علي حسين
أعذروا جهلي فأنا لا اعرف ما هي المسؤوليات التي يقوم بها رئيس الجمهورية في بلاد الرافدين ،فهو يظهر أياماً ، ويختفي دهوراً ، كما لو كان مجرد شبح يعيش في منطقة معزولة أطلق عليها المربع الرئاسي ، وهي منطقة محروسة من عين المواطن الذي انشغل هذه الايام بما يجري في سوريا ، فالمربع الرئاسي لا يثير الشهية ولا الاهتمام ، ولم يعد يخيف الناس مثلما كان ايام " القائد الضرورة" ، فاميركا ارادت ان تحول صولجان الحملة الايمانية ، من صدام الى احزاب مهمتها اعلاء شأن المحاصصة وتقسيم المنافع بين الجميع ، والاقرار بأن " مالات " محمود المشهداني بالحفظ والصون . وكنت اسأل احيانا بدافع الفضول لا غير : لماذا يغيب الرئيس عن المشهد السياسي ولا نراه إلا في مناسبات معينة يتحدث فيها عن مصلحة البلاد والإصلاح ، وأنها بحاجة إلى شعب صابر؟ .
ربما سيقول البعض لماذا تذكرت السيد الرئيس في هذا الوقت بالذات ، في الحقيقة لم يكن يخطر ببالي أن اقترب من كرسي فخامته لولا خبر نشر هذا اليوم يقول ان عملية تجميل لأنف رئيسة البيرو " دينا بولوارتى " اثارت ازمة سياسية ، وصلت إلى حد دعوتها للتنحي على خلفية عدم تفويض أحد بتولي مسؤوليتها خلال العملية الجراحية . ولم ينته الخبر عند هذا الحد ، فقد تدخل القضاء وستقف الرئيسة امام المحكمة لسؤالها عن إهمالها ، وتركها لمنصبها فارغا لمدة يومين ، وهي مدة العملية ، لان هذا الامر يعد مخالفا للدستور .
أتمنى عليك عزيزي القارئ أن لا تسخر من جنابي ، وان لا تعتقد انني اريد ان اعقد مقارنة بين بلادنا التي علمت البشرية الكتابة والقانون ، وبين بلاد تقع في امريكا الجنوبية تفتقر الى كفاءات بحجم عباس البياتي ومشعان الجبوري ومئات من الذين ساهموا في وضع العراق على خارطة الكوميديا السياسية .
ظلت الناس تأمل بسياسيين يعلون مبدأ الحوار السلمي، شعارهم القانون أولاً وأخيراً، لكنهم وجدوا أمامهم عقلية سياسية تتعامل مع الجميع باعتبارهم أعداء للوطن وعملاء للخارج، كانت الناس تأمل بسياسيين يخرجون البلاد من عصر الفساد والقمع إلى عصر الحريات، فوجدوا أمامهم ساسة ومسؤولين يريدون إعادة البلاد إلى زمن القرون الوسطى وعهود الظلام.
التغيير ليس صناديق انتخابات فقط، بقدر ما هو تفكيك بنية ترى في كرسي المسؤولية حقاً شرعياً، وهذا لن يتم بمجرد تنظيف الواجهات، بينما يبقى العفن يحتل أركان الوطن، ويعيد إنتاج الفاشل كل مرة بوجه جديد وبشعارات وخطب جديدة .
عندما يتقدم مواطن لطلب وظيفة بسيطة مثل أحواله، سيُطلب منه أن يملأ استمارة عن عائلته وخبرته ومؤهلاته، وسيرته، لكن لا احد يسأل عن الكفاءة عندما تتعلق القضية بتقاسم الكعكة.