TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > انتصار زعلان

انتصار زعلان

نشر في: 9 ديسمبر, 2012: 08:00 م

يوم قارب عمرها من الثلاثين عاما ، غادرت العراق مع خطيبها زميل دراستها في كلية الإدارة والاقتصاد ، لتستقر في دولة أوروبية مع مئات الألوف من مواطنيها الهاربين من الجحيم العراقي ، وهناك واصلت دراستها ، وحصلت على شهادة عليا ، وأنجبت أبناء حملوا جنسية أجنبية ، رفضوا  زيارة وطنهم الأصلي بعدما تعرفوا على أسباب هجرة أبويهما ، والملاحقة التي تعرضت لها الأم انتصار زعلان بسبب اسمها .

في زمن الانتصارات التاريخية ،  وادعاءات إحباط مخططات الأعداء ، كان ذكر اسم  بنت زعلان يثير سخط الأجهزة الأمنية المكلفة بحماية السلطة ، وفي كليتها عندما تنظم الاحتفالات كان الطلبة يلحون بالسؤال عن" انتصار زعلان"  وهذا الإلحاح جعل منظمة الحزب في الكلية تفسره بأنه نوع من السخرية ، والاستهانة بمنجز تاريخي كبير وعظيم ، فطلب مسؤول المنظمة من الطالبة  انتصار وقتذاك تقديم معاملة إلى دائرة الأحوال المدنية لتغيير اسمها ، وتعهد لها بمساعدتها لغرض التخلص من حرج ترديد اسمها في زمن تحقيق الانتصالات ، فوافقت على الفكرة ، لاعتقادها بأن الأمر سينقذها من تبعات مشكلة أثارت قلق الحزب الحاكم .

الحزب الحاكم بعد أن ترك ملف الانتصارات وانشغل بصخام الوجه إثر غزو النظام السابق الكويت ، وخضوع العراق   لسلسلة عقوبات صادرة من مجلس الأمن مازالت قائمة حتى هذا اليوم  ممثلة بالفصل السابع ،  تركت انتصار معاملة  تغيير الاسم ،  واتجهت مساعيها للخروج من وطنها مع خطيبها وبعد رحلة طويلة كلفتها مبالغ طائلة ،  وصلت إلى مستقرها ،   ولم تمنعها العوامل الجغرافية من التواصل مع  معارفها وذويها في الداخل ، وكانت رسائلها المكتوبة إليهم قبل أن يعرف العراق شبكة  الانترنيت  تصل عن طريق أشخاص ، تتضمن الدعوة إلى الإيمان بالمستقبل المشرق ، وانتظار إقامة نظام ديمقراطي تعددي يحقق للعراقيين الخلاص من نظام شمولي كان  يفسر اسمها تهديدا لأمنه .

انتصار كغيرها من العراقيين في المنافي ، كانت تعتقد بان  يوم التاسع من نيسان في العام 2003  بداية مرحلة جديدة ،  فقررت العودة إلى الوطن والتخلص من هموم الغربة ومعاناتها لكنها واجهت مشكلة رفض الأبناء ، فعادت وحيدة   للقاء الأهل والأقارب ، وقبل أن  تنتهي أيام إجازتها  اضطرت للرجوع  ،  يحدوها الأمل في أن تخدم وطنها من مكان إقامتها ،  وهذا  الخيار قوبل بدعم وارتياح  الزوج والأبناء .

أول نشاط مارسته السيدة انتصار زعلان بعد عودتها من وطنها الاتصال بمنظمات حقوق الإنسان الدولية  لتقديم المساعدات المالية والمعنوية  لضحايا الحروب ، فضلا عن المشاركة في إعداد برامج  للحفاظ على البيئة والتخلص من الألغام ، والأهم في تلك النشاطات أنها حثت الشركات الأجنبية على تنفيذ مشاريع إنمائية في العراق ،  الحلم كان كبيرا جدا ، ولم تستطع سفارة بلدها في مكان إقامتها أن تقدم لها المساعدة لخدمة وطنها ، فشعرت بالإحباط ، لأن العاملين في السفارة ، لم تلمس لديهم الجدية في تبني مشاريعها ، وأحدهم قال لها بالحرف الواحد إن العراق الجديد ليس بحاجة إلى خدمات انتصار زعلان ، واتهمها بأنها تسعى للحصول على عمولات  من شركات أجنبية .               

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

المحافظات التي عطلت الدوام الأحد بسبب الأمطار

تأجيل 4 مباريات في الدوري العراقي بسبب الأمطار

خامنئي يرد على ترامب: لن نفاوض تحت الضغط

قائممقام القائم: الحدود العراقية السورية مؤمّنة بالكامل ولا تهديد للأمن الوطني

تركيا تحذر من تحول أحداث اللاذقية إلى تهديد للسلام في سوريا

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: براءة نور وتابعه هيثم !!

العمود الثامن: نشيد عالية وأخواتها!!

الذين يتمسحون بأذيال السيستاني

العمود الثامن: ألف حزب وحزب

العمود الثامن: من أين لك هذا ؟

العمود الثامن: من أين لك هذا ؟

 علي حسين ينظر المواطن المسكين مثل جنابي الى بلده العراق ، ويشعر بالأسى على بلدٍ كان يراد له أن يلتحق بقطار العصر، فارتدّ بهمّة خطب سياسييه، إلى الوراء، إلى مجرد احزاب سياسية تضحك...
علي حسين

كلاكيت: كيليان مورفي وأشياء صغيرة كهذه

 علاء المفرجي مثل مواطنه دانيال دي لويس، جاء الممثل الايرلندي "كيليان مورفي" الى السينما من بوابة المسرح، ومثل لويس تماما كتب أسمه بحروف ناصعة بين ممثلي السينما الكبار منذ أول دور له، حتى...
علاء المفرجي

الصوم.. في التحليل السيكولوجي

د.قاسم حسين صالح انشغل علماء النفس بدراسة الصوم بيولوجيا وسيكولوجيا وانتهوا بموقفين متضادين: ألأول، يتبناه كتّاب وأطباء نفسانيون عرب،يرون ان الصوم يؤدي الى انخفاض مستوى الجلوكوز في المخ،فينجم عنه اضطراب في عمل الدماغ، واختلال...
د.قاسم حسين صالح

إرباك هائل بسبب دراسة خاطئة

إبراهيم البليهي ليس أسهل من دفع الناس في اتجاه الخطأ خصوصا إذا خوطبوا باسم العلم والبحث العلمي وتم تخويفهم بأن صحتهم في خطر.. ففي عام 1951 نشر الباحث الأمريكي أنسيل كيتس دراسة زعم أنه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram