بغداد / إلهام أركان
في قلب العاصمة العراقية بغداد، تسعى الشابة نور داوود سلمان (29 عاماً) إلى تمكين الفتيات وتعزيز ثقتهن بأنفسهن من خلال تدريبهن على فنون الدفاع عن النفس. نور، التي تعمل مدربة كاراتيه في "أكاديمية عائلة آصف للفنون القتالية"، تُعد نموذجاً ملهماً للفتيات اللواتي يرغبن في مواجهة تحديات الحياة بثقة وقوة.
بدأت رحلة نور مع الكاراتيه قبل عدة سنوات، حيث واجهت في البداية معارضة شديدة من عائلتها وأقاربها الذين رأوا في هذه الرياضة عنفاً غير مناسب للفتيات. ومع ذلك، أصرت نور على موقفها، واستطاعت بعد عامين من المحاولات إقناع عائلتها بضرورة تعلمها لهذا الفن القتالي. تقول نور: "عملت على التدرّب في رياضة الكاراتيه على الرغم من أنّ المجتمع كان ضدّ هذا الموضوع. أهلي كانوا ضد ممارسة هذه الرياضة، لكنني تمكّنت من إقناعهم بفوائدها".
اليوم، تُدرب نور الفتيات في الأكاديمية، وتساعدهن على اكتساب المهارات اللازمة للدفاع عن أنفسهن، بالإضافة إلى تعزيز ثقتهن بأنفسهن. وتؤكد نور أن تعلم الفنون القتالية ليس مجرد وسيلة للدفاع عن النفس، بل أيضاً أداة لتحسين الوضع النفسي والجسدي. وتقول: "لاحظت فرقاً كبيراً في كل شيء بعد انضمامي إلى الأكاديمية. تمكّنت من الردّ على المواقف الصعبة باستخدام الفنون الدفاعية التي تعلمتها، وهذا ما جعلني أفخر بنفسي".
وتضيف نور أن تعلم الكاراتيه غيّر حياتها بشكل كبير، حيث كانت تشعر بالخوف والارتباك في المواقف الصعبة، لكنها الآن واثقة من نفسها وقادرة على التصرف بحكمة. كما تؤكد أن الفنون القتالية ساعدتها على تحسين لياقتها الجسدية وتعزيز صحتها النفسية.
تشير نور إلى أن إقبال الفتيات على تعلم الفنون القتالية آخذ في الازدياد، حيث تلجأ العديد منهن إلى هذه الرياضة كوسيلة للدفاع عن النفس في مواجهة التحرش والعنف. وتقول: "التقيت بفتيات كثيرات كان السبب الأساسي وراء التحاقهن بالأكاديمية هو الدفاع عن النفس. كل واحدة منهن تسأل: يتحرّشون بي في الشارع، ماذا أفعل؟ كيف أتصرّف؟".
من جانبه، يؤكد آصف محمد، صاحب أكاديمية عائلة آصف للفنون القتالية، أن عدد الفتيات الملتحقات بدروس الدفاع عن النفس في تزايد مستمر، رغم وجود بعض الاعتراضات المجتمعية. ويقول محمد: "المجتمع يتقبّل في مرّات ولا يتقبل في أخرى، لكننا وفّرنا كادراً نسائياً لتدريب الفتيات، ونستقبل أكبر عدد ممكن منهنّ".
ويضيف محمد أن الفنون القتالية أصبحت ضرورة للفتيات في المجتمع الشرقي، حيث تشعر الكثيرات بالضعف وعدم القدرة على الدفاع عن أنفسهن. ويؤكد: "المرأة في مجتمعنا ترى نفسها ضعيفة، وهي في حاجة إلى من يقوّيها. نحن مستمرون في تقديم الدعم لهنّ، ونأمل أن تزدهر هذه الرياضة في المجتمع".