محمد العبيدي/ المدى
يستعد البنك المركزي العراقي، لإيقاف التعامل بالمنصة الإلكترونية الخاصة بتحويلات الدولار إلى الخارج، وسط تساؤلات عما إذا كان القرار يشير إلى تخلي البنكين المركزي العراقي، والفيدرالي الأمريكي عن مراقبة حركة الدولار، أم اعتماد آلية جديدة، يمكن أن تنأى بسعر الصرف عن التقلبات الحالية، وتعيده إلى مستواه الطبيعي.
وأطلقت المنصة الإلكترونية مطلع عام 2023، وهي تمثل نظاماً لتدقيق الحوالات بالدولار قبل تنفيذها، بدلاً من التدقيق الذي كان يجريه البنك الفيدرالي الأمريكي بعد التنفيذ.
وواجهت المصارف والشركات والتجار في العراق بعض التحديات، قبل التكيف مع الطريقة الجديدة، لكنها خضعت أخيرًا بعد سلسلة تدريبات تلقاها موظفو هذه المصارف، قبل التوافق بشكل كامل مع عمل المنصة.
ووفق الآلية الجديدة للتحويلات، ستقتصر العمليات على المصارف التي تمتلك علاقات مصرفية دولية أو ما يعرف بـ"البنوك المراسلة"، حيث يرى البنك المركزي العراقي، وكذلك الفيدرالي الأمريكي بأن هذه الخطوة ستعزز الرقابة بشكل أكثر تخصصاً ودقة، عبر حصر الحوالات بالدولار بيد عدد محدود من المصارف التي تتمتع بمعايير مصرفية دولية وقدرة على التعامل مع البنوك العالمية.
تحذيرات من التداعيات
لكن الباحث في المجال المالي والمصرفي، مصطفى أكرم يرى أن "إيقاف العمل بالمنصة الإلكترونية (FITR) وحصر الحوالات بالدولار في أربعة مصارف مملوكة لمستثمرين أجانب، يهدد بتداعيات خطيرة على النظام المصرفي المحلي، وربما يواجه النظام المصرفي العراقي بشكل شامل عقوبات، مما يتسبب في تسريح آلاف العاملين في القطاع المصرفي الخاص، لصالح المصارف الأجنبية".
وأضاف أكرم لـ(المدى) أن "هناك قلقا من احتكار الدولار من قبل تلك المصارف، ما قد يؤدي إلى تذبذبات جديدة في سعر الصرف، ويعكس ضعفاً في قدرة البنك المركزي على تحقيق التوازن والمنافسة في القطاع المصرفي مع الحفاظ على السيادة المصرفية للعراق".
واقترح أكرم "ضرورة تمديد العمل بالمنصة الإلكترونية بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية الجديدة، والسماح للمصارف العراقية بفتح حسابات في البنوك الدولية الكبرى لتعزيز قدرتها التنافسية"، مشددًا في الوقت ذاته على "أهمية توضيح آلية التدقيق مع شركات دولية مثل (إرنست أند يونغ) للحوالات غير الدولارية، ومعالجة وضع المصارف العراقية المعاقبة".
وبلغة الارقام، فإن عدد المصارف المشاركة في مزاد بيع العملة في العراق وتنفيذ الحوالات الخارجية، حوالي 15 مصرفا فقط، من أصل أكثر من 70 مصرفا عاملا في العراق، بعد سلسلة عقوبات استهدفت هذه المصارف، لكن فقط 5 مصارف تمتلك مصارف مراسلة في الخارج، وتسيطر هذه المصارف الخمسة على 95% من الحوالات، وهو ما يثير تساؤلات الاقتصاديين عن آثار هذا المشهد في سوق الدولار.
البنك المركزي يرد
لكن مسؤولًا في البنك المركزي العراقي، قال لـ(المدى): إن "إجراءات الانتقال إلى البنوك المراسلة تتم بسلاسة كبيرة، وقد بدأنا فعلًا بهذا الإجراء منذ عدة أشهر، وهذا يعني عدم وجود قلق أو خوف من مسألة ارتفاع سعر الصرف وتأثيره على الأسواق"، مشيرًا إلى أن "هناك وجهات نظر متعددة تجاه ملف التعامل مع الدولار، لكن هذه القناعة وصلنا لها بعد سلسلة بحوث ودراسات، وإجراءات ميدانية". وأضاف المسؤول الذي طلب حجب اسمه، أن "البنك المركزي عمِل على اتجاهين، الأول: توسيع شمول العملات مثل اليوان الصيني، والروبية الهندية، والدرهم الإماراتي، وآخرها الريال السعودي لتقليل الضغط على الدولار"، مشيرًا إلى أن "الاتجاه الثاني، هو تطوير الكثير من المصارف المحلية، لتكون مؤهلة للمشاركة في التحويلات بشكل مكثف".
ويتخوف اقتصاديون من إمكانية ذهاب بعض المصارف غير المشمولة بالتحويلات، إلى تلبية متطلبات زبائنها نحو السوق الموازية، مما قد يؤدي لعودة ارتفاع الدولار في العراق.
ماذا عن سعر الصرف؟
من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي علاء الفهد أن الطلب على الدولار ليس دائماً طلباً حقيقياً، بل جزء كبير منه يرتبط بتجارة غير رسمية أو طلب غير فعلي"، مشيرًا إلى أن "إيقاف المنصة قد يؤثر على سعر الصرف في بادئ الأمر، ليرتفع الدولار مقابل الدينار، لكن من المتوقع أن يستقر السوق عند سعر الصرف الرسمي المعتمد من البنك المركزي، دون وجود فجوة بين السوق الرسمي والموازي".
وأضاف الفهد لـ(المدى)، أن "المصارف العراقية بدأت تتماشى مع المعايير الدولية، حيث أصبح العديد منها يمتلك علاقات مع بنوك مراسلة خارج العراق، ما يجعلها تعمل وفق السياقات العالمية، بما في ذلك الشمول المالي ونظم الدفع الإلكتروني".
القطاع المصرفي يترقب آلية الدولار الجديدة.. قلق من الـ"حيتان" والمركزي يطمئن
نشر في: 22 ديسمبر, 2024: 12:05 ص