دعا الصابئة المندائيون في الديوانية، مجلس النواب والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، إلى تخصيص مقعد لهم في مجلس المحافظة، خلال الانتخابات المحلية المقبلة، وفي حين حظي ذلك بتأييد نواب عن المحافظة، أبدى رئيس مجلس المحافظة "استغرابه" من الطلب مؤكداً أن "لا حاجة" لمن يمثل هذه الطائفة لعدم اعتماد مثل هذا التقسيم بالنسبة للمكونات المحلية الأخرى.
وقال رئيس مجلس شؤون الصابئة المندائيين في الديوانية، خالد ناجي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "الصابئة المندائيين في الديوانية يشكلون نسبة مهمة لكنها قد لا تتيح لهم الحصول على مقعد في مجلس المحافظة خلال الانتخابات المقبلة"، مشيراً إلى أن "مطالبات عديدة وجهت لأغلب أعضاء الحكومة المحلية في الديوانية فضلاً عن عدد من نوابها بشأن منح أبناء الطائفة هذا المقعد ضماناً لتمثيلهم والمدافعة عن حقوقهم التي لم يحصلوا على شيء منها من قبل".
وأضاف ناجي، أن "حيفاً كبيراً وقع على أبناء الطائفة في السنوات الماضية مما أدى إلى هجرة أغلب شبابها لعدم حصولهم على فرص مناسبة للتعيين في دوائر الدولة بسبب غياب من يمثلهم في الحكومة المحلية ويؤمن لهم فرصة الحصول على نسبة من الوظائف أسوة بباقي المكونات".
واتهم رئيس مجلس شؤون الصابئة المندائيين في الديوانية، مجلس المحافظة بأنه :لم يراع حق الصابئة المندائيين بالحصول على فرص التعيين أو غيرها من الحقوق التي تؤمن لهم فرص العيش الكريم، على الرغم من مطالبتنا بذلك مراراً وامتلاك أبنائنا المؤهلات المطلوبة كالشهادات الجامعية الأولية والعليا"، لافتاً إلى أن "ذلك أدى إلى هجرة أولئك الشباب إلى المحافظات الأخرى أو لخارج البلد بحثا عن العمل وتأمين مصادر العيش".
وزاد ناجي، أن "خمسة مقاعد منحت للصابئة بقانون نيابي لأربع محافظات هي بغداد( الكرخ والرصافة)، البصرة، ميسان وذي قار"، معرباً عن أمله أن "يكون للديوانية نصيبها في التمثيل أيضاً ليكون هذا العضو مجسداً لآمال وطموحات الصابئة المندائيين في المحافظة التي تعد من أبرز المحافظات العراقية في مجال التعايش السلمي بين مكوناتها".
وأكد رئيس مجلس شؤون الصابئة المندائيين في الديوانية، أن "أبناء الطائفة لا يطالبون بمقعد خاص بهم في مجلس المحافظة من أجل النفوذ أو المال أو الوجاهة إنما بهدف إيصال صوتهم إلى الحكومة والدفاع عن وجودهم"، مستطرداً أنهم "طالبوا الكثير من النواب في أكثر من مناسبة بدعم هذا المقترح بسبب تهميش البعض من المسؤولين لنا، وعدم ردهم على كثير من استفساراتنا بل وحتى اتصالاتنا الهاتفية".
وأعرب عن "شعور أبناء الطائفة بالحسرة والأسف لتجاهلهم وعدم الالتفات إليهم أو تمثيلهم في أغلب المناسبات ومنها العيد الوطني العراقي الذي لم نتسلم بطاقة دعوة لحضوره"، مسترسلاً أن "الصابئة سيظلون يطالبون بحقوقهم ويرفعون أصواتهم إلى أن تتم الاستجابة لمطلبهم"، بحسب تعبيره.
يذكر أن تاريخ وجود الصابئة في الديوانية (180 كم جنوب بغداد)، ويطلق عليهم باللهجة العراقية الدارجة اسم (الصبة)،يعود لأكثر من قرنين، ويبلغ عددهم في المحافظة حالياً نحو (90) أسرة منتشرة في أحياء مركز مدينة الديوانية، ويشاركون في أغلب المناسبات الدينية والأعياد مع باقي المكونات في المحافظة .
من جهته عد رئيس مجلس محافظة الديوانية، أن "المجلس يمثل أبناء الديوانية كافة ويدافع عن حقوقهم ويصونها، لذلك لا حاجة لمن يمثل الصابئة فيه تحديداً لعدم اعتماد مثل هذا التقسيم بالنسبة للآخرين".
وقال جبير سلمان الجبوري، رئيس المجلس، في حديث إلى (المدى برس)، إن "مجلس المحافظة يعد ممثلاً شرعياً لأبناء المحافظة كافة على اختلاف قومياتهم أو طوائفهم ومذاهبهم"، مشيراً إلى أن "المجلس يدافع عن الجميع ويعمل مع الجميع ويقف على مسافة واحدة منهم بمهنية وحيادية وموضوعية"، بحسب تعبيره.
وذكر الجبوري، أن "حكومة الديوانية ابتعدت تماماً عن الطائفية والمذهبية والمناطقية والحزبية برغم وجود بقايا مثل ذلك في باقي المحافظات"، مضيفاً أن "المجلس يمثل الصابئة والمسيحيين والسنة والشيعة ولا يميز بين أحد منهم في قراراته برغم أنه لا يضم ممثلاً للسنة أوالشيعة أو المسيحيين أو غيرهم من أتباع الأديان أو الطوائف الأخرى ليكون للصابئة ممثلا عنهم".
وأكد رئيس المجلس، أن "حكومة الديوانية لم تكن مسؤولة عن التعيينات التي أطلقتها الوزارات حتى تحمل تبعات عدم منح الصابئة حصة منها"، لافتاً إلى أن "الوزارات تطلق التعيينات بالاستمارة الإلكترونية وتعتمد الدرجات للمفاضلة أو التنافس بين المتقدمين ولا علاقة للحكومة المحلية بهذا الملف".
وكان النائب عن محافظة الديوانية، والقيادي بائتلاف العراقية البيضاء، عزيز شريف المياحي، قد دعا في بيان أصدره في وقت سابق من اليوم، إلى "منح أبناء طائفة الصابئة المندائيين مقعداً في مجلس محافظة الديوانية".
وقال المياحي، في بيانه، إن "الصابئة يمثلون نسبة غير قليلة من أبناء محافظة الديوانية، لكننا لم نجد لهم مقعداً أو حصة (كوتا) في مجلس المحافظة الأمر الذي يبتعد عن مفهوم الشراكة بين أبناء الطوائف ومكونات الشعب العراقي".
وتعتبر الديانة المندائية من أقدم الديانات الحية في العراق، ويصفها بعض الباحثين بأنها أول ديانة موحِدة في تاريخ البشرية، وتؤكد مصادر تاريخية مختلفة أنها نشأت في جنوبي العراق، وما يزال أتباعها يتواجدون في المحافظات الجنوبية حتى الآن، بالإضافة إلى إقليم الأحواز في إيران، كما يوجد الآلاف منهم في الولايات المتحدة ودول أوروبية أبرزها النرويج وأستراليا والسويد وهولندا، حيث هاجروا إليها واستقروا فيها في غضون العقدين الماضيين.
ويفضل أبناء الطائفة العيش قرب ضفاف الأنهار، لإيمانهم بقدسية الماء وطهارته وما له من أثر روحاني في معتقداتهم الدينية.