علي حسين
تستيقظُ صباحا، فتجد ان مسلسل الكيانات الطائفية يواصل عرض حلقاته بنجاح ، وكان آخرها الحلقة التي قام ببطولتها محمود المشهداني وفيها يعلن عن تشكيل كتلة سنية جديدة ، اتمنى ان تركز على كلمة كتلة سنية ، لأننا في هذه البلاد العجبية نعتبر تشكيل كتلة وطنية جريمة ، فالشيعي مطلوب منه ان يصفق لجماعته ، مثلما مطلوب من السني أن يهتف باسماء جماعته ، اما المواطن شيعيا وسنيا ، فهو في آخر قائمة اهتمامات ساستنا ، ولهذا تجد المواطن لا يملك وسيلة لمواجهة هذه التكتلات سوى الدعاء الى الله أن يبعد عنه هذه الوجوه الطائفية ، نحن في هذا الجزء من العالم، وأنا واحد منهم، لا نزال نحلم باحزاب سياسية حقيقية ، تهتم بالوطن والمواطن ، وتترك المناكفات السياسية والطائفية ، وتسعى لتشريع قوانين حقيقية للتعليم والسكن والصحة والتنمية الاجتماعية، لكننا للأسف بدلاً من ذلك نعيش مع احزاب ، همها الوحيد حصتها من الكعكة العراقية واعلاء شأن الطائفة والقبيلة .
بعد سنين طويلة سوف يذكر التاريخ أن بلداناً خاضت ملاحم إنسانية كبرى لإسعاد مواطنيها، وأن سياسييها قرروا أن يقولوا للعالم إنه لا قيمة أغلى وأهم من الإنسان، من دون الاعتبار للدين والطائفة، ولتيذكر الإنسان العراقي أن في هذه البلاد عاش مدّعو السياسة والباحثون عن المنافع والمصالح، تركوا هموم الناس البسطاء، وانشغلوا بالدفاع عن مصالحهم وكراسيهم وامتيازاتهم، إضافة إلى إشغال المواطن العراقي بأمور تنغّص عليه حياته، بعضها يمكن احتماله، وبعضها أشبه بالقدر الذي لا فكاك منه. ولهذا نادرا ما تجد مواطن عراقي لا يشك في نوايا السياسيين وليس لديه ثقة في وعودهم ، يومياً استمع لحوارات كثيرة في الصحيفة أو الشارع أو المقهى أو البيت فأجد أن المشكلة الكبيرة التي تواجه الجميع هي الوعود التي تقطعها الكتل السياسية على نفسها ثم تتحول هذه الوعود إلى مجرد كلام.
في بلاد النهرين التي لا تزال تتربع على سلم الدول الحائرة بين معركة هل نضع السلاح في يد الدولة ام نجعله مشاعا ؟ ، فأن الأمر يُصبح تعدياً على حقوق الطائفة، فمن غير المسموح لمواطن مسيحي أن يصبح وزيراً للمالية، أو أن يجلس مواطن إيزيدي على كرسي رئاسة البرلمان، أو أن يحلم مواطن صابئي مجرد حلم بالجلوس على كرسي إحدى الهيئات المستقلة. وفي الوقت الذي تلغي فيه الأنظمة الحديثة الحدود الجغرافية .
لا يمكن أن يحسب السياسي على طائفته إلا في زمن أمراء الطوائف ومراهقي السياسة.. زمن أصبح فيه كل شيء سهلاً، المال العام أصبح خاصاً، والمنصب لا يُسعى إليه من خلال الاجتهاد والعمل والخبرة بل الوسيلة إليه هي المحسوبية ، والاحاديث الطائفية .