الناصرية / حسين العامل
أعربت مؤسسات مجتمعية وحكومية في محافظة ذي قار عن قلقها البالغ من ارتفاع معدلات جرائم الابتزاز الإلكتروني، والتي باتت تشكل تهديدًا كبيرًا للأمن المجتمعي. وكشفت مصادر أمنية عن تسجيل 537 جريمة ابتزاز إلكتروني في المحافظة خلال عام 2024، مشيرة إلى أن هذه الأرقام لا تمثل سوى الحالات المسجلة رسميًا، بينما قد تكون الحالات الفعلية أعلى بكثير.
وفي حديث خاص لـ(المدى)، قال علي عبد الحسن الناشي، رئيس منظمة التواصل والإخاء الإنسانية في ذي قار: «إن العديد من الضحايا لا يلجؤون إلى الأجهزة الأمنية للإبلاغ عن حالات الابتزاز خوفًا من العار أو التعرض للأذى، بل وحتى القتل». وأضاف أن «بعض الضحايا، وخاصة في المناطق الريفية، يفضلون التعامل مع هذه القضايا بتكتم شديد، وقد يرضخون لطلبات المبتزين تجنبًا للفضيحة أو المشاكل الاجتماعية».
وأشار الناشي إلى أن «عمليات الابتزاز غالبًا ما تكون بدوافع مادية أو استغلال غير أخلاقي، خاصة تجاه الفتيات، مما يدفع بعضهن إلى الانتحار». كما لفت إلى أن «بعض الضحايا يتعرضون للابتزاز باستخدام مقاطع فيديو أو تسجيلات صوتية ذات طبيعة حساسة».
ودعا الناشي الجهات الحكومية والمنظمات المجتمعية إلى «تبني برامج توعوية فعالة للحد من هذه الجرائم»، مؤكدًا على «أهمية إنشاء مركز مجتمعي يقدم الدعم النفسي والقانوني للضحايا وأسرهم». وأوضح أن «هذا المركز يجب أن يضم باحثين ومرشدين وممثلين من المؤسسات الحكومية والدينية والعشائرية، لاحتواء تداعيات الابتزاز وإنقاذ الضحايا من براثن المبتزين».
كما اقترح الناشي «إنشاء خط ساخن لتلقي شكاوى الضحايا بشكل سري»، معتبرًا أن «المؤسسات المجتمعية أكثر قدرة على التعامل مع هذه القضايا بسرية وفعالية مقارنة بالمؤسسات الحكومية».
من جهته، كشف مصدر أمني مطلع لـ(المدى) عن «تأثير الابتزاز الإلكتروني في تفاقم النزاعات العشائرية»، موضحًا أن «سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، سواء عبر التعليقات المستفزة أو حالات الابتزاز، يتسبب في مشاكل أمنية واجتماعية خطيرة». وأضاف المصدر أن «مشاكل الاستخدام الإلكتروني تتناسب طرديًا مع زيادة عدد المستخدمين، مما يستدعي تعزيز الجهود الأمنية للحد من هذه الظاهرة».
وأشار المصدر إلى أن «قضايا الابتزاز الإلكتروني في ذي قار تعد أقل مقارنة بالمحافظات الأخرى»، معتبرًا أن «جهود الأجهزة الأمنية ساهمت في تقليص هذه الجرائم خلال الفترة الأخيرة».
وفي سياق متصل، كشف مصدر أمني عن «اعتقال عدد من المتورطين في جرائم الابتزاز الإلكتروني بعد تسجيل أكثر من 500 حالة خلال عام 2024». كما حذرت أوساط حكومية ومجتمعية من «مخاطر هذه الجرائم على الأمن المجتمعي»، داعية إلى «تشريع قانون خاص للحد من الجرائم الإلكترونية».
وكانت اوساط حكومية ومجتمعية في ذي قار حذرت في (أواخر كانون الثاني 2024) من مخاطر الابتزاز الالكتروني وآثارها على الامن المجتمعي، وفيما اشاروا الى حالات ابتزاز دفعت البعض من ضحاياها الى الانتحار، دعوا الى تشريع قانون خاص يحد من الجرائم المرتكبة في المجال المذكور.
يأتي ذلك في ظل غياب تشريعات قانونية فعالة لمكافحة الجرائم الإلكترونية، ورصد حالات ابتزاز أدت إلى انتحار بعض الضحايا، خاصة بين النساء. وتشير مصادر أمنية إلى أن «ضحايا الابتزاز من النساء يشكلن النسبة الأكبر، مع تناسب ارتفاع معدلات الجريمة مع زيادة استخدام الإنترنت».
وفي تطور آخر، أثيرت قضايا «الابتزاز السياسي» في ذي قار، حيث تم اعتقال عضو مجلس المحافظة عمار الركابي وعدد آخر من المسؤولين والإعلاميين بتهمة التورط في عمليات ابتزاز إلكتروني. وجاءت هذه التطورات بعد شكوى مقدمة من محافظ ذي قار مرتضى الإبراهيمي، مما أثار جدلًا واسعًا حول انتشار هذه الظاهرة بين النخب السياسية والإعلامية.