TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > قضية للمنـاقشة

قضية للمنـاقشة

نشر في: 6 فبراير, 2011: 05:15 م

فريدة النقاشالانتفاضــة"الجرأة ثم الجرأة ثم المزيد من الجرأة " أستعير هذه الكلمات من قاموس دانتن احد قادة الثورة الفرنسية وأجد أنها تصف بكل دقة منظمي وقادة الانتفاضة المصرية في يناير/ كانون الثاني 2011 التي قام بها الشباب وبخاصة المدونين والمتعاملين مع شبكات التواصل الاجتماعي علي الانترنت الذين لا نملك إلاّ أن نحيي جرأتهم المدهشة ، إنها الجرأة ثم المزيد منها ، تلك الجرأة المستمدة من تفاعل حبهم للوطن وانتمائهم لهم مع المعرفة العصرية ،
ومن غضب المقهورين الذين فاض بهم ، مع الاقتناع التام بان مصر تستحق أن تعيش في حالة أفضل ، فهي ليس بلداً صغيراً ولا فقيرا بل أنها كبيرة بتراثها الحضاري العريق وحكمة شعبها القديمة ، وغنية بالثروات وعلى رأسها هؤلاء الشباب أنفسهم الذين ألهمتهم قوى المعارضة التقدمية أفكاراً وبرامج وتصورات عن المستقبل وإن غالبتهم العظمى ليست من الحزبيين .هؤلاء شباب تشبعوا بما عرضته وألحت عليه أحزاب المعارضة الديمقراطية من أفكار وتصورات وتلقفوا الدعوات المتواصلة لاستئصال الفساد وحماية المال العام ، عارفين ان فاتورة الفساد وحده تتجاوز مليارات كثيرة كل عام ، ويمكن لهذه المليارات ان تلبي احتياجات كثيرة للمصريين الذين يعيش أكثر من 40% منهم تحت خط الفقر ينهشهم اليأس وغموض المستقبل وبؤس الحاضر.للانتفاضة القائمة سمتان الأولى أنها سلمية رغم ممارسات الشرطة ضدها ، والثانية ان لشعاراتها طابعا شموليا يضم السياسي والاقتصادي والاجتماعي في منظومة واحدة . ولم تنخدع الانتفاضة بالإصلاح الجزئي فثمت وعي عميق بحقيقة النظام السلطوي الاستبدادي القائم على الصلاحيات الدستورية الواسعة لرئيس الجمهورية ، لذا لم يقبل الشباب بأن تصبح انتفاضتهم عملا مفتوحا او مجرد استبدال أشخاص بأشخاص داخل الإطار ذاته ، وإنما تطلعوا لما هو اشمل وما هو جذري ولن يكون ذلك مهمتهم وحدهم بل لابد من أن يتسع الإطار ليشمل الطبقة العاملة المنظمة كبيرة العدد وهو شرط لتحول الانتفاضة إلى ثورة تدفع بالتناقضات الاجتماعية القائمة إلى حدود جديدة ، تفتح الباب أمام مرحلة أولى من التغير الاجتماعي هي ما كان يسميه جمال عبد الناصر تذويب الفوارق بين الطبقات ، أي تغير المعادلة السياسية الاقتصادية الاجتماعية القائمة بين ملايين الكادحين وبين كبار الملاك والرأسماليين والطفيليين .إن تنامي قوة الضعفاء الذي يتبين لنا كل يوم يتمثل في هذا الوعي العميق في صفوف الشباب بأن هناك حاجة ماسة لأداة تنظيمية يشارك الآلاف في صنعها وقد توصلوا اليها بالفعل في شكل اللجان الشعبية التي حلت محل الشرطة في حماية الأحياء والمنازل والممتلكات بعد إن أطلقت الرجعية عليهم البلطجية والمجرمين المحترفين لتخويف المترددين والضعفاء والقطاعات الهشة في الانتفاضة .في سياق تشكيل اللجان الشعبية نما وعي جديد بحقيقة التحرر الجماعي وآلياته وقدرته على جذب اللا مبالين والقانطين ومهارة الانتفاضة في نشر الوعي بين هؤلاء الذين يعتقدون ان مصالحهم تتطابق مع النظام القائم لأنهم يستفيدون بهذه الدرجة أو تلك من فساده مع الوضع في الاعتبار أن الإكراه السياسي الطويل جنبا إلى جنب الخطاب المنمق عن رعاية محدودي الدخل ، فشل في إلغاء المصالح الاجتماعية المتناقضة والتي يزداد تناقضها عمقا ... بل أن زواج الثروة والسلطة قد أجج تناقضات هذه المصالح ، وانضم إلى الانتفاضة تجار متوسطون وصناعيون وأصحاب أعمال صغيرة ومتوسطة .تحول الانتفاضة إلى ثورة هو سيرورة سياسية واجتماعية طويلة المدى تحتاج إلى تجديد الطاقة والصبر والبصيرة ، حتى تفسد على الرجعية رهانها على كل من الأمن وأشكال الانتقام البدائي من الظلم والتهميش التي يمارسها سكان الأحياء العشوائية المنفيون ، ويحتاج هؤلاء السكان من الانتفاضة إلى رسالة إخاء وتضامن لكي يلتحقوا بها سلميا بدلا من عمليات التخريب والغضب الأعمى .ويمكن لهذه الرسالة ان تؤتي ثمارها مع توضيح أهداف الانتفاضة .في اليوم الأول للانتفاضة انطلق شعار :يا مصر يا أصيلة .. السكة مش طويلة بس أنتي قولي لا ... وما يزال الشعار صحيحا .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram