ذي قار/ حسين العامل
يشكو أهالي محافظة ذي قار ومنذ نحو أسبوع من تغير مثير للقلق في لون مياه الشرب مصحوبة بطعم ورائحة لا تنسجم مع معايير المياه الصالحة للاستهلاك البشري، وفيما عزت دائرة الماء ذلك الى رداءة نوعية المياه في المصادر المغذية لمحطات التصفية ودعت وزارة الموارد الى زيادة الاطلاقات المائية، ربط مصدر مسؤول ارتفاع معدل الإصابات السرطانية بزيادة نسب التلوث في المحافظة.
وكشف عدد كبير من الأهالي الذين تواصلت معهم (المدى) عن تلوث وتغير نوعية المياه في معظم مناطق محافظة ذي قار ولاسيما في مركز مدينة الناصرية واقضية الشطرة والغراف والإصلاح وسيد دخيل، مؤكدين ان المياه التي تصنف كمياه شرب لا تصلح حتى للغسيل بسبب تلوثها ورائحتها وتغير لونها المائل الى اللون الأخضر وأحيانا الى الأصفر الداكن.
ويأتي التغير المقلق في نوعية المياه عقب اعلان دائرة الموارد المائية في ذي قار عن رفع الاطلاقات المائية في نهر الغراف المغذي لمعظم مشاريع الماء في المحافظة من 88 متر مكعب / الثانية الى 105 متر مكعب / الثانية، وعلى ما يبدو ان زيادة الاطلاقات المائية كانت على حساب نوعية المياه اذ يقول مدير ماء ذي قار احمد عزيز لـ(المدى) ان "المياه الواردة الى محافظة ذي قار وعبر نهر الغراف هي مياه ذات لون متغير ما استدعى ذلك اتخاذ إجراءات عاجلة لتدارك الازمة".
وأوضح عزيز ان "ازمة تغير لون المياه بدأت منذ منتصف الأسبوع المنصرم وقد تواصلنا مع الحكومة المحلية التي تواصلت بدورها مع وزارة الموارد المائية حول تحسين نوعية المياه وحاليا هناك بوادر وإجراءات لحلحلتها لكنها لم تحل بصورة نهائية حتى الان".
ورجح مدير دائرة الماء ان "تشهد الأيام القادمة انفراجا"، مشيرا الى ان "المياه وان كانت بلون مغاير يقلق المواطنين الا انها غير ملوثة"، منوها الى ان "الفحوصات المخبرية الخاصة بدوائر الماء والبيئة ودائرة الرقابة الصحية ومختبرات وزارة الإسكان والاعمار والبلديات لم تكشف عن تلوث مقلق على حد قوله".
ويجد عزيز ان "تغير نوعية المياه ناجم عن تحلل نباتات عضوية غير ضارة في الخزين المائي لدى وزارة الموارد المائية"، لافتا الى ان المياه التي جرى اطلاقها لتعزيز الاطلاقات المائية في ذي قار هي من الخزين المائي. وعن الإجراءات التي اتخذتها دائرة الماء لتدارك المشكلة قال عزيز ان "الدائرة اعتمدت زيادة مراحل الغسيل العكسي والعمل على إعادة المرشحات الى وضعها الطبيعي واضافة مواد كيميائية ضمن الحد المسموح به كالكلور والشب ومواد أخرى تدخل ضمن عملية التعقيم". وكشف مدير ماء ذي قار عن افتقار دائرته الى مرشحات لمعالجة تغيير لون المياه كون مثل هذه المرشحات غير معتمدة في عمليات التصفية والتعقيم المعمول بها، مؤكدا ان "عمليات مراقبة وفحص المياه متواصلة في جميع المراحل ومن عدة جهات للتأكد من عدم تلوثها". ومن جانبه يرى مستشار محافظ ذي قار لشؤون المواطنين، حيدر سعدي، أن هناك تناسبا طرديا بين تلوث المياه وارتفاع معدلات الإصابة بمرض السرطان وأوضح في تصريح اعلامي تابعته (المدى) ان "ملف المياه يعد من الملفات الشائكة، اذ تتأثر الإطلاقات المائية سلبا بسياسة دول المنبع"، وأضاف ان "تراجع الاطلاقات المائية في ذي قار أدى الى ارتفاع نسب التلوث والملوحة في المياه وهو ما رفع معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية في المحافظة، ناهيك عن نفوق أعداد كبيرة من الحيوانات كالجاموس والاسماك".
ومن جانبه أعلن نائب محافظ ذي قار ماجد حميد العتابي عن مفاتحة وزارة الموارد المائية رسميا حول زيادة الاطلاقات المائية لتدارك مشكلة تلوث المياه. ودعا العتابي في بيان صحفي تلقت (المدى) نسخة منه الوزارة الى زيادة الاطلاقات المائية في نهر دجلة وروافده داخل المحافظة التي تعاني من تراجع في مناسيب المياه.
وأشار العتابي الى ان "المحافظة سجلت ارتفاعا بنسب التلوث نتيجة انخفاض الواردات المائية التي اثرت سلبا على جودة مياه الشرب الواصلة إلى دور المواطنين"، مشددا على أهمية معالجة ملف المياه وتقليل الأضرار الحاصلة في مناطق ذنائب الانهر كما هو الحال في ذي قار". وكانت مدير الموارد المائية في ذي قار المهندس هاشم محيبس قاسم افاد في (مطلع كانون الأول 2024) بان "الموقف المائي اخذ بالتحسن اذ ارتفعت المناسيب في الفرات الى 69 متر مكعب / الثانية فيما ارتفعت في نهر الغراف الى 105 متر مكعب / الثانية ضمن حدود محافظة ذي قار". وامهلت الحكومة المحلية في ذي قار في (اواخر كانون الاول 2024) وزارة الموارد المائية مدة شهر واحد لمعالجة ملف المياه الذي يواجه جملة من التحديات في المحافظة، وفيما اشارت الى مشروعين وزاريين متلكئين وعدم تخصيص مشروع اروائي للمحافظة منذ 2008، طالبت بتخصيص مشاريع اروائية اسوة ببقية المحافظات.
وكانت ادارة محافظة ذي قار حملت وزارة الموارد المائية يوم (11 تشرين الثاني 2024) مسؤولية توقف مشاريع مياه الشرب في عدد من اقضية ونواحي المحافظة، فيما عزت دائرة الموارد الازمة المائية ذلك الى تدني الايرادات والتجاوزات الحاصلة على عمود نهر الغراف. وسبق لإدارة محافظة ذي قار أن حذرت في يوم (22 تشرين الأول 2024) من كارثة بيئية واقتصادية ناجمة عن شح المياه في المناطق الزراعية، وفيما توقعت تعرض 5 وحدات إدارية إلى كوارث ونزوح سكاني في حال لم تجرِ المعالجة الفورية لأزمة المياه، طالبت وزارة الموارد المائية بتشكيل غرفة عمليات مشتركة مع المحافظة.
وكان مصدر بيئي في محافظة ذي قار كشف (مطلع آب 2024) عن جفاف 85% من مساحات الأهوار في المحافظات الجنوبية الثلاث، محذرًا من مخاطر الجفاف على حياة السكان المحليين والتنوع الأحيائي.
فيما كشفت دائرة الهجرة والمهجرين في ذي قار في يوم (28 تشرين الأول 2024) عن تسجيل نحو 10 آلاف عائلة نازحة من مناطق الأهوار ومناطق أخرى التي تعرضت للجفاف والتصحر والتغيرات المناخية، وفيما أكدت تقديم معونات إغاثية لـ9600 عائلة من العوائل المذكورة، أشارت إلى ظروف خاصة حالت دون استكمال عملية حصر النازحين في قضائي الإصلاح وسيد دخيل.
وشهدت محافظة ذي قار خلال الاعوام الاخيرة تقليص كبير في مساحات الخطة الزراعية نتيجة الازمة المائية التي تمر بها البلاد، اذ جرى تحديد حصتها للموسم الشتوي الحالي بـ 137 ألف دونم بعد ان كانت خطتها تقدر بنحو 500 ألف دونم قبل بضع سنوات.