أليكس لوسبيتال، وتوماس ماهلر، ولوران بيربون، وبابتيست غوتيه
ترجمة: المدى
العودة التاريخية لدونالد ترامب إلى الولايات المتحدة، وصعود إيلون ماسك، وسقوط بشار الأسد في سوريا، ومقامرة إيمانويل ماكرون الفاشلة، والفوضى الميزانية في فرنسا، وامتداد الحرب في الشرق الأوسط، والانحدار الديموغرافي المستمر،وأزمة اللاجئين في أوروبا،ثورة الذكاء الاصطناعي، واختراق اليمين المتطرف في أوروبا، وبالطبع الحرب في أوكرانيا التي لا تزال مستمرة…هكذا يختتم عام 2024 مسيرته ومعه نصيبه من الأحداث المذهلة والاضطرابات العميقة التي لا يزال يتعين علينا أن نتمكن من قياس آثارها في العام المقبل إذ حذرت ماريا ريسا قبل أيام قليلة في صحيفة الاكسبريس من أن عام 2025 سيحدد ما إذا كانت الديمقراطية ستعيش أم ستموت". وفي مقابلة طويلة معها، تعتقد الصحفية الفلبينية الحائزة على جائزة نوبل للسلام لعام 2021 أن "عالم اليوم عبارة عن خشب جاف جاهز للاشتعال".حيث أن التضليل الرقمي هو الشرارة التي قد تبدأ الحريق. إنها تعارض بشراسة شركات التكنولوجيا وشبكات التواصل الاجتماعي العملاقة، وتعتقد أن هذه الشركات هي الجناح المسلح للمستبدين وتقول: "كل يوم تستمر فيه شركات التكنولوجيا القوية هذه، والتي غالبًا ما تكون أقوى بكثير من الدول القومية، في الاستيلاء على السلطة، تخسر الدول القومية المزيد". وحتى البلدان التي تتمتع بأكبر قدر من الحرية في المنافسة الانتخابية أصبحت الآن معرضة للخطر. "هل مازلنا أحرارًا حقًا في اتخاذ خياراتنا الخاصة؟ أم أننا محكوم علينا بالتلاعب؟" تسأل ماريا ريسا. وهو ما يدعو مواطني المعسكر الليبرالي إلى الاستيقاظ قبل فوات الأوان.
وفيما يتعلق بالقضايا الدولية الحالية، وكذلك فيما يتعلق بالمسائل الاقتصادية والمجتمعية التي تحكم هذا العالم، دعت مجلة الاكسبريس أفضل الخبراء في مجالاتهم طوال هذا العام في مقابلات لفهم أفضل القضايا الحاسمة التي تواجه العالم في عام 2025.
هل يكون لـ" ترامب" تأثير في الشرق الأوسط؟
من المقرر أن يعود دونالد ترامب رسميا إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني، وحتى قبل تنصيبه، يحاول "الرئيس المنتخب" الجديد بالفعل "تحريك الأمور" في العديد من القضايا، سواء في الولايات المتحدة أو على الصعيد الدبلوماسي، مما أدى بالفعل إلى إبعاد الرئيس الحالي جو بايدن إلى طي النسيان. وبالإضافة إلى أوكرانيا، فمن المرجح أن يكون تأثير ترامب محسوسا بشكل واضح في الشرق الأوسط وخاصة منذ سقوط بشار الأسد في 8 كانون الأول، فعلى المستوى الجيوسياسي، من المتوقع أن تكون تداعيات سقوط النظام السوري مذهلة. وبحسب المحلل السياسي الكبير المتخصص في شؤون العالم العربي والاسلامي جيل كيبيل،فإننا نشهد بداية إعادة ترتيب مذهلة للشرق الأوسط، وأن وصول دونالد ترامب قد يغير الوضع، وخاصة في غزة، يقول: "ترامب مؤيد لإسرائيل، ولكن ليس من المؤكد أنه مؤيد لنتنياهو، وأن مصير هذا الأخير القضائي يهمه)).
هل الولايات المتحدة على حافة الانهيار؟
ما علينا إلا أن ننظر إلى قائمة التعيينات في حكومته المستقبلية ــ والتي وصفها ديفيد فروم، كاتب بوش السابق بأنها "موكب من المجانين" ــ لنرى أن إعصار ترامب قد بدأ بالفعل في الولايات المتحدة. وفي أمريكا التي أصبحت أكثر تجزئة من أي وقت مضى، ماذا ستجلب السنوات الأربع المقبلة من ولايته؟ يعتقد بيتر تورتشين، وهو أستاذ في جامعة كونيتيكت ومؤلف كتاب "نهاية الزمان"، أن الولايات المتحدة، حسب قوله، تمر بمرحلة ما قبل الثورة، والتي من المرجح أن تؤدي إلى انهيار الدولة. وتشمل الأسباب الإفراط في إنتاج النخب وظهور سياسيين مناهضين للنظام…
كيف سيتصرف كيم جونج أون الغامض في مواجهة الرئيس الأمريكي الجديد الذي يعرفه جيدا؟
خلال فترة ولايته الأولى في البيت الأبيض، كانت لدونالد ترامب علاقة مذهلة مع الزعيم الكوري الشمالي. فهل يتمكن الملياردير غير المتوقع من إقناع نظيره الأربعيني بتهدئة الأمور في الوقت الذي يثير فيه التحالف بين كوريا الشمالية وروسيا الرعب في الغرب؟ويرى روبرت أ. مانينغ، الباحث الفخري في مركز ستيمسون (الولايات المتحدة) والمستشار السابق لوزارة الخارجية،أن نشر القوات الكورية الشمالية على الأراضي الروسية ليس أمرًا مثيرًا للقلق فحسب بالنسبة لأوكرانيا، بل بالنسبة للاستقرار العالمي. وبوصفه لظهور كتلة مكونة من روسيا وكوريا الشمالية والصين وكتلة أخرى تضم الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، يدق مانينغ ناقوس الخطربقوله: "من هذا المنظور، قد تكون كوريا الشمالية بمثابة الشرارة التي قد تشعل فتيل حرب عالمية ثالثة."
2025 عام التحديات التي يواجهها شي جين بينغ
وفي الصين، يضاعف شي جين بينج المبادرات لمحاولة إعادة اقتصاد بلاده إلى المسار الصحيح، في مواجهة تباطؤ النمو الذي أضعفته أزمة في قطاع العقارات وتباطؤ الاستهلاك الأسري، ناهيك عن النزاعات التجارية العديدة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.ويحذر نيكولاس لاردي (من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي) من أنه سيكون من الخطأ دفن ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم بسرعة كبيرة، فالاقتصاد الصيني يعمل بشكل أفضل كثيرا مما يعتقد الخبراء عموما والذي يخفي "إمكانات من شأنها أن تسمح للبلاد بالتعويض عن تأخرها مع الولايات المتحدة."
بولندا، مستقبل القيادة الأوروبية؟
في الأول من كانون الثاني، ستتولى بولندا رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي."لابد أن ننسى ماكرون وشولتز وميلوني، فالوجه الجديد للقيادة الأوروبية هو دونالد توسك، هذا ما حلله بارت سزيوكيزك الباحث في صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة، ويقول هذا الأستاذ المشارك في معهد العلوم السياسية بباريس: "لقد قللنا من تقدير السرعة التي تتطور بها بولندا مقارنة ببقية أوروبا". إنها واحدة من الدول الأوروبية القليلة التي تتمتع حالياً "بمكانة اقتصادية وعسكرية"، فبولندا هي الدولة الثانية في الاتحاد الأوروبي التي لديها أدنى معدل بطالة (بعد جمهورية التشيك مباشرة)، والقوة الصناعية الخامسة في القارة القديمة، وهي "المعجزة" الاقتصادية في الثلاثين عامًا الماضية. وتعتبر الكفاءة والمصداقية من الصفات التي تؤهل رئيس الوزراء البولندي لكي يتولى مصير أوروبا بين يديه في السنوات القادمة.
بالنسبة لفرنسا، عام التعافي الاقتصادي…
"للمرة الأولى منذ خمسينيات القرن العشرين، يجري بناء أوروبا من دون فرنسا،والدرس المستفاد من هذه السلسلة من الإخفاقات واضح فلا يمكنك أن تصنع السياسة الخارجية من دون زعيم جدير بالثقة، ومن دون خط متماسك ومن دون وسائل حقيقية للقوة.فما دامت أوروبا لا تزال في حالة من الفوضى، فمن غير الممكن أن نبنيها من دون فرنسا. وبما أننا لم نعد فرنسا إلى استقرارها، فإن دبلوماسيتنا ستظل غير مسموعة وعاجزة"، كما يرى المحامي والكاتب نيكولا بافيريز الذي يوضح مدى الانحدارفي فرنسا كما يطرح أفكاراً لإحياء البلاد،يقول: "إن فرنسا تمتلك كل المقومات التي تحتاجها لتحقيق النجاح. ولكن يتعين عليها أن تغير عقليتها جذرياً وأن تركز على عدد قليل من الأولويات، كما فعل ديغول في عام 1958".
عصر الانخفاض السكاني
هناك موضوع واحد على الأقل لن يثير الغيرة على الساحة الدولية: وهوالديموغرافيا.وبحسب الخبير الاقتصادي نيكولاس إيبرستادت، فإن العالم دخل بالفعل في "عصر الانخفاض السكاني"، ولم يتخذ صناع القرار بعد التدابير اللازمة لمواجهة الاضطرابات القادمة. فقد أوضح هذا الباحث في معهد أميركان إنتربرايز والمتخصص في علم السكان أن انخفاض الخصوبة لم يعد يستثني أي منطقة من مناطق العالم. ولا يهم مدى تعليم أو ثراء البلد إذ لم يسبق له مثيل منذ "الموت الأسود" الذي انتشر في العصور الوسطى. ولكن هذه المرة لا يوجد مرض مميت بل ظاهرة ناجمة عن "اختيارات فردية"، كما يؤكد قائلا: "إن المجتمع المتقدم في السن والذي يتقلص حجمه بشكل متزايد يمكنه الحفاظ على ازدهاره وتحسينه بشرط أن نتصرف في الوقت المناسب ونتخذ القرارات الصحيحة "..
تأثير الذكاء الاصطناعي…
عندما يقلق أحد رواد الذكاء الاصطناعي بشأن التأثير الذي يمكن أن تحدثه هذه التكنولوجيا، فمن الضروري أن نستمع إليه، إذ تم اختيار يوشوا بينجيو، الحائز على جائزة تورينج لعام 2018 إلى جانب يان لو كون وجيفري هينتون ومؤسس معهد كيبيك للذكاء الاصطناعي، ويقول يوشوا بينجيو: "نحن أشبه بسيارة تتسارع في الضباب وسط الجبال. نحن بحاجة إلى إيجاد حلول تكنولوجية لاختراق هذا الضباب، وإبطاء سرعتها قليلاً…"!!