بغداد/ تبارك عبد المجيد
تشهد محافظة بابل أزمة سكن خانقة بسبب ارتفاع أسعار العقارات وتعقيد الإجراءات المصرفية، ما دفع الكثير من السكان إلى البناء العشوائي على الأراضي الزراعية.
الناشط عباس الصالحي، من أهالي المنطقة، يوضح أن المشكلة لا تقتصر فقط على الأسعار المرتفعة، بل تشمل أيضاً تعقيد الآليات المصرفية التي تجعل شراء الوحدات السكنية أمراً بعيد المنال للكثيرين. ويرى الصالحي أنه كان من المفترض على الحكومة أن تبسط إجراءات الشراء وتعمل على خفض الأسعار بما يتماشى مع القدرة الشرائية لسكان المحافظة، إلا أن غياب الرؤية الواضحة لمعالجة الأزمة أدى إلى تفاقم الظاهرة بشكل كبير.
وبين لـ "المدى"، ان غياب الحلول الجذرية أدى إلى انتشار ظاهرة السكن العشوائي في محافظة بابل، حيث اضطر العديد من السكان إلى البناء على الأراضي الزراعية والمساحات الخضراء بسبب عدم توفر خيارات أخرى.
وفقاً للبيانات الصادرة عن مديرية التخطيط العمراني في بابل، بلغ عدد وحدات السكن العشوائي 30 ألف وحدة منذ عام 2003. هذه الظاهرة التي نشأت بسبب أزمة السكن وغلاء أسعار العقارات، كان لها تأثيرات سلبية متعددة، أبرزها الضرر الذي لحق بالبيئة وموارد المحافظة، فضلاً عن تدهور البنية التحتية في المناطق التي توسعت بشكل عشوائي.
من جانبه، يشير الصالحي إلى أن الحل الأمثل لهذه الأزمة يكمن في توجيه الاستثمار نحو مشاريع سكنية تستهدف أصحاب الدخل المحدود، مع التركيز على إنشاء هذه المشاريع في مناطق خارج المناطق المزدحمة والمكتظة بالسكان. ويضيف أن هناك حاجة ماسة لتوفير خدمات أساسية في المناطق السكنية الجديدة، سواء كانت هذه المناطق رسمية أو عشوائية، إذ تعاني المؤسسات الحكومية من عجز واضح في تقديم هذه الخدمات حالياً.
رئيس هيئة استثمار بابل، عبد الجليل الشجيري، كشف عن الحاجة الماسة لتوسيع المشاريع السكنية في المحافظة لتلبية الطلب المتزايد على الوحدات السكنية. وأوضح أن "محافظة بابل تحتاج إلى ما يقارب 200 ألف وحدة سكنية لتغطية احتياجات السكان المتنامية، مشيراً إلى أن معظم الأراضي الواقعة ضمن حدود البلدية تم تخصيصها لفئات معينة، مثل الشهداء والجرحى، مما قلل من الخيارات المتاحة لبقية المواطنين".
وفي إطار خطة عام 2024، أعلنت الهيئة عن عزمها إنشاء 17 مجمعاً سكنياً جديداً بسعات تتراوح بين 50 إلى 350 وحدة سكنية لكل مجمع. وستتوزع هذه المشاريع بين البناء الأفقي في المناطق المحيطة بمركز مدينة الحلة والبناء العمودي في وسط المدينة.
الشجيري أكد لـ(المدى)، أن "هذه المشاريع ستكون متاحة لجميع المواطنين بغض النظر عن مناطق سكنهم الأصلية، مما يسهم في تعزيز الخيارات السكنية وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين".
وعلى صعيد متصل، أكد علي نجم نور، المستشار الفني لمحافظة بابل والمتحدث الرسمي باسم ديوان المحافظة، أن مشروع "بيوت واطئة الكلفة" الذي بدأ العمل عليه في عام 2012 قد شارف على الانتهاء بعد أن بلغت نسبة إنجازه 95 في المئة. المشروع يهدف إلى توفير 480 شقة سكنية، وتم تمويله جزئياً من وزارة التخطيط وديوان المحافظة.
وأشار نور إلى وجود مشاريع استثمارية أخرى قيد التنفيذ، مثل مجمع "الصفوة" ومجمعات "آشور 1 و2 و3"، التي يتم تنفيذها بالتعاون مع المصرف العقاري. هذه المشاريع توفر خيارات دفع مرنة، حيث يمكن للمواطنين دفع دفعة أولية تتراوح بين 30 و35 مليون دينار، مع تقسيط باقي المبلغ، الذي يبلغ 120 مليون دينار، عبر المصرف العقاري.
في خطوة تهدف إلى تقليل الضغط على الأراضي السكنية، تم تفعيل قرار مجلس الوزراء رقم 320 بالتعاون مع وزارة البلديات، لتحويل الأراضي الزراعية إلى أراضٍ سكنية مخدومة بالكامل. وقد بدأ العمل على تنفيذ هذا القرار في عدة أحياء ضمن مدينة الحلة وباقي أقضية ونواحي المحافظة، باستخدام الجهد الهندسي والخدمي التابع لمكتب رئيس الوزراء.