محمد العبيدي
يلف الغموض ملف استيراد الغاز من تركمانستان عبر الأنابيب الإيرانية، في ظل أزمة انقطاع إمدادات الغاز الإيراني التي أوقعت العراق في أزمة حادة بتجهيز الكهرباء، وعلى الرغم من مرور شهرين على توقيع الاتفاق مع تركمانستان، إلا أن العقد لم يُفعَّل حتى الآن، مما يثير تساؤلات حول مصير هذا المشروع وسط التحديات القائمة.
والعقد الموقع مع تركمانستان، يُتوقع أن يُخفف من أزمة توريد الغاز في العراق، لكنه لا يزال ينتظر استكمال الإجراءات المالية التي تقع مسؤوليتها على المصرف العراقي للتجارة، وسط قلق من تعلق الأمر بالعقوبات المفروضة على إيران، باعتبارها طرفًا في هذا الاتفاق.
معضلة الأنابيب
بدوره، أكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية أحمد موسى، أن «عقد استيراد الغاز من تركمانستان لا يزال يمر بإجراءات تتعلق بآلية دفع المستحقات المالية، ولم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن».
وأضاف موسى لـ(المدى) أن «نقل الغاز التركمانستاني سيتم بكل مباشر إلى العراق عبر الاراضي والانابيب الايرانية»، نافيًا أن تكون «آلية النقل تتمثل في منح الغاز التركمانستاني للمحافظات الشمالية الإيرانية، مقابل أن تزود إيران العراق بالغاز من حقولها القريبة، حيث رفض مجلس الوزراء هذه الآلية تماماً».
وأوضح أن «صيانة الأنابيب الناقلة وتأهيلها تعد جزءاً أساسياً من آلية التنفيذ، وهي مسؤولية واتفاق مشترك بين إيران وتركمانستان ولا علاقة للعراق بها»، لافتاً إلى أن «العقد ينص على إلزام تركمانستان بتعويض العراق بالكازويل في حال حدوث أي تأخير أو نقص في كميات الغاز المتفق عليها، لضمان تلبية احتياجات محطات العراق دون تأثير على إمدادات الطاقة».
ولدى العراقيين تجارب قاسية مع الأنابيب الإيرانية، التي غالباً ما تتوقف عن العمل في فصل الشتاء بداعي الصيانة، ما يؤدي إلى انقطاع إمدادات الغاز وتأثير ذلك بشكل مباشر على تجهيز الكهرباء.
وفي الوقت الذي يتحمل فيه العراق دفع مستحقات الغاز لتركمانستان، بما يصل إلى أكثر من 25 مليون متر مكعب يومياً وبتكلفة تُقدر بحوالي 2.5 مليون دولار يومياً أو ما يعادل مليار دولار سنوياً، يبدو أن العقد مع تركمانستان قد يواجه تحديا، خاصة في مسألة نقله، باعتبار أن الأنابيب الإيرانية تتعرض غالبًا لأعطال أو إهمال، ما يثير تساؤلات عن كيفية استمرار تدفق الغاز إلى العراق.
سيناريو مخيف
بدوره، يرجح الخبير في الشأن الاقتصادي زياد الهاشمي، أن «يكون العقد مع تركمانستان قد انطلق، لكن العراق لم يتسلم شيئًا لغاية الآن»، مشيرًا إلى أن «السيناريو المخيف متوقع أن يحدث حالياً أو مستقبلًا».
وأوضح الهاشمي، في تصريح صحفي، أن «الواقع يظهر أن إيران تستهلك الغاز ولا تعيد الكمية المتفق عليها، مما يلزم العراق بدفع الفاتورة كاملة لتركمانستان دون الحصول على المقابل».
ويخصص العراق نحو أربعة مليارات دولار سنوياً لاستيراد الغاز والكهرباء من إيران، في الوقت الذي يهدر فيه كميات ضخمة من الغاز الطبيعي المصاحب لعمليات استخراج النفط، مما يعكس التحديات الكبيرة التي يواجهها قطاع الطاقة في إدارة موارده بشكل فعّال.
الحل النهائي
بدوره، أكد الخبير في الشأن الاقتصادي، نبيل المرسومي، أن «إدخال الغاز التركمانستاني إلى العراق سيسهم في حل جزء من الأزمة، لكن الولايات المتحدة لم توافق لغاية الآن على دفع الأموال إلى البنك المركزي التركمانستاني».
وأضاف لـ(المدى) أن «أكثر من نصف إنتاج العراق من الكهرباء يعتمد على الغاز الإيراني، ما يعني أن توفير الغاز التركمانستاني سيحل نحو 50% من المشكلة، لكنه لن يكون كافياً لحلها بالكامل».
وأكد المرسومي أن «العراق بحاجة إلى تنويع مصادره، بما في ذلك استيراد الغاز المسال من قطر، خاصة وأن المسافة بين ميناء حمد وميناء أم قصر تبلغ 600 كيلومتر فقط، مما يتيح بناء منصات لاستقبال الغاز المسال».
وختم بالقول إن «الحل الأساسي يكمن في تسريع تنفيذ المشاريع المحلية، مثل مشاريع أرطاوي والناصرية والحلفاية، لزيادة الإنتاج المحلي من الغاز، كما أن مشروع أرطاوي وحده يمكن أن يضيف 600 مليون قدم مكعب قياسي يومياً، إذا ما تم تنفيذه بوتيرة أسرع».
أنابيب مهترئة و"تمهل" أمريكي.. سيناريو قاتم لملف الغاز التركمانستاني
نشر في: 5 يناير, 2025: 12:21 ص
جميع التعليقات 1
ثامر احمد
منذ 3 أيام
واضح جدا اننا ندفع كلفة شراء ايران الغاز من تركمانستان لكي تستخدم من قبل ايران بدون ان تزود ايران العراق بالغاز. الحمقى او الفاسدون لم يشترطوا حصول العراق على الخاز قبل ان يدفعوا لتركمانستان.