمميتة ازدادت هذا العام مع توسعه الجغرافي.
وأشار الخبير الأمني الى انه بالإضافة الى حملة داعش التي استمرت لشهور من الهجمات على منشآت صناعة النفط السورية، فان شبكة الابتزاز سيئة الصيت للتنظيم عادت للظهور مرة أخرى مشكلة بذلك مورد تمويل جديد ما يؤشر ذلك على عودة نشاطه المحلي ما يستدعي الانتباه والحذر.
ويذكر التقرير ان الولايات المتحدة قضت ما يقارب من عقد من السنين في محاربة داعش في العراق وسوريا مع احتفاظها بـ900 جندي أميركي في سوريا لمتابعة هذه المهمة. وانه في هذه اللحظات الحرجة التي تمر بها سوريا يتطلب اتخاذ خطوات عاجلة لضمان عدم خسارة المكتسبات المتحققة من كبح داعش.
وكان داعش قبل كل شيء يعتبر أحد أعراض الفوضى التي عاشتها سوريا خلال حربها الاهلية وليس سببا لها. فهو يعتمد على عدم الاستقرار والمعاناة الإنسانية وحالات الاستياء الداخلية لطرح نفسه مستقطبا مجنديه ومبررا افعاله الإرهابية. ولمنع داعش من ملء الفراغات الناجمة عن تبعات سقوط نظام الأسد، فانه يتوجب على الولايات المتحدة وحلفائها ان يستخدموا كل وسيلة متوفرة لمحاربة ومكافحة ظهوره من جديد.
ويشير الخبير الأمني إلى ان قوات نظام الأسد، التي كانت تحاول صد تنظيم داعش من التوسع، قد تركت مواقعها في كل انحاء وسط سوريا، وان مقاتلي المعارضة السورية سعت الان لملء قسم من هذه الفجوات ولكن اعدادهم لا تسع لذلك وان قدرتهم لتنسيق حملة صحراوية معقدة ضد مسلحي داعش تعتبر محدودة في أفضل حالاتها. وكان أول رد أميركي لهذا الفراغ المفاجئ قد جاء الاحد من الاسبوع الماضي عندما وجهت الطائرات الأميركية ضربات ضد 75 هدفا لداعش عبر كل مناطق وسط سوريا، مؤكدا بان على الجيش الأميركي ان يبقى يقظا خلال الأسابيع القادمة لضرب داعش حيث يسعى لتحشيد موارد ويعيد صفوفه او تنفيذ هجمات.
ويذكر التقرير ان أغلب سوريا ما تزال عبارة عن شبكة من قوات فصائل مسلحة، كل واحدة منها لها دوافعها الخاصة. وعبر الثمان سنوات الماضية كانت الولايات المتحدة قد تحالفت مع فصائل القوات الديمقراطية السورية الكردية التي مهدت الطريق لسقوط داعش في الرقة عام 2017. وتواجه هذه القوات الان تحديا وجوديا. الجيش الوطني السوري، فصائل منافسة مدعومة من تركيا، سيطرت الان على بلدات ستراتيجية كانت تحت سيطرة القوات الديمقراطية السورية وتحاول السيطرة على كوباني أيضا. وتم التوصل الثلاثاء لاتفاقية وقف إطلاق النار بين الفصيلين تحت وساطة أميركية، ولكنها اتفاقية هشة. ولهذا فانه يتوجب على الولايات المتحدة ان تقف بجانب القوات الديمقراطية السورية لتجنب التصعيد، ويتطلب هذا الامر مراقبة عسكرية ودبلوماسية أكثر. وكان وزير الخارجية الاميركي، انتوني بلينكن، قد زار أنقرة قبل عدة أيام، وهي خطوة جيدة، حيث تمتلك تركيا الكثير من مفاتيح الصراع الدائر هناك.
ووسط كل هذا التغيير والتشويش تكمن هناك أزمة المحتجزين في شمال شرقي سوريا، حيث هناك عشرات الألوف من مسلحي داعش المعتقلين برفقة نسائهم واطفالهم في معتقلات تحت حماية القوات الديمقراطية السورية. وتتوجب إعادة هؤلاء السجناء لبلدانهم الاصلية وان تتم محاكمتهم على الجرائم التي ارتكبوها اثناء انضمامهم لصفوف التنظيم.
ويشير الخبير الأمني، ليستر، الى انه في كل الأحوال ليس هناك حل سريع بخصوص مشكلة داعش. ولكن إذا لم تتخذ على الاقل أي من هذه الخطوات، فان حلفاء الولايات المتحدة في سوريا قد يتشتتون بالنهاية بسبب الخلاف الداخلي والهجمات الخارجية، الامر الذي قد يؤدي الى انسحاب عسكري أميركي متعجل. ومع وجود بوادر لعودة داعش أصلا واستعداده لتلقي تعزيز مهم، فان أي مغادرة أميركية للساحة قد تشكل كارثة.
- عن نيويورك تايمز