TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الصراع على البحر الأحمر من بوابة اليمن "السعيد" 

الصراع على البحر الأحمر من بوابة اليمن "السعيد" 

نشر في: 9 يناير, 2025: 12:03 ص

غالب حسن الشابندر

من الخطا التعامل مع موضوعة البحر الاحمر بلغة الدول المتشاطئة فحسب ، لأن الموضوع سياسي ، ولذلك التعامل ينبغي أن يكون بلغة (الجيوسياسي ) وليس الجغرافي ، وفي ضوء هذه النظرية فإن البحر الاحمر موقع استراتيجي عالمي ، والحديث عنه يشمل خلجان وممرَّات وجزر ومضايق وقنوات مائية عالمية متداخلة ومتشابكة ، وموارد طبيعية هائلة في مقدمتها النفط ، وتنوّع ثقافي وعرقي وديني مزدحم ، ويمتدد بمفهومه ( الجيوسياسي ) إلى كل أطراف العالم ، إنطلاقا من تقدير استراتيجي حسب بعض التصورات حيث يُعتّبر ( قلب العالم ) .

البحر الاحمر من منظور جغرافي بحت هو موقعه على الخارطة ، تتشاطيء على ضفَّتيه ، بيد أنه من منظور جيوسياسي يضم مصر والسودان واثيوبيا وأريتيريا والمملكة العربية السعودية و" إسرائيل " وليبا واليمن والصومال والاردن وجيبوتي ، ويحتضن خلجان مهمة ، خليج العقبة وخليج السويس وخليج عدن وخليج عقيق وخلج دونقناب ، وهناك المضايق ، مضيق هرمز ومضيق باب المندب ، ومئات الجزر داخل البحر وداخل الدول المتشاطئة .
إذا أخذنا البحر الاحمر من منظور جيوسياسي وحاولنا أن نسلط الضوء على البحر من أحد خلجانه وهو الخليج العربي فإن الحديث بشنأنه يتسع ليشمل باب المندب واليمن حتى قناة السويس ، فيما يرى بعض الاستراتيجين إن الموضوع اشمل وأعمق ، فإن المنظور الجيوسياسي للخليج يشمل أفغانستان وباكستان والهند والمحيط الهندي، بل ما هو اوسع وأعمق ، فإن هذا الفهم الجيوسياسي للخليج يمتد ليشمل أو يصل إلى حدود منظمة حلف شمال الاطلسي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية.
كل محطة جيوغرافية / سياسية في هذا البحر ذات ثقل استراتيجي خطير، ولأجل أن تتضح الصورة في الاطار نتحدث ملخّصا عن المحطات التالية :

مضيق هرمز :
إنَّ ثلثي نفط العالم يمرُّ مضيق هرمز ، ويشير كثيرٌ من الخبراء إلى أنّ أهمية هذا المضيق ستزداد في المستقبل نظراً لحاجة الغرب المتزايدة إلى نفط الخليج ، واليوم حيث الحرب الإيرانية / الاسرائيلية قائمة ، دخل الحوثيون طرفاً فاعلاً بهذه الحرب من جهة أو أخرى ، فإن عيون العالم كلها متّجهة الى البحر الاحمر من خلال التركيز على ما يتعرّض مصيق هرمز من مشاكل بسبب هذه الحرب . يكفي أن تكون دول حوضه ( أيران + عمان + الامارات المتحدة + ) ، جزء من بحر العرب ، وبحر العرب يتصل مباشرة بالمحيط الهندي.

  • مضيق باب المندب :
    بوابة البحر إلجنوبية إلى بحر العرب ثم بحر العرب ثم المحيط النهدي .
  • خليج عدن :
    يقع بين مضيق هرمز وباب المندب باتجاه البحر الاحمر من جهة الشمال الغربي ، ومن جهة الجنوب جزء من بحر العرب، ليتصل بالمحيط الهندي ، تتشاطأ عليه عدن والصومال وجيبوتي ، ممر مائي لناقلات النفط الاتية من الخليج العربي.
  • خليج العقبة :
    فرع من فروع البحر الأحمر يمتد باتجاه البحر الابيض المتوسط الفرع الشرقي كما هو واضح من خارطة البحر، و(كأنه ) يوازي خليج السويس ، حيث تفصل بينهما شبه جزيرة سيناء ، تشاطئه المملكة العربية السعودية ومصر والاردن وفلسطين ( إسرائيل ؟ ) ، ومن أبرز نقاط القوة في هذا الخليج الصغير ذي العمق البسيط ( طول 160 كم ، ومتوسط عمق 925 ) متر … كونه المنفذ الوحيد للأردن وفلسطين ( إسرائيل ؟ ) على البحر الأحمر ، ومن هنا تكمن بعض أهميته ، حيث يستدعي ذلك صراعا وتنافسا على المضيق بين العرب من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى.
  • خليج السويس
    الفرع الشرقي للبحر الاحمر باتجاه البحر الابيض المتوسط ، تفصله شبه جزيرة سيناء عن خليج العقبة ، لا تشاطئه سوى مصر .
  • بحر العرب :
    بحر العرب جزء من المحيط الهندي ولكن لا ينفصل عن المفهوم الجيوسياسي للبحر الأحمر ، ذلك أن خليج عدن هو المسؤول عن ربطه بالمحيط الهندي ، وبحر العرب هذا تطل عليه كُلٌ من (الهند وإيران وباكستان وعُمان واليمن والصومال والمالديف ) .
    إن جغرافية البحر الاحمرالجيوسياسية تقع في قلب العالم ، ولذلك كان محط صراع القوى الكبرى تاريخيا وحاليا ، وقد استفزّ شهية روسيا البلشفية بأن يكون لها حضور قوي فاعل ومؤثر ، ومن أجل ذلك ، فشهد هذا المجال الجيوسياسي الحيوي الخطير نشوء أنظمة ماركسية استالينية ، وهي :
    ألاولى : جمهورية اليمن الديمقراطية الشمالية (30 نوفمبر / 1967 ـــ 1ديسمبر / 1970 ) ، عاصمتها عدن ، سقطت بانهيار الاتحاد السوفياتي .
    الثانية : جمهورية الصومال الديموقرطية ، عاصمتها مقاديشو (21 أكتوبر / 1969 ) بانقلاب عسكري قاده الضابط محمد سياد بري ، حكمت إدارة بري لمدة 21 سنة ، سقتطت على أثرحرب أهلية سنة 1991 .
    الثالثة : جمهورية أثيوبيا الشعبية الديموقراطية ( 1987 ــ 1991 ) وعاصمتها ( أديس أبابا ) ، جاءت على أثر تفكك الاجتماع الاثيوبي بعد وفاة هيلاسي لاسي ، بقيادة الضابط الشيوعي العنيد (هيلا مريام ) ، وانهارت بانهيار الاتحاد السوفياتي ونتيجة رفض شعبي وحروب داخلية .
    هذه الانظمة كانت شيوعية استالينية عنيفة ، وكانت بمثابة محط نفوذ روسي ، ولكنّها لم تدم ، فقد تهاوت بسرعة مذهلة ، ويبدو أن من أسباب ذلك :
    السبب الاول : العقيدة الغريبة على شعوب هذه الدول .
    السبب الثاني : التنوذع العرقي والديني والاثني الهائل في هذه الدول ، ويكفي أن نعرف إن هناك 80 عِرقا في هذا البلد !
    السبب الثالث : العنف الذي اتسمت به هذه الانظمة ، كان عنفا خياليا لا يمكن تصوره .
    السبب الرابع : تغليب العِرْقيّة على الانتماء السياسي وهومن مظاهر التناقض الخطير.
    السبب الخامس : إنهيار الاتحاد السوفياتي بتاريخ 26 ديسمبر سنة 1991 .
    ولكن إنتهاء هذه الانظمة بل إنهيار الاتحاد السوفياتي لم يبعد المنطقة عن الصراع الروسي / الغربي عليها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جنرالات الطائفية

العمود الثامن: لماذا لا نثق بهم؟

الصراع على البحر الأحمر من بوابة اليمن "السعيد" 

كيف يمكنناالاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمود الثامن: رئيستهم ورئيسنا !!

العمود الثامن: بين الخالد والشهرستاني

 علي حسين أعرف جيداً أن البعض من الأعزاء يجدون في حديثي عمّا يجري في بلدان العالم نوعاً من البطر لا يهم المواطن المشغول باجتماعات الكتل السياسية التي دائما ما تطابنا بـ " رص...
علي حسين

قناطر: الربيع الأمريكي المُذِل

طالب عبد العزيز هل نحن بانتظار ربيع أمريكي قادم؟ على الرغم من كل ما حدث، وقد يحدث في الشرق الأوسط، نعم، وكم هو مؤسف أن تتحرك دفة التغيير بيد القبطان الأمريكي الحقير، وكم قبيح...
طالب عبد العزيز

تضارب المصالح بين إسرائيل وتركيا في سوريا وعواقبه

د. فالح الحمـــراني كما بات معروفاً، أن وزير الدفاع الإسرائيلي وبنيامين نتنياهو*، خلال لقاء حول موضوع الوجود التركي في سوريا، طرحا مقترحاً لـ"تقسيم سوريا إلى مناطق مقاطعات (الكانتونات)". وذكرت صحيفة إسرائيل هايوم عن خطة...
د. فالح الحمراني

النظام السياسي في العراق بين الخوف من التغيير وسؤال الشرعية

أحمد حسن لفهم حالة القلق التي تخيم على النخبة السياسية في العراق مع كل تغيير داخلي أو إقليمي، لا بد من تحليل عميق يرتكز على أسس واضحة ومنطقية. فالشرعية السياسية، التي تعد الركيزة الأساسية...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram