الموصل / سيف الدين العبيدي

يعد البروفيسور أحمد قاسم الجمعة أقدم علماء الآثار في العراق، وآخر عالم عربي متخصص في الآثار الإسلامية، حيث يأتي بعد علماء بارزين مثل البريطاني كريزويل، والألمانيين أرنست هرتسفلد وفريدريك شمت، والمصريين البروفيسور فريد الشافعي والبروفيسور حسن الباشا. بدأ الجمعة مسيرته العلمية في ستينيات القرن الماضي، حيث برع في اكتشاف الآثار وتحليلها وتوثيقها، بالإضافة إلى رسم الزخارف والخطوط الهندسية، مما جعله العالم الوحيد الذي جمع بين هذه العلوم. ويبلغ الجمعة من العمر 87 عامًا، وهو حاصل على درجة البكالوريوس في الآثار من جامعة بغداد عام 1962، وكان قد رُشح لإكمال الدراسات العليا في جامعة إدنبرة ببريطانيا، لكن قطع العلاقات السياسية حال دون ذلك، فانتقل إلى القاهرة حيث حصل على الماجستير عام 1971 والدكتوراه عام 1975. وأشرف الجمعة على 48 رسالة ماجستير ودكتوراه خلال مسيرته العلمية الطويلة. وفي إطار تكريمه، أطلقت مؤسسة تراث الموصل بالشراكة مع وزارة الثقافة قلادة «أحمد قاسم الجمعة للتراث»، وتم منح النسخة الأولى منها لهذا العالم الكبير. وستصبح هذه القلادة تقليدًا سنويًا يُمنح لأفضل شخصية مهتمة بالآثار والتراث كل عام. وفي نفس الحدث، وقع الجمعة على آخر إصداراته بعنوان «جلسة على ضفاف التراث الموصلي»، الذي يتناول معايشته للعمارة الموصلية الأثرية والتراثية، بالإضافة إلى الأمثال والحكايات والجوانب الفنية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية للموصليين. ويضم الكتاب تسعة فصول موزعة على أكثر من 200 صفحة.
وقال الجمعة في حديثه لـ(المدى): «الكتاب يتحدث عن النواحي العقائدية والدينية، والعلمية والثقافية، بالإضافة إلى الجوانب الفنية مثل الأغاني، وقد تناولتها بصورة تحليلية بلغة سلسة تناسب جميع المستويات التعليمية، باستخدام اللغة الفصحى والعامية». وأضاف: «أكثر الآثار الموصلية لم تُستنطق علميًا بشكل كامل، والموصل هي غابة من الآثار تمتد من عصور ما قبل التاريخ وحتى اليوم». وكشف الجمعة عن اكتشافه للمكان الذي صلى فيه ابن جبير عندما زار الموصل عام 580 هجرية (1184 ميلادية) بالقرب من بوابة شمس الآشورية، بالإضافة إلى اكتشافه الباب الشمالي لجامع النوري، حيث اعتمد المهندسون على توثيقاته في إعادة إعمار الجامع ومئذنة الحدباء.
من جهته قال الآثاري عامر الجميلي لـ(المدى): «قمت بمراجعة الكتاب علميًا وصممت غلافه، وقد واكبت الجمعة منذ عام 1983 وتعلمت منه التحقيقات الأثرية وقراءة النقوش الكتابية وتحليل المباني التاريخية». وأضاف: «أنا محظوظ لأنني تتلمذت على يديه».