وجه إقليم كردستان أمس الأحد انتقادات شديدة اللهجة إلى رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي على خلفية تصريحات أدلى بها لصحيفة كويتية اتهم فيها الكرد بالسعي لتأسيس دولتهم الخاصة بدفع خارجي، وتحويل الإقليم إلى ساحة لصراع إقليمي.
واكد الاقليم ان الاخوة الكردية العربية لم تشهد تهديدا منذ تأسيس العراق الحديث مثلما تتعرض له على يد المالكي، متهما إياه بالتلويح بحرب قومية. وطالب الإقليم رئيس الحكومة بتقديم استقالته "لو كان يشعر بالمسؤولية"، بعد ان تحول العراق بـ"فضل سياساته" إلى افسد دولة في العراق وتحولت بغداد إلى أقذر العواصم.
ونقلت صحيفة "الراي" الكويتية عن المالكي قوله، في ما يتعلق بالازمة بين بغداد واقليم كردستان، "ان موضوع الأكراد قضية داخلية ومسعاهم لتأسيس دولة، ولكن دولة تريد أن تعيش على دولة هذا أمر ليس بصحيح"، معتبرا ان "هذه القضية فيها دفع خارجي ونحن لن نسمح له أن يصل الى مرحلة القتال اذ رفعنا شعارا واحدا مفاده بأنه لا مشكلة مع احد وإنما هذا الدستور هو الحكم"، وأضاف المالكي "قلنا للأكراد اذا حصل القتال هذه المرة سيصبح قتالا عربيا كرديا، لأن المناطق المختلطة هي في الأصل مناطق عربية وتركمانية"، وتابع "اذا تفجر القتال لن نصل الى نتيجة، وفيها تركمان وعرب لن يقفوا مكتوفي الايدي، ويندلع قتال عربي كردي لن يتوقف. فيا أخوة لا تستمعوا الى من يدفعكم بهذا الاتجاه لأنه سيورطكم".
ونشر موقع رئاسة إقليم كردستان بيانا للمتحدث باسم رئاسة الإقليم جاء فيه "نشرت صحيفة الراي الكويتية تصريحات للسيد نوري المالكي رئيس مجلس وزراء العراق الاتحادي حول الأزمة الاخيرة في عددها (12212) الصادر يوم السابع من كانون أول ديسمبر 2012م، وقد تريثنا عن الرد، ترقباً لموقفٍ قد يصدر عن مكتبه يوضح او يصحح ما نسب اليه من آراء، فقد رأينا ان نسلط الضوء على ما ورد فيها".
وأضاف البيان الذي اطلعت "المدى" على نسخة منه بالقول "في الوقت الذي أصبحت رائحة الفساد المستشري في كل الميادين تزكم الأنوف، ومنها صفقات الاسلحة الفاسدة، ابتداءً من مكتب السيد المالكي ومن حواليه، فانه يخرج علينا بتصريحات بعيدة عن الواقع ومخالفة للحقيقة".
مشيرا الى ان المالكي "لا يكاد يخرج من ازمة حتى يصنع غيرها، ليوحي للاخرين ان ازمته فقط مع اقليم كردستان، بينما تمتد أزماته من شمال البلاد حتى جنوبها ومن شرقها الى غربها، متناسيا بدءا ذي بدء كيف تأسست الدولة العراقية بعد الحرب العالمية الأولى؟ وهي القائمة على الشراكة اساسا والتي تخلى عنها اسلافه كما يفعل هو الآن".
وكان المالكي قال في لقائه وفدا صحفيا كويتيا إن "هناك قسما من الأخوة الاكراد يعون خطورة هذه الأزمة وقسما آخر في رؤوسهم هوى، ولكن ان شاء الله لن نسمح ان تصل الى القتال، بشرط أن يلتزموا بالدستور ويكفوا عن الضغط على الناس في تلك المناطق".
ويلفت بيان رئاسة اقليم كردستان الى ان المالكي "يتطرق الى المناطق المتنازع عليها لكي يخرق الدستور ويطلق عليها مصطلح اخر وهو (المناطق المختلطة) وهي التي استقطعها النظام السابق من كردستان ويريد المالكي ان يكرسها كواقع حال رغم ان المادة 140 مادة دستورية ومصطلح المناطق المتنازع عليها مصطلح دستوري وقد قبلنا بهما لكي يكون الحل دستوريا".
ويوجه البيان تساؤلات قال انها اسئلة كل العراقيين من رئيس الوزراء، وتمنى منه الاجابة عليها، اذ يقول "منذ توليت الحكم عبر توافق سياسي وليس بانتخابات مباشرة أو انقلاب عسكري، وأنت تقصي شركاءك السياسيين في سلوك أبعد ما يكون عن تطبيق الدستور والتوافق".
ويردف "لقد جرى تبديد أكثر من ستمئة مليار دولار من ميزانية العراق، وما يزال المواطن العراقي يئن تحت وطأة التخلف المريع في كل ميادين الخدمات، من الماء الصالح للشرب والكهرباء والطرق المعبدة والصحة والتعليم ومعظم البنى التحتية، فأين ذهبت كل تلك الأموال".
وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي في كردستان، يتساءل البيان "تريد ان تزعزع الثقة باقتصاد كردستان بتكهنات لا اساس لها من الصحة، حيث يتمتع الاقليم بازدهار مضطرد بشهادة العراقيين والعرب والاجانب اذ بلغت الاستثمارات فيه اكثر من 23 مليار دولار معظمها من الدول العربية واكثرها من دولة الكويت الشقيقة".
وبحسب صحيفة "الرأي" الكويتية فان المالكي تساءل "ما الذي حصل في كردستان الآن... بعد كم الهزات التي حصلت أخيرا... اقتصادهم نزل إلى الصفر... رئيس الجمهورية جلال طالباني، ابلغني ان الاقتصاد نزل بنسبة 70 في المئة، وأنا لدي معلومات انه هبط الى ادنى من هذا المستوى، اذ من سيجازف بأن يستثمر في منطقة على كف عفريت، من الشرق إيران ومن الشمال تركيا ومن الجنوب العراق، فضلا عن المشاكل الداخلية في الإقليم".
وحول استمرار تردي الوضع الامني في البلاد رغم الإنفاق الكبير على القوات المسلحة، قال بيان رئاسة اقليم كردستان "لقد شكلتم جيشا مليونيا وأكثر، وما يزال الأمن مفقودا في كل أنحاء العراق، خارج اقليم كردستان، ثم انكم لم تعينوا قائد فرقة واحدة في الجيش بموافقة البرلمان، كما ينص عليه الدستور، فعن أي جيش عراقي تتحدث؟".
ويتساءل البيان بنبرة استغراب عن حديث رئيس الوزراء حول الحرب القومية، ويقول "هل فكرت جيدا بتبعات كلامك الخطير والخطير جدا، عندما تدعو الى حرب عربية كردية؟".
وتتابع رئاسة اقليم كردستان انتقاداتها للمالكي بالقول "لو كان لديك شعور بالمسؤولية، لقدمت استقالتك والعراق بهذه الحال المزرية، حيث تحولت البلاد بفضل "صولاتك " الى أفسد بلد في العالم، وجاءت في المراتب الاخيرة، وفقاً للقياسات العالمية، من حيث النزاهة ووضعت مدينة بغداد، العاصمة التي ظل العالم يردد اسمها، المدينة الأتعس ربما بعد الصومال!، كما شخصتها البيانات الأممية المحايدة".
وفيما يؤكد اقليم كردستان على ان الدولة العراقية قامت على ركنين متلازمين قومهما العرب والاكراد المتعايشة مع المكونات العراقية الاخرى، يقول البيان "لم يتجرأ من الحكام المستبدين الذين تعاقبوا على الحكم، بتهديد عرى التآخي بينها جميعاً، سواك".
ويتابع "ولم تبلغ الاستهانة بالوحدة الوطنية والمصالح العليا للعراق والتهديد بتجييش الجيوش الا في عهدك الذي يشهد تدهوراً، مستمراً في كل يوم في سائر الميادين السياسية والاقتصادية والثقافية، ويزداد الانفلات الأمني وضياع الارواح البريئة وممتلكات المواطنين، رغم صولات القوات غير الدستورية التي تواصل تشكيلها بالالتفاف على البرلمان وإرادة الشعب".
ويعرب بيان رئاسة اقليم كردستان عن أساه للملاحظات التي ادلى بها المالكي للصحيفة الكويتية، ووصفها بانها "مهينة"، متهما رئيس الحكومة بتسميم اجواء التآخي بين العراقيين.
ويختم البيان قائلا "فنحن، كنا ولا نزال، نتصرف كشركاء في وطن واحد، يجمعنا دستور وتاريخ ومصالح مشتركة، خلافا لما توحي به أطماعك السلطوية من محاولة "دق اسفين" بين شعبنا وأشقائنا في العراق الفيدرالي الديمقراطي".