TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مرسي خطوة متأخرة وناقصة

مرسي خطوة متأخرة وناقصة

نشر في: 9 ديسمبر, 2012: 08:00 م

أتت خطوة الرئيس المصري، بإلغاء الإعلان الدستوري، الذي منحه صلاحيات استثنائية متأخرةً ، وتحت ضغط الشارع ، وبعد نشوب أزمة سياسية حادة، وهي خطوة ناقصة، من حيث أبقت الاستفتاء على مشروع الدستور المثير للجدل في موعده، وبما ينذر باستمرار الأزمة، ونشوب مخاوف حقيقية من تكريس الانقسام في المجتمع المصري، وهو انقسام تعمد بالدم عند أسوار قصر الاتحادية، حيث مقر الرئيس المحاصر بحشود المصريين، الرافضين لتمتعه بامتيازات سلطوية، لم يحصل عليها أي دكتاتور من الذين تتابعوا على الحكم، منذ إطاحة النظام الملكي، قبل أكثر من ستين عاماً.

لا يؤشر تراجع الرئيس عن بعض إعلانه الدستوري، على فهم طبيعة ما يجري في مصر اليوم، بقدر ما يؤكد أنه تراجع تكتيكي، تواجهه جبهة الانقاذ الوطني، بالدعوة إلى الاستمرار في التظاهر والاحتشاد السلمي، حتى تحقيق المطالب، ملوحةً بالإضراب العام، لإسقاط ذلك الإعلان، باعتباره باطلاً من أساسه، وفاقدا للمشروعية والشرعية، وإرجاء الاستفتاء على مشروع الدستور، الذي تصفه بالباطل، والصادر عن جمعية مشكوك في شرعيتها، وتتهمه بمصادرة الحرية، وافتقاده إلى ابسط ضمانات حقوق الفلاحين والعمال والموظفين والنساء والاطفال، وكافة فئات المجتمع المهمشة، وبما سيقود إلى إعلان الإضراب العام، مع ما يعنيه ذلك من نتائج سلبية، تمس حياة المواطنين واقتصاد البلاد المنهك، ويؤثر على السلم الأهلي.

قبل أن يعلن مرسي قراراته، كان الإخوان المسلمون يسعون لتوريط رجلهم في القصر الرئاسي، بعد أن ورطوه بالإعلان، وتحديد موعد الاستفتاء على الدستور، فقد طلع علينا المرشد العام للجماعة بتصريحات، سمعنا مثلها الكثير، وفيها أن هناك مؤامرة خارجية وداخلية ضدهم، متجاهلا أن الجماعة ورطت رجلها في إعلان " غير دستوري"، لتناقضه بالكامل مع ركنين أساسيين، حلف اليمين على احترامهما، وهما فصل السلطات والمحاسبة، حيث جمع بين يديه السلطتين التشريعية والتنفيذية، مع بروز الشهوة لضم القضائية، وكل ذلك معصوم من أي مساءلة.

بات واضحاً أن هناك خلطاً عند جماعة الإخوان، فهم لم يدركوا أنهم في موقعهم السلطوي كأغلبية، يستطيعون فقط إدارة الشؤون العامة المتغيرة، ولكن وفق أنظمة ثابتة، ولم يدركوا أن الدستور هو الثابت، الذي يمنح كل المواطنين نفس الحقوق، بغض النظر عن الدين أو الفكر أو السياسات، وأنه بغير ذلك يتحول الحاكم إلى دكتاتور، في زمن تمرد فيه المصريون على دكتاتور، كان يمتلك من أدوات السلطة، ما يفوق كثيراً ما امتلكته جماعة الإخوان، التي تدير القصر الجمهوري على أساس مصلحتها الحزبية، وليس على أساس المصلحة العامة لكل المصريين.

الرئيس محمد مرسي مدعو لأن يكون رئيساً لكل المصريين، وليس أداة تنفيذ بيد المرشد العام للجماعة، التي لم تكن وحدها من أوصله إلى الحكم، وليس غريباً اليوم أن يتواجد في صفوف المتظاهرين ضد قراراته، من منحه صوته في الانتخابات، على أساس مشروعه النهضوي، الذي يتم التراجع عنه يومياً، لصالح استبداد الجماعة بالحكم، باعتبار أن الرئيس الإخواني، ليس أكثر من أداة تنفيذية بيد مجلس الشورى، يعمل لإعلاء مصالح الإخوان، على مصلحة الوطن والمواطن.

مؤكد أنه حتى التراجع الجزئي لمرسي، لن يرضي صقور الجماعة، المتحفزين للتشبث بالسلطة، تحت شعار الدفاع عن الثورة، التي اندلعت بدونهم وقطفوا وحدهم ثمارها، ومؤكد أن القوى الشعبية لن تهدأ، حتى يتم التوافق على أن الديمقراطية هي أساس الحكم، وأن العودة إلى حكم القائد الفرد، وتسمية الدولة باسمه لم تعد ممكنة، وأن التوافق يجب أن يظل السمة الأساس في حياة مصر، وعلى أساس أن لا أحد يحب الوطن أكثر من الآخرين.  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram