TOP

جريدة المدى > سياسية > بعد إثارة حل "الحشد" جاء دور "اجتثاث البعث".. والمالكي يعترض

بعد إثارة حل "الحشد" جاء دور "اجتثاث البعث".. والمالكي يعترض

للمرة الثانية السوداني يطلب تسليم ملفات "المساءلة والعدالة" إلى الحكومة

نشر في: 30 ديسمبر, 2024: 01:09 ص

 بغداد/ تميم الحسن

للمرة الثانية في غضون عامين، يثير رئيس الحكومة محمد شياع السوداني ملف "اجتثاث البعث"، فيما يحاول نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون، قطع الطريق على السوداني.
وفي أحدث لقاء جمع رئيس الوزراء مع الهيئة المعنية بقضية حزب البعث المحظور، طالب السوداني "المساءلة والعدالة" بـ"تقديم تقرير عن إجراءات الهيئة وما تبقى من عملها".

تزامن هذا اللقاء مع دعوات لـ"المصالحة الوطنية"، التي يبدو أنها فرضتها المتغيرات الأخيرة في سوريا، وعودة القوى السُنية للحديث عن تنفيذ ورقة "الاتفاق السياسي"، التي تتضمن في أحد بنودها "حل المساءلة".
وذكر بيان للحكومة أنه خلال لقاء السوداني مع "المساءلة والعدالة"، جرت مناقشة ما قدمته الهيئة طيلة السنوات الماضية من عمل في مجال تحقيق العدالة الانتقالية في العراق، ومعالجة آثار الحقبة المظلمة والانتهاكات الصارخة ضد الإنسانية التي تسببت بها سياسات نظام البعث، ومحاسبة كل من ارتكب الجرائم بحق أبناء الشعب العراقي في تلك الحقبة.
"وكذلك مناقشة ما تبقى من عمل الهيئة في مجال إنفاذ القانون، وتطبيق المهام والأهداف التي تشكلت على أساسها هيئة المساءلة والعدالة"، حسب البيان.
كما أشار البيان إلى أن "رئيس مجلس الوزراء وجّه رئيس وأعضاء هيئة المساءلة والعدالة بتقديم تقرير مفصل للحكومة، يتضمن مجمل إجراءاتها وما أنجزته من بيانات، والمتبقي من عملها الذي رسمه لها الدستور والقوانين النافذة، وذلك وفقاً لورقة الاتفاق السياسي الواردة في المنهاج الوزاري الذي صوت عليه مجلس النواب في 27 تشرين الأول 2022".
وفي الشهر ذاته (كانون الأول) من عام 2022، رفضت هيئة المساءلة والعدالة، عبر صحيفة (المدى)، طلب الحكومة نقل أرشيفها وملفاتها إلى القضاء تمهيداً لإغلاقها. وجاء الطلب الحكومي آنذاك وفق البرنامج الوزاري والاتفاق السياسي المبرم بين قوى الائتلاف الحاكم (إدارة الدولة) الذي يضم الإطار التنسيقي. وأكدت الهيئة أن هناك ملايين الوثائق لا تزال في طور التدقيق، وتحمل أسماء عدد كبير من المشمولين بإجراءات اجتثاث البعث.
وبيّنت الهيئة أن هناك ما لا يقل عن مليون عراقي مشمول بالاجتثاث، 25% منهم على الأقل من الأجهزة الأمنية السابقة.
وقال حينها رئيس هيئة المساءلة والعدالة باسم البدري لـ(المدى): "لا يمكن أن يُطبق طلب الحكومة في الوقت الحالي". وأضاف البدري: "لن ننقل ملفاتنا وأرشيفنا إلى أي جهة أخرى، وليس هناك حتى الآن أي سلطة يمكن أن تفعل ذلك أو تنهي عملنا".
وتابع رئيس الهيئة: "ما زلنا نعمل وفق القانون رقم 10 لسنة 2008، ولن نطبق قرار نقل ملفاتنا إلا إذا قام البرلمان بتشريع قانون جديد يلغي القديم ويضع آلية لتحويل الأرشيف وإنهاء مهماتنا ضمن مدد زمنية واضحة".
وأرسلت الحكومة وقتذاك طلباً إلى الهيئة تطلب فيه، استناداً إلى المنهاج الوزاري المبني على الاتفاق السياسي، أن تقدم الأخيرة تقريراً بأعداد المشمولين بإجراءات الهيئة خلال شهر من تشكيل الحكومة.
ووفق الكتاب المرسل من مكتب رئيس الوزراء إلى الهيئة، فإن الأخيرة مطالبة بتقديم أسماء المشمولين من "أعضاء الفرق (في حزب البعث) فما فوق، والعضو العامل الذي أثرى على حساب المال العام بقرار قضائي بات، ومنتسبي الأجهزة القمعية".

من حل "الحشد"
إلى "المساءلة"
حديث السوداني عن "البعث" استفز، على ما يبدو، زعماء شيعة، وظهر نوري المالكي في حديث متلفز محذراً من نشاط خلايا الحزب المحظور.
ورغم أن رئيس الحكومة طالب، في لقائه الأخير مع هيئة المساءلة والعدالة، بـ"مراقبة البعث أو أي تشكيل مرتبط به"، إلا أن هذا لم يشفع له.
وقال المالكي، الذي يُشاع بأن لديه خصومة شخصية مع السوداني، في تغريدة لاحقة على منصة "إكس"، إنه من الضروري "دعم الهيئة (المساءلة والعدالة) وتقويتها وإدامة دورها في التصدي لحماية مؤسسات الدولة من تسلل البعث المقبور والعودة إلى الحياة السياسية وكل مجالات الحياة الأخرى".
وفي عام 2016، أصدر البرلمان قانون "تجريم البعث"، بالإضافة إلى إدراج الحزب ككيان محظور بموجب دستور 2005.
وفي مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي، كشف السوداني عن اعتقال "تنظيمات جديدة لحزب البعث" داخل العراق. لكنه، بالمقابل يتلقى، بحسب مصادر قريبة من "الإطار التنسيقي"، مطالب من القوى السُنية بحل ملف "المساءلة"، الذي تزامن مع الحديث عن "حل الحشد".

مصالحة..
في الشهرين الأخيرين، أعاد محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان السابق، ترتيب أوراقه بعدما نجح في إبرام "صفقة ناجحة" لتولي محمود المشهداني المنصب بدلاً عنه.
الحلبوسي، الذي يواجه خصومة تكاد تكون شاملة من كل القوى السُنية، عزّز علاقته مع الإطار التنسيقي، وأخيراً "تصالح مع السوداني"، بعد خلافات غير معلنة بينهما بسبب قضية اختيار رئيس البرلمان.
الحلبوسي، وبحسب بعض التسريبات، طالب بتفعيل ورقة الاتفاق السياسي، التي تضم بند "حل المساءلة"، بسبب الخوف من استغلال أطراف شيعية هذا الملف تحت ضغط الأوضاع في سوريا لـ"الانتقام من السُنة".
ودائماً ما كانت القوى السنية ترى أن اجتثاث البعث أداة قمع وورقة تُستخدم ضد المعارضين، وتظهر غالباً مع مواسم الانتخابات.
وبنفس الذريعة، طالب سبعة رؤساء لمجلس النواب، من بينهم المشهداني، قبل أسبوعين، بإجراء "إصلاح سياسي"، حيث يخشى من تسلل مَن يُشار إليهم بـ"المتآمرين" عبر بوابة الأحداث السورية لزعزعة الوضع في العراق.
ويعتقد كامل الغريري، وهو نائب سُني سابق، أن "ملف حزب البعث يُستخدم لتخويف العراقيين".
ويقول الغريري لـ(المدى): "الوقت أصبح مناسباً للتخلص من شماعة حزب البعث وتحويل قضية المساءلة إلى ملف قضائي".
وكانت القوى السنية، وهي أكثر الأطراف في العراق التي تبدو مستهدفة من إجراءات اجتثاث البعث، قد حاولت عدة مرات تحويل هذا الملف إلى القضاء، واعتبرت تأخر حسم أسماء المشمولين وراءه دوافع سياسية وعقابية. وفي عام 2016، جرى اتفاق سياسي بين ما كان يُعرف بـ"التحالف الوطني"، وهو المظلة السياسية للقوى الشيعية، والأطراف السنية على تشريع قانون يحمل اسم "المساءلة وحظر حزب البعث المنحل".
تضمّن القانون الجديد 22 مادة، بعد أن تم رفع "حظر البعث" على أن يُقدَّم الأخير بقانون منفصل.
وفي النهاية، صوت السُنّة، وفق الاتفاق مع الشيعة، على قانون حظر البعث في عام 2016، بينما لم يتم تشريع القانون الآخر حتى الآن.
ورفض ستة وزراء سنّة في شباط 2015، تمرير تعديلات (قانون الاجتثاث) داخل مجلس الوزراء، بسبب مخاوف من تحوله إلى "مصيدة" لمعاقبة كل معارضي الحكومة بتهمة الانتماء إلى حزب البعث.
وكان تحالف القوى – المظلة السياسية للسُنّة – يأمل أن يتم إلغاء قانون (المساءلة والعدالة) بالكامل، وتحويله إلى ملف قضائي، وعدم وضع ملحق في القانون ينص على حظر حزب البعث "بدون ضوابط واضحة".
ونصت المسودة النهائية لقانون المساءلة وقتها، على استبدال الهيئة الحالية للمساءلة والعدالة، والمشكلة وفق قانون رقم 10 لسنة 2008، بأخرى تحمل الاسم ذاته وفقاً لقانون جديد، وتنقل معها كل الحقوق والالتزامات السابقة والموظفين السابقين أيضاً.
ويرى الغريري، وهو قريب من حزب "تقدم" الذي يتزعمه الحلبوسي، أن "حزب البعث انتهى في العراق، وأغلب الشباب الآن لم يعيشوا في زمن الحزب".
ودعا النائب السابق إلى "الاهتمام بتشغيل العاطلين وتوفير الخدمات بدلاً من الانشغال بتخويف العراقيين من عودة الحزب المحظور".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

زيارة مرتقبة للسوداني إلى طهران: الغاز والوضع في سوريا على رأس الأولويات
سياسية

زيارة مرتقبة للسوداني إلى طهران: الغاز والوضع في سوريا على رأس الأولويات

 بغداد/ تميم الحسن تبدو كلمة السر لتجنب العراق "مفاجآت" ما بعد عاصفة سوريا هي البقاء على "الحياد" تجاه الأزمات الكبيرة في المنطقة.نجحت خطة "الحياد العراقي" منذ الحرب في غزة (أكتوبر 2023)، ولكن هل...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram