TOP

جريدة المدى > سينما > في معرض استعادي بمناسبة مئويته: مارسيلو ماستروياني، ملك أوروبا بدون تاج، أو مبالغة

في معرض استعادي بمناسبة مئويته: مارسيلو ماستروياني، ملك أوروبا بدون تاج، أو مبالغة

نشر في: 26 ديسمبر, 2024: 12:01 ص

ترجمة: عدوية الهلالي
كان عاملًا في المعادن، وبناءً، وطالبًا في الهندسة المعمارية، وسجينًا في معسكر عمل في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، وموظفًا في مكتب، وشخصية رومانسية، باختصار، كان اسمه الأول كافيًا لتعريفه،لأن مارسيلو ماستروياني (1924-1996) كان أيقونة بقدر ما كان ممثلاً، وكان يحمل على كتفيه مجد السينما الإيطالية في فترة ما بعد الحرب، فضلاً عن مجد السينما الأوروبية وممثليها الأكثر جدارة، وقد عمل مع افضل المخرجين وقدم العديد من الأفلام المهمة الخالدة من بينها (الحياة الجميلة)و(الليل) و(الطلاق على الطريقة الإيطالية) و(يوم مميز) و(إبق كما أنت) و(مدينة النساء) و(عيون مظلمة). واحتفاء به، يقام في الكيبيك حاليا معرض استعادي للنجم ماستروياني يتضمن مايقرب من 150 عنوانا تمثل أفلامه السينمائية.
وقد لخص فيديريكو فيليني، المخرج السينمائي المايسترو الذي جعل منه نجماً عالمياً، الأمر بهذه الطريقة: "إنه الإيطالي الودود الذي نعرض عليه أفضل ما فينا والذي نغفر له كل الأخطاء لأنها عيوبنا "…
ويقول عنه مؤرخ الأفلام جان أنطوان جيلي انه "لم يكن متقلبا إلا عندما يتعلق الأمر بالطعام"، وسرعان ما أظهر انتقائية مربكة في اختيار أدواره، ساعيا إلى الغاء صفة العاشق التي ظلت ملتصقة به دائمًا منذ فيلم (الحياة الجميلة)/1960 لفيليني. وهكذا، سوف تتبلور صورته كشخص متأنق، ولن تختفي تمامًا أبدًا، ويصبح ماستروياني وحده رمزًا لإيطاليا الجديدة المنتصرة، التي يحسدها العالم كله.
وتظل الحقيقة غير قابلة للجدل: إن ماستروياني يدين بالكثير، بل بكل شيء، كما يقول البعض، لفيليني. بينما يوضح بقية المخرجين تعاونهم هذا بشكل رائع في أفلام (ثمانية ونصف) /1963، (مدينة النساء) /1980، (جينجر وفريد) ​​/1986، (إنترفيستا)/1987 - وكلها مدرجة في المعرض الاستعادي. لكنه كان يستمد النصائح الجيدة في البداية من المخرج لوتشينو فيسكونتي؛الذي قدم له فيلم (الموت في البندقية) ليمنح ماستروياني الأدوات اللازمة لتحسين أساسيات مهنته.
لكن الأمر لم يكن تقنيًا بالكامل في ماستروياني، كما يؤكد المخرج بول تانا. الذي يعمل أيضًا أستاذ للسينما في جامعة UQAM..يقول: "إن عظمته كممثل كانت تكمن في فهمه البديهي للعبة، ودقة كل إيماءاته في كل مشهد، وبالطبع جاذبيته غير العادية التي لا جدال فيها".
ويتذكر مخرج فيلم (مقهى إيطالي في مونتريال)/1985 و(الحنطة السوداء)/1992 أول اتصال سينمائي له مع ماستروياني وفيليني. "كان ذلك في الستينيات، عندما كانت هناك سينما في ساحة فيل ماري تعرض أفلامًا أجنبية مترجمة. لقد رأيت فيلم (ثمانية ونصف)، وأتذكر ماستروياني بقدر ما أتذكر ساندرا ميلو، التي لعبت دور عشيقته! هناك مشهد لا يُنسى حيث كان ماستروياني ينتظرها في محطة القطار. وبالنسبة لبول تانا، أفسحت هذه الصورة الرومانسية للممثل المجال تدريجيًا لشيء أعمق. "بعيدًا عن شخصيته المبهجة، ومن خلال شخصياته الأسطورية، فقد حول نفسه إلى بطل وجودي. "
لقد كان أيضًا معبودا لعدة أجيال من المتفرجين، كما يقول كارلو ماندوليني، مدرس السينما وتاريخ الفن في كلية أندريه جراسيه. "عندما كنت طفلاً، كان لدي شعور بأنني أعرفه، وأن أعرف كل شيء عن السينما الإيطالية، وذلك بفضل والدي الذي تحدث معي عنها بشغف. كانت إحدى ذكرياتي الأولى عنه كممثل في فيلم "لقد أحببنا كثيرًا" (من تأليف إيتوري سكولا، 1974)، حيث أعاد تمثيل شخصيته من فيلم "لا دولتشي فيتا" أمام نافورة تريفي. "
ويتحدث كارلو ماندوليني عن ماستروياني مختلف "إنه يعرض دائمًا مظهرًا استثنائيًا، ويقدم نفسه ككائن دافئ جدًا، ويشكل تجسيدًا لتقليد الكوميديا ​​​​الفنية العظيم المنقولة إلى السينما، حيث تكون العلاقة مع الجسد مهمة جدًا. " وفي هذا الصدد، تكثر الأمثلة على الأفلام اللافتة للنظر. "ويتضح هذا بشكل خاص في فيلم (الغيرة)من إخراج إيتوري سكولا، 1970حيث يجسد شخصية تنهار في كل مكان، فارغة تمامًا، وتكشف عن جنون معين، تمامًا كما هو الحال مع مونيكا فيتي، التي يشكل معها ثنائيًا استثنائيًا. "
جسد ماستروياني دور رجل مثلي الجنس في فيلم (يوم خاص)، لإيتوري سكولا، 1977) وشخص عاجز في فيلم (العاشق أنطونيو)، لماورو بولوجنيني، 1960) وكان يكره أن يوصف بأنه معبود النساء على الرغم من تعددعلاقاته العاطفية مع فنانات عديدات بينهن سيلفانا مانجانو، جاكلين بيسيه، أنوك إيمي، راكيل ويلش، صوفيا لورين، ناستاسيا كينسكي وكاثرين دينوف، والدة ابنته كيارا.
ويقول عنه كارلو ماندوليني أيضا: "يمكننا أن نجعل قراءة سياسية لمسيرته المهنية. ففي الخمسينيات والستينيات، كان رمزًا للأناقة، للبطل الذي ينجح في كل شيء… بينما يكون غير قادر على تأكيد إنسانيته، ومهتمًا جدًا بالمظاهر. ومع تقدمه في السن، وعجز المجتمع الإيطالي عن الوفاء بوعوده، لا يتردد ماستروياني في لعب دور البروليتاري، من أجل إظهار أن هذا المجتمع لم يعد يعمل على الإطلاق. "
لكن الأمر على العكس تماما في مملكته السينمائية، حيث كان يصور بلا كلل في جميع أنحاء الكوكب، حتى في الولايات المتحدة دون إتقان اللغة الإنجليزية، لدرجة ان النجمة الشهيرة فاي دوناواي لقبته بـ"ملك أوروبا". كما استسلمت لسحره أثناء تصوير فيلم "زمن العشاق" (1969) للمخرج فيتوريو دي سيكا، ولا يمكنها تلخيص عظمة مارسيلو ماستروياني بشكل أفضل من منحه هذا اللقب الاستثنائي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

صحيفة عبرية: "إسرائيل" وأميركا يخشوّن أنصار الله كونها جهة يصعب التغلب عليها

الأنواء تحذر من رياح عالية في العراق

مقتل إعلامية لبنانية أمام المحكمة

لا حلول لـ"الشح".. العراق يلوح بـ"تدويل" أزمة المياه مع تركيا لزيادة حصصه

اعتقال قاضي المحاكم الميدانية في سجن صيدنايا بسوريا

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

في معرض استعادي بمناسبة مئويته: مارسيلو ماستروياني، ملك أوروبا بدون تاج، أو مبالغة

"خاتم الرجل الميت": فضحٌ سينمائيٌّ مُفعمٌ باشتغالات جمالية

البحرية الأميركية تهدي توم كروز أعلى وسام مدني

مقالات ذات صلة

سينما

"خاتم الرجل الميت": فضحٌ سينمائيٌّ مُفعمٌ باشتغالات جمالية

قيس قاسمبوجلٍ، يتوقّف أليخاندرو خيربير بيثِتشي (1977) أمام ظاهرة اختفاء مكسيكيين فجأة من الحياة، كأنّ قوّة غامضة تأخذهم إلى المجهول، من دون أنْ تترك وراءها أثراً. فكرة الاختفاء القسري من دون أثر تخيف المكسيكيّ،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram