بغداد/ يمان فليح
ما ان تخرج الى بعض مناطق العاصمة بغداد، حتى تجد مباشرة عجلات كبيرة ومواد البناء منتشرة هنا وهناك، والدعاية الاعلانية متوسطة المشروع، "المدينة الفلانية.. حياة من الرفاهية" لتجد بعدها الاسعار شبه الخيالية، الحال لم يتوقف هنا فقط، فاذا خطرت ببالك فكرة الانتقال الى منطقة أخرى لرأيت عجلات دوائر البلديات وبقية المؤسسات الحكومية وهي تنتزع الاشجار الخضراء الكبيرة لتوسعة الشوارع او لتبديلها باشجار "لا تغني ولا تسمن"، وبكلا الحالتين، اهالي العاصمة بغداد هم أكثر المتضررين.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية، يعتبر العراق، مع انخفاض منسوب المياه فيه والجفاف الشديد والزيادة السريعة في عدد السكان، واحداً من أكثر البلدان هشاشة في العالم أمام آثار تغير المناخ.
لجنة الخدمات في مجلس النواب، شخصت المشاكل التي تعاني منها العاصمة بغداد، ففي الوقت الذي دعت الى الاستفادة من تجارب اقليم كردستان، أكدت وجود جهات متنفذة تستفيد من التجاوز على الأراضي الخضراء.
الى ذلك، كشف عضو لجنة الخدمات النيابية، محما خليل، عن كارثة بيئية وإنسانية تلوح في الأفق، تتمثل في الزحف العمراني العشوائي الذي يهدد العاصمة بغداد.
وأشار خليل في حديث لـ(المدى) إلى أن "حاجة نحو 5 ملايين عائلة عراقية إلى مسكن، في ظل غياب قانون واضح للعشوائيات، ساهم في تفاقم الأزمة"، مؤكداً "استغلال بعض الكتل السياسية للقضية في كل دورة انتخابية، دون تقديم حلول جذرية".
وحذر النائب من أن "الفساد وتسلط المتنفذين ساهم في التعدي على أراضي الدولة والمساحات الخضراء"، مؤكداً أن "البرنامج الحكومي الحالي لم يتضمن أي خطط جدية لمعالجة أزمة السكن والعشوائيات والزحف العمراني.
ووفقًا لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" التابعة للأمم المتحدة، فقد باتت مساحات الغابات في العراق لا تشكل سوى 8250 كيلومترًا مربعًا، أي ما نسبته 2% من إجمالي مساحة البلاد.
مدن جزرية وغياب التخطيط
من جانبه، أكد عضو مرصد العراق الأخضر، عمر عبد اللطيف، أن العاصمة بغداد تمر بظاهرة "المدن الجزرية"، بسبب انتشار المجمعات السكنية والمولات التجارية بشكل عشوائي، مما أدى إلى تفاقم مشاكل التلوث وارتفاع درجات الحرارة.
وأكد عبد اللطيف في حديث لـ(المدى)، أن "نقص المساحات الخضراء، وخاصة بعد توقف مشروع "الحزام الأخضر"، ساهم بشكل كبير في انتشار العواصف الترابية وتدهور البيئة".
واتهم عضو مرصد العراق الاخضر، جهات حكومية (لم يسميها)، بـ"ارتكاب مجازر بحق الاشجار في العديد من مناطق العاصمة مثل الكرادة".
مطالب بتحرك عاجل
وطالب عضو لجنة الخدمات النيابية محما خليل، بـ"ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة هذه الأزمة، من خلال وضع خطط تخطيط عمراني شاملة، ومكافحة الفساد، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية، والاهتمام بالمساحات الخضراء".
وشدد على "أهمية الاستفادة من التجارب الناجحة في بعض الدول، مثل كردستان والهند، لتوفير حلول سكنية مستدامة".
ويحتاج العراق إلى زراعة 14 مليار شجرة لإحياء المناطق المتصحرة والحفاظ على البيئة من التغيرات المناخية، بحسب مختصين.