متابعة / المدى
في بغداد، يتيح لك الوقت ان تتحدث طويلاً مع سائق التاكسي بسبب الازدحامات المملة وعدم تنظيم المرور لكثرة السيارات، بالرغم من وجود المجسرات الجديدة التي بنيت حديثاً.
طوابير طويلة من السيارات وأصوات المنبهات وعربات (التك تك)، وليس غريباً ان تتنتظر السيارات لأكثر من 15 دقيقة دون أن تتحرك، خاصة في أوقات بداية ونهاية الدوام.
لكن سائق التاكسي، زهير حسين، يوضح: "ليس في اوقات الدوام فحسب. فالازدحامات تتكرر طوال اليوم في الشوارع والجسور الرئيسة لعدم التزام السائقين بتعليمات واشارات المرور التي لم تعد تنفع، ومشكلتنا الرئيسة اليوم هي الازدحامات وعليك ان تتحلى بالصبر وانت تمضي أكثر من ساعة لقطع مسافة لا تزيد عن 7 كيلومترات".
عن الاوضاع هنا، يجيب مباشرة وعلى الطريقة العراقية: "بخير. الحمد لله نحن بخير لولا هذه"، مستطرداً: أن "الوضع الامني جيد ومستقر، لكننا نخشى من التهديدات الاسرائيلية فنحن شبعنا حروباً وقتالاً وليست لدينا طاقة للمشاكل".
في الجزرات الوسطية وفي الشوارع الرئيسية تقرأ لافتات مثل "حكومتك في خدمتك"، فالخدمات متواصلة لتوسيع بعض الطرق او اعادة اعمار الابنية وستكون هناك جهود اضافية لتحسين صورة بغداد التي تم اختيارها عاصمة للسياحة العربية لعام 2025. حركة الحياة تتدفق منذ الساعة السادسة صباحاً بسبب الدوام الرسمي، الساعة الثامنة صباحاً حتى الثانية بعد الظهر، الاسواق تزدحم بالناس والبضائع، وفي المساء يلتئم لقاء البغداديين مع عوائلهم في المقاهي والمطاعم المختلفة، والتي تبقى ابوابها مفتوحة حتى ساعات متأخرة من الليل، ذلك ان مناطق كثيرة في بغداد لا تنام حتى ساعات الفجر الاولى، فأهالي هذه المدينة يحبون الحياة، خاصة في مناطق الكرادة داخل والكاظمية والاعظمية والمنصور.
يقول سعد الكرخي الذي افتتح مع اصدقائه مطعماً صغيراً على ضفاف نهر دجلة في منطقة الشواكة التي يعود تاريخها الى بغداد العباسية بجانب الكرخ، لتقديم الاكلات البغدادية المعروفة: "فكرنا أنا واصدقائي بمشروع مطعم بسيط، لكنه متميز واسميناه (مطعم خان الذهب) تيمناً بمسلسل تلفزيوني شعبي (خان الذهب) الذي تم تصويره في بيت بغداد تراثي على ضفاف النهر، مجاور لمطعمهم، يبقى فاتحاً ابوابه حتى الساعة الثانية فجراً"، مضيفاً: "البغداديون يحبون السهر خاصة وان موقعنا متميز باطلالته على النهر". ومن يزور بغداد لابد له من السهر في منطقة (الصدرية) الشعبية التي تشتهر مقاهيها بتقديم (القيمر والكاهي)، وهناك يختلط السياح بسكان المنطقة التي تعد من أقدم مناطق العاصمة السكنية والقريبة من محلة (الفضل) بجانب الرصافة والتي يعود تاريخها الى العصر العباسي.
الامن والاستقرار هو ما شجع البغداديين على السهر، فاينما تمضي ستجد رجال الشرطة والمفارز الامنية الذين يتعاملون بلطف مع الناس. ليست المطاعم او المقاهي هي وحدها التي تسهر، بل حتى المحلات التجارية. يقول علي الاسدي، وهو صاحب محلات لبيع الملابس في الكرادة إن "الوضع الامني بخير، قبل سنوات كنا نسمع اصوات الانفجارات ونجمع جثث الضحايا، تماماً مثلما حدث في ذلك المجمع التجاري"، مشيراً الى مجمع يقابلنا تماماً، عندما قتل أكثر من 3300 عراقي بسبب حادث ارهابي في ليلة عيد الاضحى، "واليوم ودعنا هذه الحوادث التي فتكت ببغداد واهلها لاستتاب الامن." يعلق الشاعر العراقي عارف الساعدي، مدير عام دائرة الشؤون الثقافية في وزارة الثقافة الاتحادية، ونحن نحتسي الشاي في واحد من أجمل مطاعم ومقاهي بغداد (البغدادي)، الذي يحتل جزءاً واسعاً من شارع ابو نؤاس المطل على نهر دجلة: "بغداد اليوم هي غيرها بغداد الامس التي كانت تعاني من جرائم تنظيمات القاعدة وداعش والجريمة المنظمة، ففي مثل هذه الساعة المتأخرة من الليل نجد ان هذا المقهى يزدحم بالعوائل وهم يشعرون بالامان، وهذا اهم ما تحقق من انجازات رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، تحقيق الامن مهمة لم تكن سهلة".
وأشار الى أن "بغداد اليوم استعادت موقعها الثقافي والسياحي البارز، ففي آن واحد يقام معرض دولي للكتاب (معرض العراق الدولي للكتاب)، ومهرجان دولي للمسرح (مهرجان بغداد الدولي للمسرح)، بينما تحول شارع المتنبي بعد تجديده الى واحة ثقافية وسياحية في آن واحد حيث تسهر فيه العوائل".
وكشف الساعدي عن ان "الجهود تتوجه الان الى انجاز المرحلة الاولى من اعمار شارع الرشيد بعد ان تمت اعادة اعمار زقاق السراي الحكومي قرب شارع المتنبي".