TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نظرة مستقبلية بعيدا عن الآيديولوجيا الشعبوية

نظرة مستقبلية بعيدا عن الآيديولوجيا الشعبوية

نشر في: 5 يناير, 2025: 12:02 ص

عصام الياسري

أدخلت الأحداث الأخيرة سيما بعد سقوط نظام الأسد وإعادة الدول العظمى برمجة استراتيجية توازن القوى في المنطقة العديد من الأنظمة العربية في حالة من الارتباك وإعادة النظر في اصطفافاتها السياسية الداخلية والخارجية والبحث عن مخارج أقل خسارة، أو ربما، محاولة بالحد الأدنى منع التعرض لنفس ما جرى في سوريا من سقوط غير مسبوق.
السؤال هل سيتقن الساسة العراقيين الذين يتصدرون المشهد الحكومي ويتعرضون إلى ضغوطات خارجية ليس لها نهاية، اللعبة، لمنع السقوط في الوحل بنفس الطريقة، وكيف؟.
المسألة كما يبدو لا تخلو من الآهات وعض أصابع الندم على ما فات إلا أن الحل ليس غير ممكن إذا ما امتعضت أحزاب السلطة لمراجعة المنهج السياسي الذي تتبعه منذ عقدين من الزمن والكف عن الهرج الطائفي. والاهم، الاقتراب بعمق من المقترحات الاستراتيجية والآراء الموضوعية التي تصدر باستمرار عن العديد من القوى المدنية المعارضة والساسة والمفكرون لتجنب إعادة سيناريو سوريا وفقا لإرادات خارجية لها مصلحة في التواجد الدائم في العراق. لكن ما يثير الدهشة ما صدر مؤخرا من بيان حول مستقبل التغيير في العراق على ضوء الأحداث الأخيرة في سوريا تبناه رؤساء وزراء ومجلس نواب متعاقبين ومنهم أياد علاوي والمشهداني والنجيفي والحلبوسي والمطلك. كذلك، برنامج سياسي صدر عن "مبادرة التغيير" التي أعلنها الأستاذ نديم الجابري مع مجموعة من العراقيين من الذين لازالوا جزءا من المشهد السياسي في العراق…
نسأل لماذا لم تتقدم هذه الشخصيات بهذه الأفكار في أزمنة حرجة سابقة تعرض فيها العراق وشعبة ومجتمعاته للعديد من المظالم والمحن وكان بحاجة لمثل هذه المواقف باتجاه تغيير بوصلة السياسة الطائفية العبثية لإخراج العراق من أزماته الدراماتيكية المتراكمة.
إن احترام حق الشعب في الحياة وحرية الرأي والتعبير واحدة من أهم القضايا السياسية التي تبرز مدى التزام السلطات بقيم الإنسان والعدالة الاجتماعية. في هذا السياق، يمكن تناول موضوع تجنيب العراق من خطر السقوط والفوضى من زوايا علمية ومنطقية أبرزها أهمية الاعتراف بدور المجتمع وضرورة تفعيله لبناء الدولة المدنية التي من شأنها مواجهة التحديات الداخلية والخارجية إلا أن ضيق الأفق الفكري والسياسي لأصحاب السلطة والمبالغة بتقديم مصالحها الفئوية والحزبية الضيقة على المصالح الوطنية، جعلت، العراق لعقود في دوامة من الأزمات والصراعات التي أفقدته الكثير من فرص الازدهار والأمن والإعمار.
فالدولة المدنية هي الدولة التي تقوم على أسس المواطنة وسيادة القانون والمساواة بين المواطنين، بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو الدينية أو الفكرية. هذه المفاهيم، تقتضي، وجود نظام سياسي وسلطة مركزية تنتهج مبدأ القيم والكفاءة وقدرة تحفيز الابتكار وضمان حقوق الأفراد واحترام الحريات الأساسية للمجتمعات وثقافاتهم المتنوعة. والاهم، على الحكومة تقع مسؤولية حماية المواطنين من الأخطار الداخلية والخارجية، وضمان بيئة آمنة ومستقرة، بحيث، يجب أن تتاح للأفراد فرصة التعبير عن آرائهم دون خوف من القمع أو التمييز، مع الالتزام بالقوانين التي تمنع التحريض على العنف أو الكراهية. وعلى الدولة أيضا، دعم الإعلام الحر وضمان حرية الصحافة وحمايتها من التدخلات لتكون، فعلا، أداة رقابة فعالة على أداء الحكومة ومنتسبيها.
إن إصلاح وتعزيز النزاهة والشفافية داخل مؤسسات الدولة يسهم في تحقيق ثقة الشعب، ويجعل التعاون بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني ضرورة لنجاح جهود التنمية والتخطيط الاستراتيجي طويل الأمد لنقل العراق إلى مستوى الدول المتطورة.
خاتمة: إن مسؤولية الحكومة تجاه تطوير المجتمع وبناء الدولة المدنية واحترام حرية الرأي والتعبير وحق الشعب في الحياة الكريمة، ليست خيارا، بل هي واجب أساسي لضمان تقدم المجتمع واستقراره. ذلك يتطلب التزام صادق من قبل السلطة، النأي، عن سياسة المحاور التي تتسم بالتدخلات الخارجية لضمان مستقبل أفضل للعراق وكافة مجتمعاته دون أي تمييز…

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

أيام حاسمة أمام بغداد قبل وصول ترامب للبيت الأبيض.. والسوداني في طهران غداً

التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج النهائية للتعداد السكاني

"الفايز" ينخر مجتمع ديالى ويخلف مشاكل لا حلول لها

الهند تنهض كقوة عالمية في مجال الشركات الناشئة

مسيحيون عراقيون في المهجر يعينون مسيحيي سهل نينوى

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

قراءة في تطورات التعليم العالي عام 2024 وتطلعات المستقبل

العمود الثامن: من يغني للمسؤول العراقي؟

النَّزاريَّة.. تجربتها أمام "تحرير الشَّام"

العمود الثامن: طاعون الفشل

قناديل: كفكف دموعك واتبع سيدوري

العمود الثامن: هلوسات مرشح خسران!!

 علي حسين ذات يوم من ايام الكوميديا العراقية المتواصلة، وقبل أكثر من عشر سنوات كنت ومعي عشرات الآلاف من العراقيين ننظر بتعجب ودهشة إلى اللافتات التي امتلأت بها شوارع العاصمة بغداد والعديد من...
علي حسين

الحرب في الرواية العراقية: وجهة نظر اجتماعية (1-2 )

لاهاي عبد الحسين كما يوجد "حديثو النعمة" من المتربحين من ظروف التغير الاقتصادي والسياسي، يمكن القول إنّ هناك "حديثو المهنة" ممن دخلوا ميدان العلم وحصلوا على عمل فيه بصيغة وظيفة حكومية أو غير حكومية...
لاهاي عبد الحسين

المسيحيون العراقيون..بين البيرونيّ وفقهاء التّزمت اليوم

رشيد الخيون أطل إمام مسجد الإمام أبي حنيفة ببغداد قائلاً: "إلى كلّ الآباء، وإلى كلّ الأُمهات، وإلى كلّ الأبناء، وإلى كلّ البنات… المسلم يتميز بشخصيته، عيد الميلاد، وعيد رأس السَّنة لأهلهما، لا يجوز لنَّا...
رشيد الخيون

ترامب يؤدي اليمين الدستورية وهو مدان: تداعيات غير مسبوقة على الديمقراطية الأمريكية

محمد علي الحيدري في سابقة تاريخية، سيؤدي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة رغم إدانته الجنائية. وهذا الحدث يثير تساؤلات عميقة حول مرونة النظام السياسي الأمريكي وقدرته على التعامل مع...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram