TOP

جريدة المدى > سياسية > مراقبون: الفساد يعطل تنفيذ المشاريع الصحية ويؤدي إلى نقص حاد في السعة السريرية!

مراقبون: الفساد يعطل تنفيذ المشاريع الصحية ويؤدي إلى نقص حاد في السعة السريرية!

نشر في: 18 ديسمبر, 2024: 12:11 ص

بغداد – تبارك عبد المجيد
أصبحت المشاريع الصحية المتعثرة مشهدًا مألوفًا يعكس سنوات من التحديات والفرص الضائعة. مبانٍ غير مكتملة وهياكل إسمنتية مهجورة تنتشر في المدن، لتروي قصة ضعف التخطيط وغياب الرقابة، وسط تفشي الفساد وسوء الإدارة.
وأعلنت وزارة التخطيط في وقت سابق عن وجود أكثر من 1000 مشروع متلكئ في مختلف القطاعات، حيث يمتد هذا التعثر ليشمل مجالات متعددة، ما يكشف عن ضعف أداء الشركات المنفذة وانتشار الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة، الأمر الذي أسهم في ظهور ظاهرة المشاريع الوهمية، خاصة في القطاع الصحي.
مستشار التنمية الصناعية، عامر الجواهري، قال إن العراق يستورد أدوية بقيمة تقارب 3 مليارات دولار سنوياً، لافتاً إلى تفاوت التقديرات بشأن نسبة الإنتاج المحلي للأدوية، حيث يُعتقد أن الإنتاج المحلي يغطي ما بين 30 إلى 40 في المئة من احتياجات السوق. وأوضح الجواهري في حديث لـ(المدى)، أن هذه النسبة تُعتبر جيدة، إلا أن العراق لا يزال بحاجة إلى خطوات حكومية فعلية لتوطين صناعة الأدوية وتعزيز الإنتاج المحلي.
أشار الجواهري إلى أن "التوجه نحو توطين صناعة الأدوية بدأ يتحول من أقوال إلى أفعال"، مشدداً على أن الجهود المبذولة حالياً تتطلب تسريعاً في التنفيذ. وقال: "نحن بحاجة إلى تقديم تسهيلات أكبر للقطاع الخاص العامل في مجال صناعة الأدوية، خاصة من ناحية تقليص الروتين الإداري الذي تسبب في تأخير العديد من المصانع قيد التنفيذ". وأكد أن تحسن الأوضاع مؤخراً ساهم في تذليل بعض الصعوبات، لكن الطموح يستدعي تسريع الإجراءات بشكل أكبر.
كما دعا الجواهري إلى تسهيل العمليات المرتبطة بإنتاج الأدوية، مثل التجارب الدوائية والحصول على التصاريح اللازمة من وزارة الصحة والمختبرات المختصة، موضحاً أن تعزيز الإنتاج المحلي سيسهم بشكل كبير في تقليل الاعتماد على الاستيراد، ويدعم الاقتصاد الوطني بشكل ملموس.
وفيما يتعلق بقطاع الرعاية الصحية، أبدى الجواهري قلقه من استمرار ظاهرة سفر العراقيين إلى الخارج لتلقي العلاج، حيث يتوجه المرضى إلى دول مثل الهند، إيران، الأردن، والإمارات، إضافة إلى دول أخرى أكثر بعداً، بحثاً عن خدمات طبية متقدمة. وقال: "من الضروري أن تدرس الجهات المختصة حجم الأموال التي تُنفق على العلاج خارج البلاد، مع إيجاد حلول عملية لتوفير خدمات صحية متكاملة داخل العراق".
وأضاف الجواهري: "لدينا مستشفيات جيدة في العراق، خصوصاً في إقليم كردستان، لكنها غير كافية لتلبية احتياجات المجتمع العراقي بأكمله". وشدد على ضرورة توسيع نطاق الرقابة على المستشفيات، سواء الحكومية أو الأهلية، لضمان تقديم خدمات طبية ذات جودة عالية بعيداً عن أي ابتزاز أو استغلال للمرضى.
وأكد الجواهري أن تعزيز الرقابة على التمريض والمتابعة المستمرة لحالة المرضى يجب أن يكون من أولويات النظام الصحي، بهدف رفع مستوى الخدمات الطبية والحد من ظاهرة الاعتماد على الخارج، ما يساهم في تحسين الرعاية الصحية وتخفيف العبء المالي على المواطنين.
ارجع الناشط في مجال الصحة، د. علي أنور، التحديات الكبيرة التي تواجه القطاع الصحي في العراق، إلى تأخر مشاريع البنى التحتية وتعطيل المستشفيات والمراكز الصحية، بسبب الفساد المستشري وسوء الإدارة.
وقال د. أنور في حديث لـ(المدى)، إن "الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة أدى إلى تعطيل تنفيذ العديد من المشاريع الحيوية، مما انعكس سلباً على مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين".
وأوضح أن العراق يعاني من نقص حاد في عدد المستشفيات والمراكز التخصصية، بالإضافة إلى قلة الأجهزة الطبية المتوفرة، الأمر الذي يجعل القطاع الصحي غير قادر على تلبية احتياجات السكان. وأضاف: "لا توجد مدينة عراقية يمكن وصفها بالمكتفية من حيث السعة السريرية في مستشفياتها. فعلى سبيل المثال، هناك مدن يصل عدد سكانها إلى 600 ألف نسمة، ولكن سعة مستشفياتها لا تتجاوز 200 إلى 250 سريراً".
وأكد أن "النقص الحاد في السعة السريرية يؤدي إلى تأخير تقديم الخدمات الطبية، مما يزيد من تفاقم الأوضاع الصحية في البلاد".
وبيّن أنور أن السبب الرئيسي وراء هذا التدهور يعود إلى الفساد الذي يعرقل تنفيذ المشاريع الصحية ويعيق تأهيل البنية التحتية للمستشفيات. وقال: "المشاريع الصحية، سواء على مستوى الإنشاء أو التجهيز، لا تسير وفق الخطط الموضوعة بسبب سوء الإدارة وغياب المحاسبة"، مشدداً على ضرورة وضع حد لهذه الممارسات لتحقيق تحسن ملموس في القطاع الصحي.
وأشار أنور إلى أن "على الرغم من صرف مبالغ طائلة خلال السنوات الماضية على القطاع الصحي، إلا أن الوضع يتجه نحو الأسوأ". ولفت إلى وجود شبهات فساد تتعلق بعقود شراء الأدوية والمستلزمات الطبية، في الوقت الذي تعاني فيه المستشفيات الحكومية من نقص حاد في الأدوية ومتطلبات العلاج الأساسية.
ودعا الحكومة إلى ضرورة التدخل العاجل لمكافحة الفساد وتفعيل المحاسبة، لضمان إنجاز المشاريع الصحية المتوقفة وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، مؤكداً أن إنقاذ القطاع الصحي يجب أن يكون أولوية قصوى في المرحلة المقبلة.
من جانبه، ذكر المحلل السياسي محمد زنكنة أن العملية السياسية في العراق تأسست على مبدأ التوافق لضمان مشاركة جميع الأطراف والطوائف السياسية، خاصة بعد عقود من التهميش الذي شعرت به العديد من الفئات الدينية والعرقية. وأوضح زنكنة في حديثه لـ(المدى) أن هذا التوافق تحول تدريجياً إلى محاصصة حزبية وطائفية وقومية، ما أدى إلى هيمنة هذه الأطراف على السلطة وتغلغل الفساد في مؤسسات الدولة.
وأشار زنكنة إلى أن "العملية السياسية باتت وسيلة لتبييض الأموال وسرقة ثروات العراق عبر مشاريع وهمية"، مستشهداً بقضية سرقة القرن المتورط فيها نور زهير وآخرون. وأوضح أن هؤلاء المتهمين قاموا بتقسيم الثروات المسروقة، في حين لا يزال بعضهم أحراراً يتنقلون بين الدول دون أي محاسبة.
وفي سياق متصل، بيّن زنكنة أن "الفساد المستشري في البلاد أدى إلى تعطيل التنمية، حيث إن نحو 70 في المئة من المشاريع المعلنة بقيت حبراً على ورق ولم تُنفذ". وأضاف أن الحكومة العراقية عاجزة عن محاسبة الفاسدين من أصحاب المناصب العليا، الذين ما زالوا يتمتعون بنفوذ قوي داخل المشهد السياسي.
وعن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية، لفت زنكنة إلى تفاقم أزمة الفقر والبطالة، مشيراً إلى وجود أكثر من 10 ملايين عراقي تحت خط الفقر، فيما وصلت نسبة البطالة إلى نحو 43%. كما كشف أن 80 مليار دولار من ميزانية العراق أُهدرت خلال الفترة بين عامي 2005 و2014، بسبب سوء الإدارة والفساد.
وتطرق زنكنة إلى أزمة النازحين، مؤكداً أن آلاف العراقيين ما زالوا يعيشون في المخيمات، نتيجة سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على خمس محافظات عراقية سابقاً، وسط عودة محدودة للنازحين. وأشار إلى استمرار القضايا العالقة، مثل أزمة سنجار وتراكم الخلافات مع إقليم كردستان، ما يعرقل جهود الاستقرار.
شدد زنكنة على أن الفساد والمحاصصة الطائفية والقومية تشكلان العقبة الأكبر أمام أي محاولات للإصلاح في العراق، مؤكداً أن استمرار هذه الأوضاع يعرقل الحلول الجذرية للمشاكل التي تواجه البلاد على الصعيد السياسي، الاقتصادي والاجتماعي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الموارد المائية تنفي إزالة سد بادوش في نينوى

العراق يتأثر بمرتفع جوي سطحي يؤدي لاستقرار الطقس وصعود الحرارة 3 درجات

«الفصائل المتقاعدة» تزاحم الإطار التنسيقي على المناصب!

غرفة البرلمان الثانية.. مجلس الاتحاد يعود إلى الواجهة وقلق من التنافس الحزبي

العمود الثامن: مستشار كوميدي!!

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

«الفصائل المتقاعدة» تزاحم الإطار التنسيقي على المناصب!
سياسية

«الفصائل المتقاعدة» تزاحم الإطار التنسيقي على المناصب!

بغداد/ تميم الحسن تثير الفصائل العراقية «المتقاعدة»، بعد توقف الحرب في «غزة» ومع حزب الله اللبناني، مخاوف سياسية في الداخل من التحول إلى «منافس شرس». هذه الفصائل بدأت منذ شهر مفاوضات مع الحكومة والتحالف...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram