TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > هل باعت تركيا قضية تركستان الشرقية؟

هل باعت تركيا قضية تركستان الشرقية؟

نشر في: 5 فبراير, 2011: 04:55 م

د. عبد الله المدنييصادف العام الجاري الذكري الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة ما بين أنقرة وبكين والتي بدأت باعتراف الأولى بالثانية في عام 1971 . وبهذه المناسبة أعلن الأتراك أن 2011 هو "عام الصين"، الأمر الذي رد عليه الصينيون بتسمية 2012 عاما لتركيا. وجاءت هذه التطورات بعيد الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة الصينية "
 وين جياوباو" لتركيا في أكتوبر المنصرم (الأولى لمسؤول صيني رفيع إلى تركيا خلال 8 أعوام)، و من قبلها زيارة الرئيس التركي "عبد الله غول" إلى الصين في 2009 (الأولى لزعيم تركي إلى الصين خلال 14 عاما)، ناهيك عن زيارة مهندس الدبلوماسية التركية "داوود أغلو" للصين ما بين 28 أكتوبر و4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2010 ، والتي تخللتها مواقف وتصريحات سياسية تركية صارخة ، سنأتي على ذكرها لاحقا.غير أن الذي توقف عنده المراقبون بدهشة، ودفعهم إلى طرح تساؤلات لا نهاية لها حول طبيعة ما يطبخ بين أنقرة وبكين هو حلول الصين مؤخرا ضيفة شرف في مناسبة عسكرية مهمة. ونعني بهذه المناسبة المناورات الجوية والبرية التي درجت تركيا على استضافتها سنويا تحت اسم "صقر الأناضول" في  قاعدتها العسكرية المركزية بمنطقة "قونيا" بمشاركة قوات من الولايات المتحدة وإسرائيل والأردن وباكستان ودول منظمة "الناتو". في المناورات التي جرت في نهاية العام المنصرم، كان اللافت للنظر ثلاثة أمور محددة هي: الأول، مشاركة القوات الجوية والبرية التابعة للجيش الأحمر الصيني لأول مرة جنباً إلى جنب في مناورات مع قوات تابعة لدول أعضاء في تحالف عسكري غربي (الناتو)، بل على أرض تابعة لدولة عضو (تركيا). والثاني، القدرات القتالية المذهلة للقوات الصينية في تعقب وضرب وإدارة المعارك مع قوى الشر الثلاث وهي المتطرفين والإرهابيين والانفصاليين (بحسب التصنيف الصيني)، وذلك خارج حدود الصين الجغرافية المباشرة. والثالث، غياب مشاركة القوات الأمريكية والإسرائيلية لأول مرة منذ انطلاق مثل هذه المناورات في عام 2001 (غياب الأولى بسبب عدم دعوتها من قبل الأتراك الذين تعتري علاقاتهم بتل أبيب بعض المصاعب منذ هجوم القوات الإسرائيلية على سفينة مرمرة التركية قبالة سواحل غزة في مايو/ ايار 2010 ، وغياب الثانية احتجاجاً على عدم دعوة الأتراك للإسرائيليين).ويمكن القول أنه لئن كانت هذه أول سابقة لتعاون عسكري ومناورات جوية بين الأتراك والصينيين فوق قمم الجبال التركية الوعرة، فإنها أول مناسبة على الإطلاق تحلق وتتعاون فيها مقاتلات حربية غربية الصنع من نوع فانتوم (تابعة لتركيا) مع مقاتلات حربية روسية الصنع من نوع سوخوي(تابعة للصين)، وهو ما دفع البعض إلى الزعم بإمكانية انتقال التكنولوجيا الحربية الأمريكية والأوروبية إلى الصينيين من خلال الأتراك، الساعين اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الابتعاد عن الغرب والتوجه شرقا، مع لعب دور محوري في قضايا الشرق الأوسط. وقد سارعت الدبلوماسية التركية إلى تفنيد مثل هذه المزاعم ووصفها بـ "السخيفة".وعلى هامش هذه التطورات في العلاقات الثنائية التركية – الصينية، هناك مظاهر عديدة لشراكة اقتصادية إستراتيجية، نجد تجلياتها في ما أعلن عنه من اتفاقيات في نهاية العام المنصرم بهدف زيادة التبادل التجاري بحلول عام 2015 إلى 50 بليون دولار، وبحلول عام 2020 إلى 100 بليون دولار، وذلك ارتفاعا من حجمه الحالي البالغ نحو 17 بليون دولار، ناهيك عن اتفاقيات خاصة بالاستثمارات المشتركة في قطاعات النقل والاتصالات والطاقة والسياحة، من أجل تصحيح الميزان التجاري المائل لصالح الصين حالياً (في عام 2009 بلغت قيمة الواردات التركية من الصين 12.7 بليون دولار، فيما بلغت قيمة الصادرات التركية إلى الصين 1.6 بليون دولار فقط) واتفاقيات أخرى لفتح المجال أمام الشركات الصينية لاستخدام تركيا معبراً إلى أوروبا والشرق الأوسط من أجل تسويق بضائعها (مثلا جرى التوقيع على اتفاقية تقوم بموجبها مؤسسة إنشاءات سكك الحديد الصينية ببناء خط حديدي سريع لربط أنقرة بإسطنبول، وذلك كجزء من مشروع لاحق لربط بكين بأنقرة).إن من يراقب هذه التطورات الإيجابية المتسارعة في روابط البلدين البينية، لا يصدق أنها كانت قبل وقت ليس بالطويل مشوشة، ومعرضة للتدهور الخطير على خلفية استنكار الحكومة التركية لسياسات بكين العنيفة إزاء مطالب وحقوق الأقلية الإيغورية المسلمة في إقليم "تركستان الشرقية" الصيني، وقيام أنقرة بتبني مطالب هؤلاء والدفاع عن قضيتهم بسبب الروابط العرقية والدينية واللغوية المشتركة بينهم وبين الشعب التركي، ولا سيما أثناء إندلاع موجة العنف الدموي في الإقليم ما بين عرقي "الإيغور" و"الهان" في يوليو/ تموز 2009 ، فهل باعت أنقرة مثلا قضية "تركستان الشرقية" من أجل المصالح الاقتصادية والسماح لها بممارسة دور ونفوذ سياسي أقوى في منطقة "آسيا الوسطى" التي بات للصينيين فيها نفوذ معتبر منذ انهيار الاتحاد السوفيتي؟بعض المراقبين يجيب بنعم، مستشهداً بكلمات نائب الرئيس الصيني "زي جينبينغ" لضيفه وزير الخارجية التركي "

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram