TOP

جريدة المدى > سياسية > أرقام مُضللة أم واقع مرير؟ تحديات البطالة والتضخم في عراق 2024

أرقام مُضللة أم واقع مرير؟ تحديات البطالة والتضخم في عراق 2024

نشر في: 31 ديسمبر, 2024: 12:06 ص

 بغداد / محمد العبيدي

بينما يودّع العراق عاماً مليئاً بالتحديات الاقتصادية، تبرز قضيتا البطالة والتضخم كمعضلتين تواجهان المواطنين، وسط آمال بإمكانية السيطرة عليهما، وتحقيق تقدم كبير هذا المجال.
ويؤكد البنك المركزي العراقي، أن معدل التضخم خلال 2024، لم يتجاوز 3%، مشيرًا إلى نجاح الإجراءات الحكومية في كبح جماح الأسعار عبر توفير السلة الغذائية، وفيما يتعلق بالبطالة، تبدو الأرقام أكثر قتامة، فوفقاً لوزارة التخطيط، بلغت نسبة البطالة 14%.
ويُحسب معدل التضخم من خلال مقارنة أسعار مجموعة مختارة من السلع والخدمات، تُعرف بـ"سلة المستهلك"، خلال فترة زمنية معينة، حيث تُستخدم سنة أساس يتم فيها تحديد قيمة المؤشر بـ100، ثم تُحسب النسبة المئوية للتغير في الأسعار مقارنة بتلك السنة، وإذا زادت أسعار السلع والخدمات، فإن التضخم يرتفع، مما يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين.
وخلال سنتي 2021 و2022 ارتفع التضخم لأعلى مستوياته خلال السنوات العشر الماضية حتى تقاربت نسبة التضخم السنوية من 9 بالمئة وربما أكثر، بسبب رفع سعر صرف الدولار، وطباعة كميات كبيرة من العملة، فضلاً عن أسباب خارجية مرتبطة بالتضخم العالمي وارتفاع أسعار السلع.
لكن ومنذ سنتين، بدأت مستويات التضخم تعود لطبيعتها، عبر سياسات تستهدف خفض التضخم، وبالفعل استطاع البنك المركزي من تخفيض سعر الصرف وتقييد طباعة الأموال ما أدى لانخفاض مستويات التضخم وعودة الأسعار لمعدلات ما قبل 2020 تقريبا، والنسبة الحالية شبه طبيعية وليست ضمن المراحل الخطرة.

غياب الأرقام
بدوره، قال الخبير الاقتصادي عبدالحسن الشمري إن "النسب المتعلقة بالتضخم في العراق متباينة بشكل لافت، حيث تشير البيانات الحكومية إلى معدلات تضخم منخفضة نسبياً، بينما تصدر مؤسسات مستقلة وتقارير دولية أرقاماً أعلى بقليل، وذلك بسبب غياب لغة الأرقام الدقيقة وضعف المؤسسات البحثية التي يمكن أن تقدم تحليلاً علمياً وشاملاً يعتمد على بيانات ميدانية حقيقية، مما يجعل القراءات الحكومية أحياناً غير معبرة عن الواقع الاقتصادي للمواطن".
وأضاف الشمري لـ(المدى)، أن "مواجهة التضخم تتطلب تطبيق آليات واضحة تبدأ بتعزيز الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على الاستيراد، خاصة في القطاعات الأساسية مثل الزراعة والصناعة، مع السيطرة على الكتلة النقدية المتداولة عبر سياسات دقيقة، وتوفير دعم مباشر للفئات الأكثر تأثراً بالتضخم، فضلاً عن تحسين أداء المؤسسات الرقابية لضمان استقرار الأسعار ومنع التلاعب بها".
وذهبت مجلة "غلوبال فاينانس" الامريكية، إلى إعطاء أرقام أعلى من المؤشرات الرسمية، حيث أشارت إلى أن نسبة التضخم في عام 2024، بلغت 4‎%‎ منخفضة عن العام الماضي الذي بلغت نسبتها 6.042 ‎%‎.
واشارت المجلة الى ان معدلات التضخم لسنة 2020 انخفضت بنسبة 0.574، ‎%‎ لترتفع لسنة 2021 بنسبة 6.042 ‎%‎، لتنخفض سنة 2022 بنسبة 4.987 ‎%‎.
ووفقا لتقرير، أصدرت مؤسسة المستقبل العراقية، في أيار الماضي، عن التضخم فإن الارتفاع الأكثر للأسعار كان في خدمة الكهرباء، بنسبة 45.47%، والسجائر بنسبة 23.7%، والأسماك بنسبة 14%، وخدمات الترفيه بنسبة 12.9%، واللحوم بنسبة 10.39%.

نسب البطالة
ومع نهاية العام الماضي، استمرت البطالة كأحد أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد العراقي، حيث تعكس نسبها المرتفعة عجزاً واضحاً في خلق فرص العمل وغياب التخطيط التنموي الذي يستوعب الأعداد المتزايدة من الشباب الباحثين عن عمل.
وبحسب المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، فإن "نسب البطالة وفق آخر مسح لهيئة الإحصاء أجري عام 2021، بلغت 16.5% لكن هذا المسح كان في ظروف معقدة بسبب وجود جائحة كورونا، التي تسببت بتوقف العديد من الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، لكن النسب الجديدة لغاية الآن هي أن نسب البطالة انخفضت خلال 2024، إلى 14%".
وأوضح الهنداوي، في تصريح له، أن "هناك مسحاً اقتصادياً واجتماعياً جديداً للأسر قيد التنفيذ، وستُعلن نتائجه قريباً لتقديم صورة دقيقة عن الوضع الحالي، ويُتوقع إمكانية انخفاض نسب البطالة في ظل المشاريع الكبرى التي يتم تنفيذها حالياً"، مبيناً أن "نتائج التعداد العام للسكان سيساهم في توفير بيانات أكثر دقة عن معدلات البطالة".
وفي المقابل، يرى خبراء اقتصاديون أن البطالة في العراق تتعاظم بسبب النمو السكاني المتزايد سنوياً بمعدل مليون نسمة، ما يعني أن نحو نصف مليون فرد يدخلون إلى سوق العمل، وبحسب الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، فقد بلغ معدل البطالة أكثر من 35% من نسبة الشباب في العراق.
ويعني ذلك حاجة الاقتصاد العراقي إلى تنويع كبير، وتحديد الأنشطة الإنتاجية السلعية والخدمية، من خلال استحداث أنشطة جديدة تخلق فرص عمل وتشغيل الشباب، فضلًا عن إعادة تفعيل المعامل والمصانع التي تعطلت.
وتوقعت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، أن يرتفع عجز الموازنة العامة للعراق إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، مقارنة بـ2% في عام 2023، وعزت هذه التوقعات إلى الاعتماد الكبير للاقتصاد العراقي على السلع الأساسية، إضافة إلى ضعف الحوكمة وارتفاع المخاطر السياسية التي تشكل تحديات رئيسية أمام استقرار الاقتصاد الوطني.
بدوره، أكد الخبير في الشأن الاقتصادي أكرم مصطفى أن "التحدي الأكبر الذي واجه الاقتصاد العراقي حالياً هو البطالة وقلة فرص العمل، حيث تشير الأرقام إلى أن الدولة العراقية عينت نحو مليون موظف خلال سنتين إلى ثلاث، إلا أن عدد المستفيدين من الرعاية الاجتماعية يبلغ حوالي ثمانية ملايين، منهم أكثر من ثلاثة ملايين يُصنّفون ضمن العاطلين عن العمل بشكل كامل".
وأضاف مصطفى لـ(المدى) أن "هناك خمسة ملايين عاطل عن العمل بدون أي حلول تُذكر، وهؤلاء يواجهون وضعاً صعباً مع غياب فرص العمل المستقرة، بالرغم من أن العديد منهم من الخريجين، وهذه الأرقام في تزايد بسبب غياب الانفتاح الحقيقي للقطاع الخاص، حيث يفتقر العراق إلى وجود موديلات اقتصادية متكاملة مثل المدن الصناعية، والاستثمارات الزراعية، ومناطق التنقيب السياحي".
شهد عام 2024 تطورات اقتصادية مهمة على صعيد العلاقات مع المؤسسات الدولية. البداية مع صندوق النقد الدولي، الذي توقع في 16 أيار/مايو نمو الاقتصاد العراقي بنسبة 1.4% في عام 2024 و5.3% في عام 2025. كما أشار الصندوق إلى اتساع عجز الموازنة العراقية إلى 7.6% في عام 2024 مقارنة بـ1.3% في عام 2023.
وضمن التطورات الاقتصادية البارزة، أعلن صندوق النقد الدولي، في 16 أيار/مايو، توقعاته لنمو الاقتصاد العراقي بنسبة 1.4% خلال العام 2024، مع تسجيل زيادة إلى 5.3% في العام 2025. كما أوضح الصندوق أن عجز الموازنة العامة للعراق سيرتفع إلى 7.6% في 2024 مقارنة بـ1.3% في العام السابق.
وفي سياق متصل، كشفت بيانات صادرة عن صندوق النقد الدولي في 22 تموز/يوليو عن ارتفاع احتياطيات الذهب لدى العراق بمقدار 2.644 طن، مما رفع الإجمالي إلى 148.305 طن، ما يعكس جهود العراق في تعزيز مخزوناته من المعدن الأصفر ضمن ستراتيجياته الاقتصادية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

زيارة مرتقبة للسوداني إلى طهران: الغاز والوضع في سوريا على رأس الأولويات
سياسية

زيارة مرتقبة للسوداني إلى طهران: الغاز والوضع في سوريا على رأس الأولويات

 بغداد/ تميم الحسن تبدو كلمة السر لتجنب العراق "مفاجآت" ما بعد عاصفة سوريا هي البقاء على "الحياد" تجاه الأزمات الكبيرة في المنطقة.نجحت خطة "الحياد العراقي" منذ الحرب في غزة (أكتوبر 2023)، ولكن هل...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram