 بغداد / محمد العبيدي

تتجه الحكومة العراقية نحو استثمار النفايات في توليد الطاقة الكهربائية، وفي هذا السياق منحت أول إجازة استثمارية لإنتاج الكهرباء من النفايات، بهدف تغذية آلاف المنازل في العاصمة بغداد، في خطوة تُعد سابقة في مشروع يعزز الاستدامة ويواجه التحديات البيئية المتزايدة.

وأعلن مجلس الوزراء، منح الإجازة الاستثمارية لمشروع محطة توليد الطاقة من النفايات بتقنية الحرق التام عالي الكفاءة في محافظة بغداد إلى شركة شنغهاي الصينية، (SHANGAHAI SUS ENVIRONMENT CO. LTD).
كما خوّل المجلس هيئة الاستثمار صلاحية إصدار الاجازة الاستثمارية وتوقيع العقد الاستثماري، بالاشتراك مع الجهات القطاعية المعنية بمدخلات ومخرجات المشروع، وزارات؛ الصحة، والكهرباء، والبيئة، وأمانة بغداد، باعتباره المشروع الأول في العراق لمعالجة النفايات وتوليد الطاقة الكهربائية.
ويعتمد هذا النوع من المشاريع، على تقنيات حديثة تهدف إلى تحويل النفايات إلى طاقة من خلال عمليات متقدمة، حيث يتم جمع النفايات وفرزها للتخلص من المواد غير القابلة للتحلل أو غير المناسبة للحرق.
وبعد ذلك، تُنقل المواد العضوية أو القابلة للاشتعال إلى محارق خاصة حيث تُستخدم درجات حرارة مرتفعة لحرقها، ما يؤدي إلى إنتاج حرارة كبيرة تُستخدم لتسخين المياه وتوليد البخار، وحينها يُستخدم هذا البخار لتشغيل توربينات تولد الكهرباء.
كما يمكن استخدام تقنية التحلل الحراري لتحويل النفايات إلى غازات قابلة للاحتراق، تُستخدم بدورها كوقود لتوليد الطاقة، وهذه العمليات تساهم في تقليل كمية النفايات وتحقيق الاستدامة البيئية من خلال تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية.

لتوفير فرص عمل
بدوره، قال عضو "المرصد الأخضر"، عمر عبداللطيف، إن مشروع توليد الكهرباء من النفايات يُعد الأول من نوعه في العراق، حيث تُجرى حالياً مفاوضات لإنشاء معملين في هذا المجال بالتعاون مع شركتين، إحداهما صينية والأخرى تركية على أن تكون هذه المشاريع خارج بغداد أو على أطرافها، بهدف الاستفادة من كميات النفايات المتوفرة في العاصمة والمحافظات القريبة منها".
وأضاف عبداللطيف لـ(المدى) أن "السوق العراقية قادرة على استيعاب مثل هذه المشاريع التي توفر فرص عمل للشباب، حيث يمكن أن يخلق كل معمل أكثر من ألف فرصة عمل مباشرة، إن لم يكن أكثر"، مشيرًا إلى أن "هناك معملا مماثلا في إقليم كردستان يعالج النفايات دون توليد الطاقة الكهربائية".
وتابع عبداللطيف أن "التعاقد مع إحدى الشركات الصينية يُعد خطوة جيدة من الحكومة العراقية، نظراً لخبرة الصين الطويلة في هذا المجال، خاصة مع حجم سكانها الذي يتجاوز مليار وثلاثمائة مليون نسمة، مما يجعل لديها خبرة كبيرة في إدارة واستهلاك النفايات".

طمر لا صحي!!
وتُنتج العاصمة بغداد يومياً كميات هائلة من النفايات تصل إلى ما بين 8,000 و10,000 طن، وهي تُشكّل تحدياً لوجستياً وبيئياً يتطلب إدارة دقيقة للتعامل مع تراكمها في المدينة وضواحيها، خاصة وأن الدوائر الصحية تطرح يومياً كميات كبيرة من النفايات الطبية الصلبة من المستشفيات والمؤسسات الحكومية والخاصة والعيادات الطبية.
وتحتوي العاصمة بغداد على منطقتي طمر رئيسيتين حصلتا على الموافقة البيئية، إحداهما في منطقة النباعي بجانب الكرخ، والأخرى في النهروان بجانب الرصافة، ومع ذلك، فإن قدرة هاتين المنطقتين محدودة ولا تستوعب سوى جزء من النفايات اليومية، فيما تُنقل المتبقية منها إلى عشرات مواقع الطمر غير المعتمدة بيئياً، والتي تفتقر إلى الطرق العلمية للتخلص منها، مما يزيد من تعقيد المشكلة البيئية في العاصمة.
بدوره، رأى الخبير الاقتصادي، حليم سلمان أن "العراق بحاجة إلى خطط استراتيجية شاملة تشمل زيادة التعاقدات مع الشركات العالمية لتحسين إنتاج الكهرباء وتوزيعها، إذ لا يمكن تحقيق تنمية مستدامة أو صناعة متقدمة دون استقرار منظومة الشبكة الكهربائية".
وأضاف سلمان لـ(المدى) أن "العراق بحاجة إلى توفير ألف ميجاوات لكل مليون نسمة، وفقاً لنتائج التعداد السكاني الذي أعلنته وزارة التخطيط، والذي يظهر أن عدد سكان العراق بلغ 45 مليون مواطن، وهذا يعني أن البلاد بحاجة إلى ما بين 20 و25 ألف ميجاوات لتلبية احتياجاتها، بينما تشير الأرقام الحالية إلى أن ذروة إنتاج منظومة الكهرباء لا تتجاوز 24 إلى 25 ألف ميغاوات".
وأشار إلى أن "التعاقدات الكبيرة مع شركات عالمية كجنرال إلكتريك أو غيرها لإنتاج 20 ألف ميغا واط مثلا، هي السبيل الوحيد لوضع حلول جذرية لمعضلة الكهرباء، بدلاً من الاكتفاء بحلول جزئية لا تعالج المشكلة بشكل دائم".