عبدالله السكوتيدخل احميد الفهد إلى المقهى، وكنت توا قد جلست لاحتسي قدح الشاي، فطرح علي فكرة الصعود، إلى مكتبة المدى لنحضى بما أعدته لنا من منوعاتها الثقافية في كل لون وفن، فاشترطت عليه أن يحكي لي حكاية قبل كل شيء، وسألته عن حملة الحريات وما هو تصوره عمّا يحدث، من هجوم من قبل بعض الأطراف التي تحاول أن تقيد حريات الناس تحت مسميات متعددة، فقال:(ما يجرع المر الا البكلبه داي) قلت إن هذا من السويحلي، فقال:(جان يمنه مجاورنه، زلمه يشتغل بالعماله، والمسكين متزوج مره مو حلوه كلش،
وهذا المسكين من جور كلبه جان يشرب هبهب، يجيبله اربيع اوياه يوميه ايشربه واينام، لايحاجي احد ولا ابد، ينسه التعب ويقراله بيت ابو ذيه وينام، صخمت عيشته، ليليه فضحتنه، شهرتنه بين الناس، كالها يمعوده ياناس؟ هو اكو واحد يدري بيّه اشرب)، لكن المرأة مضت في غيها لتقلب له البيت جحيما، وفي يوم من الأيام جزع الرجل وصارحها بالحقيقة:(اكلج تدرين هذا الربع شيسوي، هذا ايسويج حلوه أبعيني)، فرحت المرأة وأخذت تعد المزه بيدها واقترحت عليه أن يتعدى الربع ليراها أكثر جمالا، (او هسّه خويه عبد الله، هم اتريدني افسرلك ياهم اللي لازم أيصيرون حلوين بعيونّه لو تعرفهم)، ضحكت وقلت له كلا فهذا الأمر منوط بي ومنذ زمان، انشغلت عنه في زحمة المكان، وكان قد رافق احد من أصدقائه القدامى، وبقيت أحدق في الموجودين واربط بينهم وما ينطوون عليه من ثقافة وبين ما يدعي البعض من أن حملة الحريات كانت لأجل شيء واحد، ومع هذا فقد عدت إلى قول الرجل لامرأته من أن الخمرة تجعلها جميلة في عينه، وهو كلام كي يكسبها إلى جانبه ويشتري صمتها به، ورحم الله أبا إسحاق الصابي حين قال:تشابه دمعي في الهوى ومدامتيأرى مثل ما في الكأس عينيّ تسكب فو الله لا ادري أفي الكأس أسبلتجفوني أم من دمع عينيّ اشرب ومن المؤكد ان فلسفة الصابي تختلف عن فلسفة الرجل الذي يحاول أن يجعل زوجته جميلة في نظره، وهذا الجمال المرحلي ليس هو الغاية، بل هو خطأ يقع فيه الإنسان عندما يسمح بمصادرة حريته، خصوصا بعد أحداث مصر وتونس التي أظهرت مدى قوة الشعب و ما هي إمكاناته، ما يعني أن الصبر على الحكومات لا مبرر له ولا حاجة أن نرى هذا جميلا وذاك قبيحا، لقد فتحت الأبواب على مصاريعها، ومن لا نريده سوف نخرج لنقول له: هذا لنا وهذا علينا ويكفينا مجاملات، سوف نعد عليهم خطواتهم، وسوف نخرج لنرى الموازنات أين تصرف والى أي الجهات تذهب، وكم من الأموال قد صرفت على الكهرباء وعلتها لم تزل مستعصية، وسنطالب بعودة مياه دجلة العذبة ولا نتوقف أمام الفقر كالبلهاء. لا نريد أن نرى الأحلام والاغترار بالمواعيد التي تلد مواعيد أخرى، لا احد دفع بقدر ما دفع الشعب العراقي، ولا احد له السلطة في دفعه باتجاه أفكاره والتزاماته تجاه الخارج؛ لقد اندفع الاسلاميون في مصر للوقوف على رأس أبطال الانتفاضة من الطلبة والمثقفين، وأول ما طالبوا به هو التسيد منذ البداية، أي أن سرقة الانتفاضة على الأبواب، وهي طريقة معروفة بقدر تأثير هؤلاء على البسطاء من الناس ومناغاة مشاعرهم، بالعدل والحق ليضمنوا لهم الدنيا وغيرها بكلام يتناقلونه شفاها لا يغني عن جوع، وفي النهاية تتكشف اللعبة التي لا تخلو من لصوصية، ليتعلم الشعب درسا لا يلبث أن ينساه، وكل هذا بسبب الدعاوى التي تفتقر إلى مسوغات أو تجارب عملية على الأرض، لنعود نبكي على صوت السويحلي:(ما يجرع المر إلا البكلبه داييا معدن الدر صاير حليل اعفين)
هواء فـي شبك: (ما يجرع المر إلا البكلبه داي)

نشر في: 31 يناير, 2011: 08:01 م