متابعة/ المدى
اتفاقات العراق والولايات المتحدة على انسحاب القوات العسكرية المجدول خلال العام الحالي، أصبحت مهددة بالنسف بسبب التطورات الإقليمية وعودة دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة، ووفقا لتقرير أمريكي وباحثين سياسيين، فإن الانسحاب الآن أو في المستقبل القريب غير وارد، لأسباب عدة منها، مصالح الولايات المتحدة وحلفائها، وخشية من توسع النفوذ الإيراني، وخفوت الصوت المعارض للوجود الأمريكي وانتهاء استهدافه العسكري.
وكانت منظمة ستميسون الأمريكية للدراسات قالت في تقرير تحليلي نشرته أمس السبت، أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسحب قواتها من العراق نهائيا، مؤكدة أن الأنباء عن وجود مخطط أمريكي للانسحاب خلال العام الحالي 2025، هي مجرد أنباء "للاستهلاك الإعلامي".
وفي هذا الإطار، يصف مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل، الرأي المطروح بـ"الصحيح نسبيا، خاصة إذا ما تابعنا طبيعة الاستراتيجية الأمريكية للأمن القومي منذ عهد الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر عام 1979 والتي ترتبط بأمن الخليج العربي والشرق الأوسط، فمن يهدد أمن الخليج والشرق الأوسط من وجهة النظر الأمريكية هي إيران التي تشكل فصائل مسلحة في العراق ولبنان واليمن وسوريا".
ويضيف فيصل، أن "هناك تهديدات دائمة للأمن القومي الأمريكي التي تتعلق بنظرية ولاية الفقيه باعتبارها نظرية توسعية للهيمنة على الشرق الأوسط والخليج العربي ومستقبلا شمال إفريقيا، لذا فالولايات المتحدة لا يمكن أن تنسحب الآن أو في المستقبل بسبب طبيعة المصالح الأمنية والسياسية والاقتصادية ومن أجل دعم حلفائها في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط".
كما يعتقد، أنها "لن تنسحب من العراق أيضا نظرا للتكاليف التي بذلتها في العراق منذ 2003 والتي تقدر بأكثر من 3.5 تريليونات دولار، وهي بالتالي تريد أن تبقى من أجل تعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري في العراق، لكي تستكمل دورها في الشرق الأوسط لضمان الأمن القومي الأمريكي ومصالح حلفائها".
وذكرت منظمة ستميسون في التقرير أن "خسارة سوريا تمثل ضربة مدمرة للمحور الإيراني، الأمر الذي يجعل انسحاب القوات الأمريكية من العراق أمرا مستحيلا، كونه سيقدم لإيران بديلا عن خسارتها لسوريا"، مشددة بحسب مسؤولين أمريكيين على أن “الانسحاب الأمريكي لن يكون ممكنا في المرحلة المقبلة نظرا للظروف الجديدة في المنطقة".
وعن ذلك، يرى المحلل السياسي غالب الدعمي، أن "القصة ليست في زيادة النفوذ الإيراني في حال انسحاب القوات الأمريكية، فالنفوذ الإيراني ما انفك يزداد ويتغلغل بوجود هذه القوات وبمستويات أكبر من الوضع الحالي، لكن بقاء القوات الأمريكية يشكل جزءا من نظرية الشرق الأوسط الجديد".
ويضيف الدعمي، أن "القضية الأخرى، هي أن الجهات التي تعارض الوجود الأمريكي في العراق صمتت ولم تعد تتحدث عن هذا الأمر في الإعلام إلا بشكل خجول، وكذلك لم تعد توجه ضرباتها للقواعد والمصالح الأمريكية في العراق كما كانت قبل سنتين".
ويواصل أن "هذه المعطيات تظهر كما لو أن هناك اتفاقا من غير تفاوض بين هذه الجهات والولايات المتحدة، كل منهما رضي بوجود الآخر، فمعارضة الوجود الأمريكي لم تعد كما كانت قبل عام أو أكثر"، لافتا إلى أن "العراق بعيدا عن تعزيز القوات الأمريكية سيدخل في خارطة الأوسط الجديد، وفيه نفوذ خارجي سيتغير، ثمة قوات ستتراجع وأخرى تتقدم وربما هناك قوى ناشئة ستظهر".
وكان السوداني أكد في أيلول الماضي، قرب الإعلان عن جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من الأراضي العراقية، وفيما أشار إلى أن مبررات وجود القوات الأجنبية قد انتهت، رأى أن “لا حاجة لوجود التحالف على أراضينا".
وفي أيلول العام الماضي، نشرت وكالة "رويترز"، تقريرا حول توصل الحكومة العراقية والتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم داعش، إلى تفاهم بشأن خطة إنهاء عملياته، وأن الخطة تتضمن خروج مئات من قوات التحالف الدولي من العراق، بحلول أيلول سبتمبر 2025، أما البقية فسيتم انسحابهم في العام 2026.
إلى ذلك، يؤكد المحلل السياسي المقيم في واشنطن نزار حيدر، أن "كل الخيارات بهذا الصدد مطروحة على الطاولة أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ابتداءً من يوم 20 من الشهر الحالي، فكل ما يحقق أولويته بحماية المنشآت الأمريكية في المنطقة ومنها قوات بلاده، لن يتردد في اتخاذ قرار بشأنه".
ويضيف حيدر، أنه "ليس من المستبعد أبدا أن يدعو ترامب بغداد لإعادة التفاوض من جديد في ما يخص العلاقة الثنائية العسكرية والأمنية بين البلدين، خاصة إذا ما سمع استشارة إيجابية من الجنرالات في البنتاغون بهذا الخصوص".
ويذكّر حيدر بأن "عددا كبيرا من فريق الرئيس ترامب عملوا في العراق فترة الغزو الأمريكي ولذلك هم يرونه جائزتهم التي لا ينبغي إضاعتها أو التفريط بها خاصة وأنهم يرون أن البديل عن الولايات المتحدة في العراق هو النفوذ الإيراني الذي بذلت واشنطن ومعها تل أبيب الكثير من الجهد لتحجيمه والقضاء عليه في المنطقة".
وغزت الولايات المتحدة العراق في 2003 وأطاحت بنظام صدام حسين قبل الانسحاب في 2011، لكنها عادت على رأس التحالف في 2014 لمحاربة تنظيم داعش.
المصدر: وكالات