بغداد / محمد العبيدي
من المقرر أن يعقد مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، في جنيف أواخر الشهر الحالي جلسة لمناقشة ملف عقوبة الإعدام في العراق، حيث ستقدم منظمات حقوقية بيانات وإحصائيات، عن مجمل أوضاع حقوق الإنسان في البلاد.
وتمثل عقوبة الإعدام واحدة من أكثر القضايا الجدلية في العراق، حيث تنص المادة (86) من قانون العقوبات العراقي، على هذه العقوبة ضمن الجرائم الكبرى، ووفقًا للتقارير، فإن العراق يعد من الدول الأكثر تنفيذًا لعقوبة الإعدام على المستوى العربي والعالمي، ففي عام 2024، تم تنفيذ حكم الإعدام بحق (30) مدانًا دفعة واحدة، بينما ينتظر أكثر من 8000 شخص تنفيذ هذه الأحكام في السجون العراقية.
خلاف حقوقي
وفي السنوات الأخيرة، أصدرت المحاكم العراقية مئات أحكام الإعدام والسجن المؤبد لمدانين بالانتماء إلى "جماعات إرهابية"، خلال محاكمات نددت بها منظمات حقوق الإنسان، واعتبرت أن الأحكام فيها ربما صدرت بشكل مستعجل.
وتتباين الآراء في العراق، حيال هذه العقوبة بين مؤيد يراها رادعة للجرائم الخطيرة كالإرهاب والقتل العمد، ومعارض يدعو إلى إلغائها تماشيًا مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
بدوره، قال الخبير في الشأن القانوني علي التميمي، إن "عقوبة الإعدام في العراق تمر بإجراءات طويلة تبدأ من التحقيق الابتدائي، ثم المحكمة الجنائية، وتنتهي بمصادقة رئيس الجمهورية، هذا يضمن وجود مراحل متعددة من العدالة".
وأضاف التميمي لـ(المدى)، أن "الدعوات الدولية لإلغاء عقوبة الإعدام تواجهها مواقف دولية تؤكد استقلالية الدول في قوانينها، وهذا منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، مع ذلك، فإن هناك دعوات داخلية لتعديل القوانين نحو عقوبات أقل مثل السجن المؤبد الذي يصل إلى 20 عامًا".
ويرى مؤيدون للعقوبة، أن الإعدام يمثل ردعًا قويًا ضد الجرائم الجسيمة مثل الإرهاب والقتل، خاصة في بلد عانى من موجات عنف كبيرة، وعلى الجانب الآخر، يرى معارضو العقوبة أن الإعدام ينتهك حقوق الإنسان الأساسية ويطالبون بتخفيفها إلى عقوبة السجن المؤبد، كما فعلت العديد من الدول.
مواثيق دولية
وتستند هذه الدعوات إلى المواثيق الدولية، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، التي تشدد على أهمية حماية الحق في الحياة.
بدوره، قال عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق فاضل الغراوي، إن "سياسات الدول في التعامل مع عقوبة الإعدام، تختلف؛ فبعضها تطبق العقوبة بشكل مستمر، فيما تحتفظ دول أخرى بها في قوانينها دون تنفيذ، بينما علّقت دول تنفيذها لفترات تصل إلى عشر سنوات أو اقتصرت على الجرائم الخطيرة".
وأضاف الغراوي لـ(المدى) أن "العراق باعتباره جزءًا من منظومة الأمم المتحدة، يلتزم بتطبيق معايير حقوق الإنسان وضمانات المحاكمة العادلة"، لافتًا إلى أن "التوصيات الدولية المقدمة للعراق تمثل دعوة لمراجعة شاملة لفلسفة العقوبة".
وأضاف أن "إنهاء التهديدات الإرهابية التي تواجه العراق يعد شرطًا أساسيًا للتفكير في تقليص أو تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام"، موضحًا أن "الدولة يمكنها تبني إجراءات تدريجية تعيد النظر في التشريعات العقابية، بما يسمح بإيقاف العقوبة مستقبلًا مع البحث عن بدائل تشريعية تحقق التوازن بين حقوق الضحايا وضمانات العدالة".
خطة 2021 – 2025
وتؤكد وزارة العدل العراقيه، أنها ومن خلال الخطة الوطنية لحقوق الانسان للاعوام من 2021 وحتى 2025، عملت على رسم مسارات للمؤسسات والجهات القطاعية من أجل تطوير المنظومة التشريعية الوطنية، وإعداد السياسات الخاصة بتعزيز وحماية حقوق الانسان في العراق.
وبموجب القانون العراقي، تصل عقوبة جرائم الإرهاب والقتل إلى الإعدام. ويتعيّن على رئيس الجمهورية المصادقة على هذه الأحكام قبل تنفيذها.
وفي أواخر كانون الثاني/يناير، أبدى خبراء أمميون مختصون بمتابعة قضايا الإعدام قلقًا شديدًا بشأن تقارير تشير إلى تنفيذ العراق لعمليات إعدام جماعية داخل سجونه.
8 آلاف محكوم ينتظرون المشنقة.. إعدامات العراق أمام المجهر الدولي أواخر الشهر
نشر في: 12 يناير, 2025: 12:05 ص