TOP

جريدة المدى > سياسية > كشف حساب لاقتصاد العراق خلال 2024.. قبضة النفط وأحلام التنويع!

كشف حساب لاقتصاد العراق خلال 2024.. قبضة النفط وأحلام التنويع!

نشر في: 2 يناير, 2025: 12:41 ص

 بغداد / محمد العبيدي

وجد العراق نفسه خلال عام 2024، في قلب معركة اقتصادية معقدة، تصطدم فيها طموحات التغيير مع واقع مليء بالتحديات، وبينما يستند اقتصاد البلاد بشكل كبير إلى النفط وسط تقلبات الأسواق العالمية، ظهر "بصيص أمل" خجول يوحي بإمكانية تحول إيجابي في المشهد الإقتصادي.
وبدأت هذه الآمال، مع إطلاق الحكومة سلسلة من الإجراءات التي شملت مختلف القطاعات، في محاولة لتحقيق "تنمية مستدامة" تلامس حياة المواطنين.
ومع ذلك، أبدى خبراء الاقتصاد وجهات نظر متباينة، حيث رأى بعضهم أن هذه الخطوات حققت تقدماً محدوداً في بعض المجالات، بينما أشار آخرون إلى إخفاقات واضحة في مواجهة تعقيدات الواقع العراقي.

النفط والغاز
ويبدو أن قطاع الطاقة، لا يزال يحظى بأولوية كبيرة لدى الحكومات المتعاقبة، حيث برز مجدداً كعنصر حاسم في الاقتصاد العراقي، من خلال إبرام سلسلة من العقود مع شركات دولية؛ لتنفيذ 29 مشروعاً للنفط والغاز ضمن جولتي التراخيص الخامسة التكميلية والسادسة، بهدف رفع الإنتاج إلى ما بين 800-850 مقمق من الغاز و750 ألف برميل يومياً. كما تم توقيع عقود لتطوير 13 رقعة استكشافية وحقول نفطية وغازية، مما يعكس توجه العراق لتوسيع موارده الطاقوية.
وفي (25 أيار 2024)، أُعلن عن توقيع مذكرة تفاهم بين شركتي "سيمنز" و"شلمنيجر" للاستثمار في الغاز المصاحب الذي كان يُهدر عبر الحرق، إلى جانب توقيع عقود مع شركات أخرى لتطوير هذا المجال.
يعتمد الاقتصاد العراقي بشكل كبير على النفط، الذي يشكل أكثر من 90% من إجمالي صادرات البلاد ويعتبر المصدر الأساسي لتمويل الموازنة العامة، بمتوسط إنتاج يومي يتجاوز 3 ملايين برميل، يحتل العراق المرتبة الثانية في إنتاج النفط الخام بين دول منظمة "أوبك".
وفي ظل الأزمة النفطية العالمية، قررت الحكومة العراقية في (5 تشرين الثاني 2024) تمديد خفض الإنتاج الطوعي بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً، انسجاماً مع سياسات مجموعة "أوبك+".
كما تم توقيع مذكرة تفاهم مع شركة "بي.بي" البريطانية لإعادة تأهيل وتطوير أربعة من حقول النفط في شمال العراق بمحافظة كركوك، بالإضافة إلى التعاقد مع شركة "يوكرزم ريسورس" الأوكرانية لتطوير حقل غاز عكاز في الأنبار، والتعاون مع شركتي "جيرا" الصينية و"بترو عراق" لتطوير حقل المنصورية الغازي.

مؤشرات اقتصادية
وأشار صندوق النقد الدولي في تقرير مفصل، إلى ضرورة إجراء تعديل مالي كبير في العراق بشكل تدريجي، لضمان استقرار الدين العام على المدى المتوسط وإعادة بناء الاحتياطيات المالية.
وفيما يتعلق بالنمو الاقتصادي، أوضح التقرير أن الاقتصاد العراقي انكمش بنسبة 2.2% خلال العام 2022، لكنه توقع أن يسجل نمواً محدوداً بنسبة 1.4% في العام 2024، مع ارتفاع محتمل إلى 5.3% بحلول العام 2025، مما يعكس آفاقاً اقتصادية متباينة.
وفي 28 تشرين الثاني/نوفمبر، أكدت وكالة فيتش الدولية تثبيت التصنيف الائتماني للعراق عند درجة -B، مشيرة إلى نظرة مستقبلية مستقرة، هذا التقييم عكس مساعي تعزيز الاستقرار المالي، رغم التحديات الاقتصادية المستمرة التي تواجه البلاد.
كما كشف صندوق النقد الدولي عن ارتفاع احتياطيات الذهب العراقية بمقدار 2.644 طن، ليصل إجمالي الاحتياطيات إلى 148.305 طن، مما يعزز وضع العراق كواحد من أكثر الدول امتلاكاً للذهب في المنطقة.
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي علاء الفهد، أن "عام 2024 شهد تطورات اقتصادية لافتة في العراق، حيث برزت جهود لتجاوز التحديات الاقتصادية المتراكمة من المراحل السابقة".
وأوضح لـ(المدى) أن "القطاع غير النفطي حقق نمواً ملحوظاً، ما يعكس السعي لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، عبر تحسين بيئة الأعمال، وتبسيط إجراءات تسجيل الشركات وإلغاء متطلبات رأس المال الأدنى، ما ساهم في جعل البلاد أكثر جذباً للاستثمارات".
وأشار الفهد إلى أن تطوير البنية التحتية الرقمية كان من النقاط الإيجابية أيضاً، حيث تم تعزيز الدفع الإلكتروني وأتمتة المعاملات الحكومية، مما ساهم في تقليل الفساد وزيادة كفاءة الخدمات".
لكن الفهد رأى أن "هذه الإنجازات جاءت في ظل تحديات اقتصادية كبيرة، أبرزها توسع عجز الموازنة إلى 7.6% في عام 2024، مما يتطلب ضبطاً مالياً أكبر".

ماذا عن الكهرباء؟
وشهد العام الحالي تحركات لوزارة الكهرباء، لتعزيز إنتاج وتوزيع الطاقة في العراق من خلال شراكات عدة، وعقود توريد الغاز، حيث تم توقيع اتفاقية بين دول مجلس التعاون الخليجي والعراق لإنشاء مشروع ربط كهربائي يتيح تزويد العراق بنحو 3.94 تيراواط/ساعة سنوياً.
وفي 19 تموز يوليو، أعلنت الولايات المتحدة تمديد الإعفاء الذي يسمح للعراق باستمرار استيراد الطاقة من إيران، ومن جهة أخرى، افتتحت وزارة الكهرباء في 30 آذار مارس خط الربط الكهربائي بين العراق والأردن، والذي سيصل طاقته إلى 500 ميغاواط في مرحلته النهائية، بما يساهم في تحسين إمدادات الطاقة لمحافظة الأنبار.
وعلى صعيد الإنتاج المحلي، أكد وزير الكهرباء أن العراق سجل رقماً قياسياً جديداً في إنتاج الطاقة الكهربائية بلغ 27 ألف و320 ميغاواط، بزيادة 3000 ميغاواط عن العام السابق. وذلك في تموز/ يوليو الماضي.
وفي سياق تعزيز إمدادات الغاز، وقّعت الوزارة في 28 آذار مارس عقداً مع شركة الغاز الوطنية الإيرانية لتوريد 50 مليون متر مكعب يومياً من الغاز لمدة خمس سنوات، لدعم تشغيل محطات الكهرباء المحلية.

موازنة 2023 ومؤشرات التنمية
شهدت الموازنة العامة للعراق قفزة ملحوظة خلال عام 2024، حيث بلغت 211 تريليون دينار عراقي، ما يعادل حوالي 161 مليار دولار، مقارنة بموازنة العام السابق التي سجلت 199 تريليون دينار، بقيمة تعادل 153 مليار دولار، وهو ما عكس زيادة واضحة في حجم الإنفاق العام، بحسب ما أفاد به المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح.
من جهة أخرى، أشار تقرير لصندوق النقد الدولي إلى أن التحديات المالية في العراق تفاقمت نتيجة زيادة الإنفاق الحكومي بالتزامن مع انخفاض أسعار النفط.
وحذّر الصندوق من أن الوضع المالي يتطلب خطوات تدريجية لإعادة التوازن، تشمل تصحيح أوضاع الموازنة لتحقيق استقرار الدين العام وإعادة بناء الاحتياطيات النقدية على المدى المتوسط.

ملف القطاع الخاص
وقامت الحكومة العراقية مؤخرًا بسلسلة خطوات لتطوير القطاع الخاص فضلاً عن العمل على تفعيل قوانين جديدة لضمان حقوق العاملين في هذا القطاع الحيوي.
كما يُتوقع أن تشهد الأيام المقبلة افتتاح خطوط إنتاج جديدة، منها مصانع الأسمدة في البصرة، بالإضافة إلى مشاريع أخرى تشمل إنتاج السكر والزيوت النباتية والأعلاف في محافظة بابل.
ويؤكد اقتصاديون أن العراق بحاجة إلى تعزيز القطاعات غير النفطية، مثل الزراعة والصناعة والسياحة، بهدف تقليل الاعتماد على عائدات النفط التي تجعل الاقتصاد عرضة لتقلبات السوق العالمية.
كما يشددون على ضرورة إعطاء الأولوية للإصلاحات المالية، من خلال تحسين إدارة الإيرادات، وخفض الإنفاق غير الضروري، والتركيز على تقليل عجز الموازنة والسيطرة على الدين العام، فضلاً عن مكافحة الفساد الذي يعد عائقاً رئيسياً أمام التطور الاقتصادي، بالإضافة إلى تعزيز الحوكمة والشفافية في المؤسسات الحكومية، عبر تطبيق سياسات رقابية صارمة ومحاسبة المسؤولين عن الهدر المالي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

التربية تثبت مديرين عامين بالأصالة في 7 محافظات

اعتقال أكثر من 5600 متهم بـ"الإرهاب" خلال 2024 في العراق

الزوراء يتغلب على الجوية في كلاسيكو العراق

وزير العدل يوجه بإعفاء مدير سجن التاجي

عراقجي: مستعدون للتفاوض على أساس صيغة بناء الثقة مقابل رفع العقوبات

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

زيارة مرتقبة للسوداني إلى طهران: الغاز والوضع في سوريا على رأس الأولويات
سياسية

زيارة مرتقبة للسوداني إلى طهران: الغاز والوضع في سوريا على رأس الأولويات

 بغداد/ تميم الحسن تبدو كلمة السر لتجنب العراق "مفاجآت" ما بعد عاصفة سوريا هي البقاء على "الحياد" تجاه الأزمات الكبيرة في المنطقة.نجحت خطة "الحياد العراقي" منذ الحرب في غزة (أكتوبر 2023)، ولكن هل...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram