المدى/متابعة
تصاعدت ظاهرة المرائب العشوائية في العاصمة بغداد بشكل كبير، لتتحول إلى أزمة حقيقية تؤثر على حياة المواطنين بشكل مباشر. لم تعد هذه المرائب مجرد عامل ثانوي في تفاقم الزحام المروري الخانق، بل أصبحت عبئاً يومياً على السكان، حيث تعيق حركة المرور وتحتل المساحات أمام المنازل.
في أحد أحياء شرقي بغداد، يروي المواطن أبو نور معاناته: "موقعي قرب السوق يجعل منطقتنا مكتظة بالسيارات، خصوصاً سيارات الحمل الكبيرة التي غالباً ما تقف أمام منزلي. نعاني من صعوبة الخروج والدخول بسبب هذه المركبات التي تتسبب أيضاً في تلف الأرصفة".
وأضاف، "رغم محاولاتي المتكررة للحديث مع أصحاب السيارات، إلا أنني لم أجد تجاوباً".
إلى جانب المرائب العشوائية، يشكو المواطنون من استغلال الأرصفة العامة من قبل بعض الأفراد الذين يفرضون رسومًا غير قانونية. يقول أبو موسى، أحد السائقين: "رُكنت سيارتي في شارع فلسطين أمام دائرة رسمية، فطالبني شخص بمبلغ مالي تحت ذريعة أنه استأجر الشارع. هذه الظاهرة أصبحت شائعة، سواء أمام الأسواق أو المستشفيات، ما يزيد من معاناة المواطنين".
بحسب إحصائيات غير رسمية، ارتفع عدد السيارات في العراق إلى 8 ملايين سيارة في عام 2024، أكثر من نصفها متمركز في بغداد. هذا النمو الهائل في عدد السيارات يفوق قدرة البنية التحتية للمدينة، حيث لا تغطي المرائب الرسمية سوى 20% من الحاجة.
محمد العبدان، صاحب مرأب نظامي، أوضح أن الإجراءات المعقدة لافتتاح مرائب قانونية تُعيق تحسين الوضع. وأضاف أن المرائب العشوائية تنافسهم بشكل غير عادل عبر تقديم أسعار أقل، ما يؤثر سلبًا على المرائب النظامية.
بدوره، يشير الخبير المروري العميد المتقاعد عمار وليد إلى أن "الأزمة ناتجة عن النمو السكاني السريع والتوسع التجاري العشوائي، ما يتطلب إنشاء مرائب متعددة الطبقات في المناطق المكتظة مثل المنصور والكرادة وشارع الربيعي".
كما شدد على "ضرورة إلزام المشاريع الاستثمارية بتوفير مرائب تحت الأرض لتخفيف الزحام".
المتحدث باسم أمانة بغداد، المهندس محمد الربيعي، كشف عن حاجة العاصمة إلى نحو 1000 مرأب جديد، داعياً إلى تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لتلبية الطلب المتزايد. كما أوضح أن بعض المستثمرين استغلوا الشوارع العامة وحولوها إلى مرائب غير قانونية، ما ساهم في تفاقم المشكلة.
من جهته، أعلن رئيس هيئة استثمار بغداد، علي العطار، عن تنفيذ 24 مشروعًا لإنشاء مرائب متعددة الطبقات، منها 9 مشروعات مكتملة و15 قيد الإنجاز. وأضاف أن شروط منح إجازات الاستثمار تلزم بتوفير مواقف سيارات ضمن المشروعات السكنية والتجارية.
يبقى المواطن البغدادي يعاني يوميًا من أزمة المرائب العشوائية والزحام المروري، وسط تساؤلات حول آليات تنظيم المشروعات الاستثمارية ومدى التزامها بتوفير حلول جذرية لهذه المشكلة المتفاقمة. وبينما تُطرح خطط وتُنفذ مشاريع جديدة، يبدو أن الحلول لا تزال قيد الانتظار، في مواجهة تحديات الواقع وضغوط النمو المستمر.
المصدر/ وكالات