TOP

جريدة المدى > محليات > دعوات لمسوحات بيئية شاملة للحفاظ على الصحة العامة!

دعوات لمسوحات بيئية شاملة للحفاظ على الصحة العامة!

دولاب بابل تحت التهديد الإشعاعي

نشر في: 16 يناير, 2025: 12:02 ص

 بغداد – تبارك عبد المجيد

تواجه منطقة دولاب في بابل أزمة بيئية خطيرة نتيجة التلوث الإشعاعي الذي ألحق أضرارًا كبيرة بالسكان، ما دفعهم إلى مغادرة المنطقة بعد ظهور أمراض خطيرة، مثل السرطان وضعف المناعة. ورغم تدخل الجهات الحكومية واتخاذها إجراءات عاجلة لإجلاء المتضررين وإزالة المخلفات الملوثة، إلا أن الوضع لا يزال يتطلب المزيد من التدخلات.
المختصون البيئيون وأطباء المنطقة، يحذرون من استمرار الخطر، فيما يؤكدون على ضرورة إجراء مسوحات شاملة للهواء والمياه والتربة.
تتشابك المعاناة اليومية مع صمت السلطات، تتسلل قصص مرضى وأوجاع خفية لتروي حكاية تهديد غير مرئي: الإشعاع. الطبيبة سكون العامر، التي أمضت سنوات بين المستشفيات والمجتمعات المحلية، لا تخفي قلقها وهي تصف المشهد: "العديد من المرضى الذين ألتقيهم يعانون من أمراض معقدة، بعضها يحمل علامات تشير إلى تعرض للإشعاع، لكننا للأسف نفتقر إلى الدراسات العلمية التي تثبت ذلك بشكل قاطع."
حديث العامر لـ(المدى)، لا يخلو من التحذيرات. الإشعاع، وفقًا لها، كوحش خفي لا يرحم؛ يزيد من خطر الإصابة بالسرطان، يترك بصماته في التشوهات الخلقية، ويضعف المناعة التي تقف كخط الدفاع الأول عن أجساد الناس. مدن بابل تبدو وكأنها صرخة مكتومة تطلب النجدة، بحاجة إلى مسح شامل للملوثات التي قد تكون كامنة في ترابها وهوائها ومائها. لكن العامر تشير إلى أن المجتمع لا يزال يتعامل مع الخطر وكأنه مجرد إشاعة، قائلة: "هناك استهانة واضحة بخطورة الوضع، وكأن الخطر بعيد عنهم".
الطبيبة التي تعرف أوجاع الأهالي عن قرب، تضع خريطة طريق للخروج من الأزمة. ترى أن الحل يبدأ من حملات توعية شاملة، تقودها الحكومة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني. تقول بنبرة حاسمة: "نحتاج إلى كوادر مدربة تعرف كيف تنقل المعلومات وكيف تتعامل مع المخاطر. هذه ليست مسألة اختيارية، بل ضرورة لإنقاذ الأرواح".
رغم كل هذا، فإن الصمت يهيمن، خاصة عندما يتعلق الأمر بمنطقة الدولاب، إحدى البؤر التي تصفها العامر بأنها "مغلقة على نفسها". هنا، الإشعاع ليس مجرد احتمال، بل حقيقة تهدد صحة الإنسان والحيوان والزراعة. ومع ذلك، تضرب السلطات جدارًا من التكتم، بينما يستمر المختصون في التحذير: "عدم معالجة هذه المواقع سيجعل الكارثة تمتد لتلتهم كل شيء".
برزت حادثة تلوث إشعاعي في قرية الدولاب بمحافظة بابل، تحديدا عند طريق الحجر السياحي. المتحدث باسم حكومة محافظة بابل ومستشارها للشؤون الفنية، علي مرعب، أوضح في حديثه لـ(المدى)، أن "الحادثة قوبلت بتحرك عاجل من وفد وزاري مختص قادم من بغداد، حيث تم اتخاذ إجراءات شملت نقل العوائل المتضررة من المنطقة إلى مواقع آمنة لضمان سلامتهم".
وأكد مرعب، أن "الجهود الحالية تركز على إزالة المخلفات الملوثة بالإشعاع، مع نقلها إلى مواقع آمنة تتوافق مع الاشتراطات البيئية والموافقات الرسمية الصادرة عن وزارة البيئة والطاقة الذرية التابعة لرئاسة الوزراء". وأشار إلى أن "هذه الخطوات تأتي استجابة مباشرة لتوجيهات محافظ بابل، مع التشديد على أهمية التعاون بين مختلف الجهات ذات العلاقة لتحقيق نتائج فعّالة".
وعن الإجراءات الجارية، أوضح مرعب أن العمل يتم بالتنسيق مع العديد من الجهات الخدمية والأمنية، بما في ذلك بلدية الحلة، بلدية بابل، مديرية مجاري بابل، ومديرية ماء بابل. هذا التعاون، وفقًا له، يسهم في تنفيذ خطوات جادة لمعالجة التلوث في الأنهر والمجاري، حيث تم غلق جميع نقاط التصريف غير القانونية على مدار الساعة للحد من انتشار الملوثات.
شدد مرعب على التزام المحافظة باستخدام كل إمكانياتها لمعالجة حالات التلوث والحد من آثارها بما يضمن سلامة ورفاهية المواطنين. ورغم التحديات، تبقى الجهود متواصلة لتحقيق بيئة أكثر أمانًا لسكان بابل.
عباس السعبري، ناشط بيئي من محافظة بابل، يرفع صوته محذرًا من خطرٍ غير مرئي يهدد الحياة في العراق، وهو التلوث الإشعاعي. يرى السعبري أن "الإشعاع يُعدّ من أخطر الكوارث البيئية التي تؤثر على الكائنات الحية جميعها، البرية منها والبحرية". ويشير إلى أن العراق ورث هذه الأزمة نتيجة الحروب التي خاضها في العقود الماضية، إلى جانب دخول مواد غذائية غير خاضعة للفحص والمراقبة، مما زاد من تعقيد المشكلة.
وفي حديثه لـ (المدى)، يوضح السعبري أن مصادر التلوث الإشعاعي ليست مقتصرة على الداخل فقط، بل تشمل الاختبارات النووية التي أجرتها الدول العظمى، ما يضاعف من الحاجة إلى تحرك عاجل وجاد من قبل العراق.
ويؤكد السعبري على ضرورة إجراء مسوحات ودراسات شاملة تشمل الهواء، التربة، الصخور، المياه، وحتى الغذاء، لتحديد مستويات الجرعات الإشعاعية ومواقعها ومدى خطورتها.
أما فيما يتعلق بمنطقة الدولاب، يشير السعبري إلى احتمال أن يكون التلوث ناتجًا عن تربة ملوثة أو أجهزة مشعة جرى استخدامها في المنطقة. ويؤكد أن النشاط الإشعاعي في بابل لا يزال قائمًا رغم مرور سنوات طويلة على الحرب، ما يجعل الخطر مستمرًا. ويوضح أن الإجراء الأول في حال اكتشاف مناطق ملوثة إشعاعيًا يجب أن يكون إبعاد السكان على الفور، مع إجراء مسوحات ودراسات دقيقة للمنطقة. ويضيف أن التعرض للإشعاع يمكن أن يسبب أمراضًا خطيرة خلال ساعات، بل وقد يؤدي إلى الوفاة خلال شهرين فقط.
السعبري لا يتوقف عند هذا الحد، بل يلفت الانتباه إلى أن العراق يُعد من بين أكثر الدول تلوثًا بالإشعاعات النووية والكيميائية نتيجة الحروب التي استخدمت فيها أسلحة مشعة ومحظورة دوليًا. ويضيف أن البصرة، التي عانت بشدة من هذا التلوث، تُعد الأكثر تضررًا، تليها محافظات جنوبية أخرى والعاصمة بغداد.
ووجه نداءً عاجلًا للتحرك السريع قائلًا: "هذه ليست مجرد أزمة بيئية، بل تهديد وجودي يتطلب تحركًا جماعيًا يضع سلامة الإنسان والطبيعة في مقدمة الأولويات".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

التقاعد بدأت بإعادة استقطاع1‎‌‌‎% من الرواتب للمتقاعدين
محليات

التقاعد بدأت بإعادة استقطاع1‎‌‌‎% من الرواتب للمتقاعدين

بغداد / المدىأعلنت هيئة التقاعد الوطنية، أمس، المباشرة بإعادة مبالغ الـ 1 بالمئة، المستقطعة من رواتب المتقاعدين دعما لغزة ولبنان. وقالت الهيئة في بيان إنه «بناءً على ما جاء بقرار مجلس الوزراء رقم (17)...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram