TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > لا تصـدّقــــــوا أن الشريعـــــــــــة فـــــــي خطـــــــــر

لا تصـدّقــــــوا أن الشريعـــــــــــة فـــــــي خطـــــــــر

نشر في: 10 ديسمبر, 2012: 08:00 م


لا أشك أن هناك كثيراً من السلفيين على درجة كبيرة من النقاء والإخلاص، وكثيراً منهم وربما معظمهم يشعر بواجب ديني وعقائدي بضرورة تطبيق الشريعة، وكثيراً منهم ترشحوا في الانتخابات الأخيرة من أجل تطبيق الشريعة عن إيمان وقناعة.
وتبقى المشكلة حين يوظف من في السلطة كثيراً من السلفيين من أجل الدفاع عن كراسي الحكم، وليس الشريعة غير المهددة التي ظلت مصانة في قلوب المصريين ولم يعترض عليها أحد حتى من بين أكثر العلمانيين تطرفا.ً
إن تصدير مشكلة الشريعة للمرة الثانية في أقل من شهرين يعنى ببساطة أن الإخوان غير قادرين على حشد الناس عبر شعارات سياسية قادرة على الدفاع عن الإعلان الدستوري أو عن دستور الإخوان، فكل حججهم لتبرير الإعلان الدستوري مثل «دعم الاستقرار» و«مواجهة الفلول» فشلت في نيل تعاطف الناس، فكان لابد من استدعاء الشريعة في غير موضوعها بعد أن ظلت محل توافق من أغلب المصريين بمختلف اتجاهاتهم، وموجودة في المادة الثانية من الدستور.
إن الإصرار على التظاهر من أجل مطلب وهمي لم يتجاهله الدستور حين نص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، يدل على عجز سياسي كامل على حشد هذه الجماهير خلف قضية واحدة لا توظف فيها الشريعة لصالح أغراض سياسية وحزبية ضيقة.
والحقيقة أن غير المطبق من الشريعة هو الجوانب التي تدافع عن الفقراء والمحتاجين، وتنصف المظلومين، والشريعة التي تحارب الفساد وتؤسس للديمقراطية والعدالة والمساواة، وهي كلها تحتاج إلى اجتهادات الناس وعرقهم لا الهتاف من أجل معركة وهمية لا وجود لها على أرض الواقع.
إن تصدير الإخوان معركة الشريعة يخفي فشلهم في تقديم مشروع سياسي حقيقي، فهم لم ينتجوا فكرا ثوريا كما في إيران إنما ظلوا إصلاحيين ومحافظين حتى النهاية، واستدعى إخوان الحكم الثورة حسب المصلحة والحاجة، ولم يبنوا حزبا سياسيا حديثا وديمقراطيا كما في تركيا «العدالة والتنمية» أنجز أهم إصلاحات سياسية واقتصادية منذ تأسيس الجمهورية التركية، إنما تفننوا في انتهاك دولة القانون ومواجهة القضاء وفق مصالحهم السياسية الضيقة، ولم يلهموا الشعب المصري بمشروع نهضة حقيقي انطلق من الإسلام الحضاري، وحوّل بلداً مثل ماليزيا في عشرين عاما من التخلف إلى واحدة من أهم اقتصاديات العالم، ففشل إخوان الحكم في إعطاء أمل للشعب المصري بأنهم قادرون على حل جزء من مشاكله، وامتلاك رؤية سياسية متكاملة للإصلاح السياسي والاقتصادي، مما جعلهم يستدعون السلفيين للمشاركة في معركة الشريعة الوهمية.
السلفيون في مصر يجب ألا يكونوا أداة لحسابات الآخرين السياسية، فعليهم أن يمتلكوا أدواتهم السياسية المنطلقة من الشريعة ويؤيدون ويعارضون تبعا لهذه الأدوات، وليس عبر شعار الشريعة الذي يخفي رغبة مَن في الحكم في البقاء الأبدي في السلطة والسيطرة على كل شيء، فالحسبة لا علاقة لها بالشريعة ولا الدين، إنما السلطة، وفقط السلطة.
*  أكاديمي مصري - عن "المصري اليوم"

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: براءة نور وتابعه هيثم !!

العمود الثامن: نشيد عالية وأخواتها!!

الذين يتمسحون بأذيال السيستاني

العمود الثامن: ألف حزب وحزب

العمود الثامن: من أين لك هذا ؟

العمود الثامن: في محبة المرأة

 علي حسين أصبح العالم اليوم مسكونًا بشيء اسمه المرأة، فلم يعد من الممكن تشكيل برلمان أو حكومة في أي بقعة من العالم من دون النساء، ذهب العصر الذي كانت تشكو فيه سيمون دو...
علي حسين

قناديل: اليسار الجديد: أصولية عابثة وعُصابٌ جمعي

 لطفية الدليمي تتكرّرُ على مسامعنا كثيراً عبارةٌ قالها (غوبلز) وزير الدعاية النازية: كلّما سمعتُ كلمة (الثقافة) تحسّستُ مسدّسي. اليوم صار كثير ٌ منا يتحسّسُ رائحة أزمة عالمية النطاق كلّما سمع مفردة (الجديد) ملحقةً...
لطفية الدليمي

قناطر: مسلسل معاوية... جرُّ القناعات الى مسلخ الأوهام

طالب عبد العزيز مع أنَّ كلَّ تعريف للتأريخ يرجع الى وجوب توافر الوثيقة، إذْ لا تأريخ بدون وثيقة، إذْ أنه الأحداث والوقائع التي تقدّمها لنا الوثائق والمصادر، كما تعرف كلمة 'التاريخ' في اللغة العربية...
طالب عبد العزيز

جامعة بغداد، منارة العلم والمعرفة في قلب العراق

محمد الربيعي جامعة بغداد صرح علمي شامخ، واحد ابرز منارات المعرفة في العراق والعالم العربي. تاسست عام 1957، لكن جذورها تمتد الى بدايات القرن العشرين مع تاسيس كليات الحقوق والطب والهندسة. لعبت الجامعة دورا...
د. محمد الربيعي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram