TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: دولة العشائر

العمود الثامن: دولة العشائر

نشر في: 14 يناير, 2025: 12:05 ص

 علي حسين

ما يزال العديد من سياسيينا ومسؤولينا يعتقدون أن بلاد الرافدين التي يديرون شؤونها ، تعيش في عصور الجاهلية والكفر ، وقد قيض الله لها رجالا "مؤمنين" ليعيدوها إلى طريق الصواب، ولهذا ليس مهما توفير التنمية والازدهار والتعليم والصحة للناس، فهذه أشياء زائلة لا يجوز الانشغال بها، فمهمتنا اليوم مهمة مقدسة وهي دحر كل القوى التي تنادي ببناء الدولة المدنية، أو نفي كل من تسول له نفسه الحديث عن العلمانية؛ ألم يخرج علينا ذات يوم السيد نوري المالكي ليعلن أنهم جاءوا لدحر الماركسيين والعلمانيين ، وأنهم انتصروا عليهم؟
أخبارنا ياسادة لا تسر عدوا ولا صديقا ، وكان آخرها الغزوة التي قام بها رئيس مجلس محافظة ميسان مصطفى دعير، على احد مراكز الشرطة لإطلاق سراح متهمين لانهم من عشيرته ، ولا يجوز ان يسجن مواطن ينتمي الى عشيرة المسؤول الاول بالمحافظة . فنحن بلاد شعارها تغليب الولاء العشائري على الولاء للقانون ، بل ان العشيرة والطائفة اهم من الوطن عند البعض من كبار مسؤولينا .
الولاء للوطن هو الذي جعل الجنرال ديغول يكتب في مقدمة مذكراته هذه العبارة "كلّ الأسماء تتشابه، لكنَّ أفعال الناس هي مَن تميّزهم".
بالأمس تذكّرتُ الدروس التي تعلّمتها من قراءة مذكرات شارل ديغول والتي اطلق عليها " مذكرات الامل" حيث نجده يصرّ بعد تحرير باريس، على أن يكون أول عمل تقوم به الحكومة إعادة بناء دار الأوبرا التي هدمتها قذائف النازيين، وحين يحتجّ أعضاء الحكومة على هذا "البطر" يقول لهم: "علينا أن نشيع الطمأنينة في النفوس، وأن تُدرك الناس أنَّ صفحة الحرب طويت إلى الأبد"، ماذا نتعلّم من دروس التاريخ؟ يبدو أننا نحتاج إلى الكثير وإلّا ما كنا انشغلنا باسئلة عبثية من عينة هل ابو جعفر المنصور من بنى بغداد ام ان هناك اقوام فضائية كانت وراء تأسيس العاصمة العراقية ؟.
يريد لنا البعض اليوم أن نظل غارقين في القضايا المصيرية، كأحقية إيران في التدخل بتشكيل الحكومة والائتلافات الحاكمة ، وقدرة أردوغان على ان يضرب الاراضي العراقية متى ما يشاء ، والسعي إلى استنساخ تجربة افغانستان في التنمية ، لا وجود لقضايا تهم الناس، كالخدمات والأمان والصحة وتطوير التعليم. لا يمكن أن نغفل دورنا الحيوي والمؤثر في مسيرة الشعوب، ولا يليق بالعراق أن يهتم بشؤون مواطنيه.
ياسادة، مبروك عليكم أن لا أحد يستطيع إصدار أمر بالسماح للمواطن العراقي بأن يبدي رأيه في القضايا المصيرية ، وهل هو يوافق على أن يكون لنا أكثر من جيش؟ ومبروك لكم أنكم حافظتم على مكانة العراق على مسرح الكوميديا السياسية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

القصة الكاملة لـ"العفو العام" من تعريف الإرهابي إلى "تبييض السجون"

الأزمة المالية في كردستان تؤدي إلى تراجع النشاطات الثقافية والفنية

شركات نفط تباشر بالمرحلة الثانية من مشروع تطوير حقل غرب القرنة

سيرك جواد الأسدي تطرح قضايا ساخنة في مسقط

العمود الثامن: بين الخالد والشهرستاني

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جنرالات الطائفية

العمود الثامن: لماذا لا نثق بهم؟

الصراع على البحر الأحمر من بوابة اليمن "السعيد" 

العمود الثامن: رئيستهم ورئيسنا !!

كيف يمكنناالاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمود الثامن: دولة العشائر

 علي حسين ما يزال العديد من سياسيينا ومسؤولينا يعتقدون أن بلاد الرافدين التي يديرون شؤونها ، تعيش في عصور الجاهلية والكفر ، وقد قيض الله لها رجالا "مؤمنين" ليعيدوها إلى طريق الصواب، ولهذا...
علي حسين

إشكاليات المثقف بعد التغيير

د. قاسم حسين صالح كنت حريصا على ان اتابع ما حصل للثقافة في العراق بعد 2003 لغاية الان. فبعد سقوط النظام الدكتاتوري الذي اعتمد ثقافة الحاكم الواحد والحزب الواحد، حصل اول تحول سيكولوجي بظهور...
د.قاسم حسين صالح

عون رئيساً لاسترداد لبنان

غسان شربل كانَ ذلك في منزل السياسي والناشر العراقي فخري كريم في دمشق. جاءَ الزائرُ متثاقلاً كمن ينوء بجيش الخيبةِ المقيم في عينيه. كنت أحاول إعادتَه إلى الكتابة الصحافية بعد غيابٍ طال. حذَّرني أصدقائي...
غسان شربل

أي مستقبل ينتظر دول الشرق الأوسط؟

محمد مصطفى العبسي ترجمة: عدوية الهلالي منذ استقلالها وحتى مجيء الربيع العربي، عانت دول الشرق الأوسط من مبدأها التأسيسي،المنسوب إلى الرغبات والترتيبات بين القوى الاستعمارية السابقة. وإذا كانت مطالب الحكم الذاتي والعروبة والسيادة التي...
محمد مصطفى العبسي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram