متابعة/ المدى
يتجدد طرح ملف الابتزاز التركي لمياه العراق، مع تصاعد نسب الجفاف وشح المياه جراء غياب الحلول الداخلية أو الاتفاقات الخارجية مع دول المنبع، فضلا عن احتمالية مرور شتاء جاف على البلاد، لاسيما وأنه عانى لسنوات منه لكن هذه لمرة تأتي وسط ظروف مائية صعبة تهدد الموسم الزراعي.
وفي هذا الإطار، أكد عضو لجنة الزراعة والمياه والاهوار النيابية رفيق الصالحي، اليوم الخميس، أن أزمة المياه مع تركيا مستمرة، لافتا إلى ان تدويل القضية عبر المحاكم الدولية سيكون ضمن الخيارات المطروحة.
ولم يفلح العراق منذ منتصف القرن الماضي بوضع حلول نهائية لأزمة متكررة باتت ورقة ضغط بيد دول المنبع تركيا وإيران، لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية من خلال التحكم بشكل مطلق بتدفق مياه نهري دجلة والفرات.
ويبدو أن الحكومات العراقية على مدى قرن مضى فشلت في توقيع اتفاق ملزم مع الجارتين يضمن حقوق بلاد ما بين النهرين بشكل دائم.
وقال الصالحي إن "تركيا تفتعل الازمات الامنية والاقتصادية داخل العراق"، لافتا الى ان "ملف المياه مستمر وان تداعياته كارثية على العراق".
واضاف ان "الحوارات مع الجانب التركي لم تتوقف وهناك جهود حثيثة من اجل التوصل الى نقاط تفاهم تدفع الى تحقيق نتائج إيجابية".
واشار الى ان "تدويل قضية المياه وارد كون الوضع قد يزداد سواء اذا لم تجر الاستجابة للظروف الاستثنائية التي يمر بها خاصة وان ازمة في العراق مثيرة للقلق".
وما تزال الأمطار في العراق دون المستوى رغم الدخول في شهر كانون الأول الذي من المفترض تساقط أمطار غزيرة فيه، وهو ما يهدد الموسم الزراعي في العراق، في ظل الخزين المائي المنخفض بشكل كبير واستمرار تناقص حصة البلاد المائية العادلة من دول الجوار.
وكان السياسي البارز والناشط الحقوقي بختيار أمين، قد أكد في وقت سابق إن "العراق بإمكانه تدويل ملف المياه، لكنه لغاية الآن يستخدم الطرق الحوارية مع الدول المجاورة”، مبينا أن “دول الجوار باتت تستعمل المياه كسلاح، فهي أخذت تزرع وتصدر المحاصيل الزراعية للعراق، بدلا من تزويده بحصته من المياه".
ودعا الى إعمال الضغط الدولي على دول المنبع، قائلا "تطرقت في وقت سابق لملف المياه مع محكمة العدل الدولية في لاهاي، خاصة وأن العراق أحد مؤسسي المحكمة، حيث كانت آنذاك هناك قضية مشابهة مفتوحة أمامها وهي الملف المائي بين هنغاريا وسلوفاكيا، حيث تم التحكيم من قبل المحكمة لصالح الدولة المتضررة، وقد قمت باستثمار الفرصة حينها وطرحت قضية العراق فأبدت المحكمة استعدادها بعد أن شرحت الوضع بالتفصيل، كما تلمست الاستعداد الكامل من قبل رئيس المحكمة لحلها وإنصاف العراق، لكن عندما خاطبت المسؤولين في بغداد لم أر أي تفاعل أو تعامل جدي مع قضية التدويل".
وعادة ما تبدأ الحالة المطرية في العراق، من شهر تشرين الثاني وتكون خفيفة إلى متوسطة الشدة، وتزداد شدتها في شهر كانون الأول، لكن في الموسم الماضي تأخرت الأمطار الغزيرة إلى شهر شباط.
ويفقد العراق 100 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية سنوياً نتيجة التصحُّر ويخلُص تقرير، صدر عن وزارة الموارد المائية العراقية، إلى أن موجات الجفاف الشديد المتوقعة حتى سنة 2025 ستؤدي إلى جفاف نهر الفرات بشكل كامل في قطاعه الجنوبي، بينما سيتحوَّل نهر دجلة إلى مجرى مائي بموارد محدودة.
ويبلغ إجمالي معدل الاستهلاك لكافة الاحتياجات في العراق نحو 53 مليار متر مكعب سنويا، بينما تقدر كمية مياه الأنهار في المواسم الجيدة بنحو 77 مليار متر مكعب، وفي مواسم الجفاف نحو 44 مليار متر مكعب، وإن نقص واحد مليار متر مكعب من حصة العراق المائية يعني خروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية من حيز الإنتاج.
ووفقا لتوقعات “مؤشر الإجهاد المائي” فإن العراق سيكون أرضا بلا أنهار بحلول عام 2040، ولن يصل النهران العظيمان إلى المصب النهائي في الخليج العربي، وتضيف الدراسة أنه في عام 2025 ستكون ملامح الجفاف الشديد واضحة جدا في عموم البلاد مع جفاف شبه كلي لنهر الفرات باتجاه الجنوب، وتحول نهر دجلة إلى مجرى مائي محدود الموارد.
وأدى ارتفاع درجات الحرارة في العراق إلى انخفاض كبير في هطول الأمطار السنوي، والذي يبلغ حاليا 30 في المئة، ومن المتوقع أن يصل هذا الانخفاض إلى 65 في المئة بحلول عام 2050.
وفي آذار مارس الماضي، قال رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، في تصريحات صحفية، إن “سبعة ملايين عراقي تضرروا بسبب التغير المناخي، يرافق ذلك احتكار دول المنبع المياه العذبة، حيث حجبت السدود الكبرى التي أنشأتها الدولتان (تركيا وإيران) نحو 70 بالمئة من حصة العراق المائية”، وبالإضافة لذلك فقد أسفرت هذه الأزمة عن حلول العراق بين أكثر خمس دول تأثرا بتغير المناخ في العالم.
يشار إلى أن العراق منذ سنتين وهو يقوم باستخدام المياه الجوفية بسبب الجفاف وهو أمر يحدث لأول مرة تاريخيا، كما أن الفضاء الخزني الخالي من المياه يقدر بنحو 140 مليار متر مكعب، أما السدود الثلاثة الرئيسية وهي الموصل ودوكان والثرثار فهي تعاني مع مرور الوقت وهذا ينذر بكارثة بيئية جديدة تضاف للبلاد، بحسب مختصين