اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > المتحف.. رابط إنثروبولوجي تواصلي

المتحف.. رابط إنثروبولوجي تواصلي

نشر في: 6 فبراير, 2011: 05:10 م

علي النجارأورد  د .ت. سوزوكي في كتابه (التصوف البوذي والتحليل النفسي): رغب رئيس الرهبان في احد أديرة زن بأن يتم تزيين سقف قاعة الدارهما بتنين. وطلب من احد الفنانين المشهورين أن يقوم بهذا العمل... لكن الفنان اشتكى من انه لم ير أبدا تنينا حقيقيا..أجابه رئيس الرهبان، لا تهتم
، ستتحول إلى تنين حي، وترسمه. لا تحاول أن تتبع النموذج المعروف.. بعد مكابدات شاقة لعدة أشهر أصبح الفنان واثقا من نفسه ورأى التنين الخارج من لا وعيه. وكان التنين الذي نراه على سقف الدراهما في ميوشينجي في كيوتو.بدون فهم مغزى هذه القصة لا يمكننا ان نقدر القيمة الفنية الروحية المحلية لغالبية الرسوم اليابابانية والصينية للسلالات الإمبراطورية المتعاقبة. وان استعصى علينا مقارنتها برسوم عصر النهضة الأوروبية التي استنسخت ظلال الأجساد بنفس أهمية استنساخها تفاصيل الطبيعة والأجساد وبقية الأشكال المرئية وذلك من اجل تثبيت وهم واقعها، ما دامت الرسوم وهماً وليس واقعا فيزيائيا. لكننا لا نعثر على أي اثر لهذه الظلال في كل الرسوم التقليدية الصينية أو اليابانية والشرق الأقصى عموما وحتى رسوم المخطوطات الإسلامية الأثرية. هذه الشعوب التي تنظر  إلى الطبيعة والمخلوقات من فوق و بمنظور تعاقبي  أو كرسوم مجردة من زوائد لا تعود لجوهرها، ومن اجل أن تحيط بمشهديتها العامة، مثلما تكشف عما هو مخبوء خلف التضاريس الطبيعية كموشور متتابع أو كنسق زخرفي، ولتسجل أيضا أثرها الذاتي وليس الظاهر فحسب. وللمتحف يعود الفضل بنصوص وثائقه وكنوزه التي هي بعض من الإرث الفني الذي نجا من كوارث الطبيعة والبشر في إمتاعنا بهذه الأعمال الفنية التاريخية وتسهيل أو تمرير أمر استيعابها والتمتع بخصائص مبثوثاتها الجمالية والثقافية.ورد في أحد مجلدات(سومر) المجلة الفصلية التي تصدرها مديرية الآثار العامة في العراق في الستينات من القرن الماضي، أن إحدى سفن الشحن الانكليزية(اللنج) غرقت في مياه شط العرب العميقة وهي في طريقها للبحر. هذه السفينة كانت تحمل(2000) لوحا مسماريا. نحن لا ندري ماذا كان مدوناً على هذه الألواح. هل هي(نصوص أدبية ميثولوجية، معاملات تجارية، جرد لمحصولات الحقل. تواريخ أعمال ملوك السلالات، أناشيد وصلوات دينية، بعض من نصوص القوانين الأولى. أم هي كل ذلك وأكثر.). ومع هذا فإن آثار العراق بحلقاتها المتعاقبة منذ السومريين وما بعدهم توزعت على أهم متاحف العالم(المتحف البريطاني، اللوفر، المتحف  البرليني، الأرميتاج الروسي، المتروبولتيان الأمريكي وغيرها من متاحف العالم وحتى بعض مقتنيات الجامعات العالمية الأثرية والمقتنيات الشخصية. وان صحت النبوءة التوراتية عن برج بابل، فقد تبلبل هذا الإرث أيضا كما ألسنتها. وان كان من فضل لمنقبي الآثار، فالفضل أيضا للمتحف حافظا للسجل الثقافي الإنساني ومتعقبا لفتراته المتلاحقة كي لا تضيعها محن الأزمنة المتعاقبة. ولكي تنكشف سلسة التطور الثقافي البشري بدءاً من اللغة حتى الفعل.اللوح المسماري( نص برسيبوليس ) الذي عثرت عليه بعثة (نيبور) التنقيبية الدانمركية في عام(1761) في مدينة(برسيبوس) الإيرانية والمدون بثلاث لغات قديمة حل بعضاً من الغاز الكلمات السومرية المدونة على الرقم الطينية والأختام الاسطوانية، وكانت المحاولة الأولى من قبل الألماني (كروتنفند) وليترك المجال لغيره لترجمة كامل أقدم لغة معروفة في التاريخ، ولتنكشف لنا الغاز احفوراتها التاريخية التي انتقلت لحافظها المتحفي. ولو تحققت رغبة الدادائيين في بداية القرن العشرين بحرق المتاحف، لما تمكنا من التواصل وثقافات وفنون من سبقنا. ولا أمكننا أيضا من تخصيب ثقافاتنا بآثارهم. فالخط الثقافي الزمني كما أتصوره هو حلقة دائرية لا تكف عن الاهتزاز. وحلقتي وصل التنقيب والمتحف هي في البؤرة منها. وان دلت حادثة نهب المتحف العراقي بعد الاحتلال الأمريكي الأممي للعراق وسقوط الدكتاتورية الفردية عام ( 2003 ) إلى محاولة مسح الذاكرة التاريخية العراقية محليا. فإن  المسؤولية الأخلاقية لحكومات وشعوب العالم هي في تعقب هذا الإرث الإنساني المسروق وإرجاعه إلى المتحف العراقي حيث كان محفوظا.لم يجد الفنان العربي أمام طغيان الرسم الأوروبي بطرق معالجاته وتصوراته ومرجعياته الصورية إلا أن يحاول البحث عن مصادر إلهامه من خلال محاورة ومجاورة آثار منطقته (الجغرافيا ـ تاريخية)، ووجد مبتغاه في التجريد الحروفي العربي كمعادلة سحرية للتجريد الغربي، تسند جهده  مرجعية انثروبولوجية جمالية  لا تخلو من ملامح صوفية فنتازية أحيانا ودنيوية أحيانا أخرى. وان سادت أنماط حروفية وزخرفيه عربية مناطقية عديدة في فترة الإمبراطوريات الإسلامية على سواها من الفنون التشخيصية بسبب ابتعاد التشخيص الإنساني عن  الفكر الإسلامي(وليس انعدامه). فقد عزز الموروث بنماذجه المحفورة والمستنسخة المثيرة بصنعتها المتقنة قدراته الأدائية الفنية في هذا المجال وأثرت بشكل فاعل على تأسيس منطقة فنية عربية حديثة ومغايرة. إن استرجع الفنان العربي الوثيقة الحروفية المتحفية بأعماله التجريدية الجديدة.فان النحات العراقي الحديث (جواد سليم)

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram