السليمانية / سوزان طاهر
أخيرا وبعد طول انتظار وصل لأكثر من 70 يوما، باشرت حكومة إقليم كردستان بصرف رواتب الموظفين، ولكن المفاجأة أنها صرفت رواتب شهر تشرين الأول، في حين أنه، اقتربنا من نهاية شهر 12، ونهاية العام بأكمله. وأعلنت وزارة المالية في حكومة إقليم كردستان قائمة بجدول صرف رواتب الموظفين لشهر تشرين الأول، تبدأ يوم 17 من الشهر الحالي، وتنتهي يوم الـ 23 من ذات الشهر، لكن الأزمة ستبقى قائمة، لآن تأخير الرواتب مستمر، وليس هنالك اتفاقاً موقعا بين بغداد وأربيل، يقضي بصرف الرواتب بشكل طبيعي.
وتُعد أزمة تأخر الرواتب في إقليم كردستان جزءًا من التحديات الاقتصادية التي يعاني منها الإقليم منذ فترة، نتيجة الخلافات المالية بين حكومة الإقليم والحكومة المركزية في بغداد. وعاش الموظفون في الإقليم، أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق نتيجة تأخر صرف الرواتب وتطبيق نظام الادخار الإجباري الذي مارسته حكومة إقليم كردستان لسنوات عدة.
وبدأت عدد من الدوائر والمدارس إضراباً شاملاً عن الدوام في السليمانية وضواحيها، بسبب تأخر صرف رواتبهم لأكثر من 70 يوما، وسط تبادل الاتهامات بين بغداد وأربيل، عن المسؤول عن الأزمة.
النفط مسؤولية بغداد
وحمل عضو برلمان إقليم كردستان السابق عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبوار بابئكي الحكومة الاتحادية مسؤولية استمرار أزمة الرواتب، وعدم إيجاد الحل النهائي لها. وبين في حديث لـ(المدى) أن "حكومة إقليم كردستان أوفت بجميع الالتزامات التي عليها، وسلمت جميع القوائم، وأبدت تعاونا كبيراً مع بغداد، من جميع النواحي، ولم تبق أي حجة عليها". وأضاف أنه "فيما يخص النفط، فإن توقف التصدير عائد للحكومة الاتحادية، كونها لم تصل لاتفاق مع الشركات المصدرة، ولم تتفق مع تركيا، ونحن سلمنا الملف كاملاً إلى شركة سومو، وهي المسؤولة عن نفط الإقليم". مشيراً إلى أن "المبلغ الكلي لرواتب الموظفين في الإقليم يقدر بـ 996 مليار دينار، فيما الحكومة الاتحادية ترسل شهريا المبلغ بنقص يتجاوز الـ 200 مليار دينار، وتطلب من الإقليم إكمال النقص من الإيرادات الداخلية".
ولفت إلى أن "حكومة الإقليم لديها التزامات أخرى غير الرواتب، فهي مسؤولة عن تقديم الخدمات البلدية والصحية، وإدامة مشاريع الكهرباء والماء، وتقديم الخدمات للمدارس والجامعات، وبالتالي إذا صرفنا جميع الإيرادات للرواتب، فستتوقف الخدمات، وهذا غير ممكن، وبالتالي بغداد يجب أن ترسل رواتب الموظفين شهريا كاملة، ومن دون نقص، تطبيقاً لقرار المحكمة الاتحادية".
ويعاني الموظفون والعاملون في القطاع العام بإقليم كردستان من اوضاع معيشية صعبة جراء تأخر صرف مرتباتهم ومستحقاتهم الشهرية، وبسبب ذلك بدأت الاضرابات عن الدوام الرسمي تتصاعد بوتيرة عالية في محافظة السليمانية لتشمل قطاعات حيوية من المستشفيات والمدارس وغيرها من الدوائر والمؤسسات الحكومية. وقررت المحكمة الاتحادية صرف رواتب الموظفين في إقليم كردستان، عبر توطينها في البنوك الاتحادية حصرا، على أن يتم الصرف من بغداد دون عراقيل، لحين الانتهاء من عملية التوطين.
الحلول سهلة
ومن جهة أخرى أكد وكيل وزير المالية الأسبق فاضل نبي أن، المشاكل كثيرة بين الإقليم وبغداد، ومن أعقد هذه المشاكل هي قضية الرواتب، التي تستمر شهريا دون حلول، بسبب تعنت جميع الأطراف، وتمسكها برأيها.
وأشار خلال حديثه لـ(المدى) إلى أن "المشاكل ناتجة عن سوء الفهم بين الطرفين، فدائما بغداد لديها ملاحظات على القوائم المرسلة من الإقليم التي ترسلها وزارة المالية في كردستان، وكل شهر تظهر مشكلة جديدة".
وأردف أن "الطرفين يحتاجان إلى جلسة بين وزارتي المالية في الحكومة الاتحادية، ووزارة المالية في الإقليم، ويتفقان على طريقة خاصة لإرسال رواتب الموظفين، وطريقة إعداد القوائم، وعدد الموظفين، وجميع المتعلقات المطلوبة، ويحدد وقت لإرسال هذه القوائم، حتى لا تتكرر هذه القضية شهريا".
وذكر أنه "مادام هنالك قرار من المحكمة الاتحادية بصرف الرواتب، والنية متوفرة لحل المشاكل، فالأمر ليس صعباً، ويحتاج فقط لإبداء المرونة من الطرفين، لآن المتضرر الأكبر هو المواطن".
وكان مساعد رئيس مجلس وزراء إقليم كردستان للشؤون الاقتصادية والإدارية، ريباز حملان قد اتهم في تصريحات سابقة، حكومة بغداد باختلاق المبررات والأعذار مختلفة، لتأخير إرسال الرواتب، لافتا إلى أن "وزارة المالية الاتحادية لديها بعض الملاحظات على قوائم الموظفين وخاصة نظام (البايومتري)، وعلى بعض الترفيعات في بعض الدوائر الحكومية في الاقليم”.
وبالرغم من الزيارات المتبادلة للوفود السياسية والفنية، والتي كان آخرها زيارة وزيرة المالية طيف سامي، إلى أربيل، إلا أن مسألة رواتب الموظفين، ما تزال تنطوي على الكثير من التعقيدات والإشكاليات الإدارية والقانونية.
التوطين هو الحل
ويحمل النائب السابق وعضو اللجنة المالية النيابية أحمد الحاج رشيد، حكومة إقليم كردستان مسؤولية استمرار أزمة الرواتب لموظفي الإقليم.
ويضيف في حديثه لـ(المدى) أنه "ليس من المعقول أن تتكرر هذه الأزمة الشهرية، وحل سهل جداً، فقط من خلال إلتزام حكومة الإقليم بتوطين الرواتب على المصارف الاتحادية، وتسليم 50% من الإيرادات الداخلية من عائدات المنافذ والضرائب إلى بغداد، بشكل شهري، وفق ما نص عليه قانون الموازنة العامة".
وتابع أنه "لو قامت حكومة الإقليم بهذه الخطوات، فإنه لن تبقى أي حجة على بغداد، وستلتزم بصرف الرواتب لجميع الموظفين في الإقليم مع موظفي باقي المحافظات العراقية بشكل شهري، وبوقت محدد".