لا أشك أن هناك كثيراً من السلفيين على درجة كبيرة من النقاء والإخلاص، وكثيراً منهم وربما معظمهم يشعر بواجب ديني وعقائدي بضرورة تطبيق الشريعة، وكثيراً منهم ترشحوا في الانتخابات الأخيرة من أجل تطبيق الشريعة عن إيمان وقناعة.
وتبقى المشكلة حين يوظف من في السلطة كثيراً من السلفيين من أجل الدفاع عن كراسي الحكم، وليس الشريعة غير المهددة التي ظلت مصانة في قلوب المصريين ولم يعترض عليها أحد حتى من بين أكثر العلمانيين تطرفا.ً
إن تصدير مشكلة الشريعة للمرة الثانية في أقل من شهرين يعنى ببساطة أن الإخوان غير قادرين على حشد الناس عبر شعارات سياسية قادرة على الدفاع عن الإعلان الدستوري أو عن دستور الإخوان، فكل حججهم لتبرير الإعلان الدستوري مثل «دعم الاستقرار» و«مواجهة الفلول» فشلت في نيل تعاطف الناس، فكان لابد من استدعاء الشريعة في غير موضوعها بعد أن ظلت محل توافق من أغلب المصريين بمختلف اتجاهاتهم، وموجودة في المادة الثانية من الدستور.
إن الإصرار على التظاهر من أجل مطلب وهمي لم يتجاهله الدستور حين نص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، يدل على عجز سياسي كامل على حشد هذه الجماهير خلف قضية واحدة لا توظف فيها الشريعة لصالح أغراض سياسية وحزبية ضيقة.
والحقيقة أن غير المطبق من الشريعة هو الجوانب التي تدافع عن الفقراء والمحتاجين، وتنصف المظلومين، والشريعة التي تحارب الفساد وتؤسس للديمقراطية والعدالة والمساواة، وهي كلها تحتاج إلى اجتهادات الناس وعرقهم لا الهتاف من أجل معركة وهمية لا وجود لها على أرض الواقع.
إن تصدير الإخوان معركة الشريعة يخفي فشلهم في تقديم مشروع سياسي حقيقي، فهم لم ينتجوا فكرا ثوريا كما في إيران إنما ظلوا إصلاحيين ومحافظين حتى النهاية، واستدعى إخوان الحكم الثورة حسب المصلحة والحاجة، ولم يبنوا حزبا سياسيا حديثا وديمقراطيا كما في تركيا «العدالة والتنمية» أنجز أهم إصلاحات سياسية واقتصادية منذ تأسيس الجمهورية التركية، إنما تفننوا في انتهاك دولة القانون ومواجهة القضاء وفق مصالحهم السياسية الضيقة، ولم يلهموا الشعب المصري بمشروع نهضة حقيقي انطلق من الإسلام الحضاري، وحوّل بلداً مثل ماليزيا في عشرين عاما من التخلف إلى واحدة من أهم اقتصاديات العالم، ففشل إخوان الحكم في إعطاء أمل للشعب المصري بأنهم قادرون على حل جزء من مشاكله، وامتلاك رؤية سياسية متكاملة للإصلاح السياسي والاقتصادي، مما جعلهم يستدعون السلفيين للمشاركة في معركة الشريعة الوهمية.
السلفيون في مصر يجب ألا يكونوا أداة لحسابات الآخرين السياسية، فعليهم أن يمتلكوا أدواتهم السياسية المنطلقة من الشريعة ويؤيدون ويعارضون تبعا لهذه الأدوات، وليس عبر شعار الشريعة الذي يخفي رغبة مَن في الحكم في البقاء الأبدي في السلطة والسيطرة على كل شيء، فالحسبة لا علاقة لها بالشريعة ولا الدين، إنما السلطة، وفقط السلطة.
* أكاديمي مصري - عن "المصري اليوم"
لا تصـدّقــــــوا أن الشريعـــــــــــة فـــــــي خطـــــــــر
نشر في: 10 ديسمبر, 2012: 08:00 م
يحدث الآن
ائتلاف السوداني ينسف روايات حسم اسم رئيس الحكومة: ما زلنا في «انسداد» و«مراوحة»
الأسواق العراقية تحت سيطرة الواردات الاستيراد الكبير يخنق الصناعة المحلية ويهدد الأمن الغذائي!
تناقص أعداد الصابئة المندائيين في العراق.. مخاوف الاندثار وصراع الحفاظ على الهوية
مساعي حصر السلاح في العراق.. جدل القبول والرفض
مسؤولون في نينوى يشخصون تحديات المرأة.. ودعوات لمعالجة البطالة والزواج المبكر والابتزاز
الأكثر قراءة
الرأي

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!
د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...









