كيف نجد كوكباً صالحاً للسكنى؟ترجمة/ عادل العامل هل يمكن أن تكون هناك حياة على جرم سماوي آخر؟ إن دراسة إمكانات ذلك تستحوذ على اهتمام و تفكير الباحث لويس دارتنيل. فهل هناك يا تُرى كواكب أخرى مثل الأرض في مجرّتنا، و إذا كانت الحال هكذا، هل يؤوي أي واحد منها حياةً عليه؟ إن هناك أسئلةً مهمةً بشكل أساسي، و كما يصف جيمس كاستِنغ في (كيف نعثر على كوكبٍ صالح للسكنى)، فإن العلماء الآن على وشك أن يكونوا قادرين على الإجابة على ذلك.
لقد قضى كاستِنغ، و هو عالم جيولوجي، حياته المهنية و هو يدرس كيف تغيرت بيئة الأرض على امتداد تاريخ الكوكب، و انغمر في البحث عن عوالم صالحة للسكنى في ما وراء نظامنا الشمسي. و قام، بوجهٍ خاص، بإنجاز بعض العمل الواعد في حساب مدى أو اتساع الإقليم المناسب لنشوء الحياة حول نجمٍ ما، حيث لا يتلقّى الكوكب الدوّار أكثر أو أقل من اللازم من الحرارة، و إنما فقط المقدار المناسب من الدفء للماء السائل و الحياة على سطحه. وهذه " المنطقة الصالحة للسكنى " من النجم هي واحدة من السمات الحاسمة الكثيرة التي تحدد ما إذا كان باستطاعة الكوكب أن يدعم الحياة. و ينشئ كاستنغ تجربته في هذا المجال ليأخذ القارئ معه في جولة تتعلق على وجه الدقة بما يجعل عالَماً ما صالحاً للسكنى.إن نوع النجم المناسب أمرٌ مهم، مثل كون الكوكب كبيراً بما يكفي للاحتفاظ بجوٍ له و تنظيم مناخه على مدى بلايين السنين. لكن كاستِنغ يتخذ موقفاً ضد حجج معينة مثل تلك المطروحة في (الأرض النادرة) لبيتر وورد و دونالد براونلي: لماذا الحياة المعقدة غير شائعة في العالم، ذلك أن أحوالاً تصادفية كثيرة من أحوال الأرض تجعلها خاصةً في الكون، ربما حتى على هذا النحو الفريد هكذا. و هو يعارض التأكيدات على أن العالم الصالح للسكنى يجب أن يكون له مجال مغناطيسي حمائي، أو أن يكون له قمر كبير يساعد في المحافظة على دورانه مستقراً، أو يشاطر نظامه الشمسي مع كوكب غازي عملاق مثل جوبيتر ليوفر عليه ضرب تصادمات المذنبات الكثيرة جداً. و بهذه الحجج في الذهن، فإن إمكانية أن تكون الحياة منتشرةً عبر صخور رطبة وفيرة في كل أنحاء المجرة تبدو متحسنة إلى حدٍ كبير. و يوضح كاستنغ كيف لعبت الحياة نفسها دوراً أساسياً في التأكيد على صلاح سكنى الأرض عن طريق تنظيم مناخ كوكبنا، حتى و الشمس قد سطعت مدة حوالي 30 بالمئة من تاريخ النظام الشمسي. و المفارقة، أن الحياة يمكن أن تسرّع من انقراضها بوقتٍ طويل قبل أن تستنفد الشمس وقودها الهايدروجيني. فالحياة المتّسمة بالتخليق الضوئي Photosynthetic، مثل البكتريا السيانوجينية و النباتات، تمتص المزيد و المزيد من ثاني أوكسيد الكاربون من الجو إلى أن تُصبح أخيراً مصدراً محدِّداً، متسببةً في انهيار الكثير من الحياة النباتية و أنظمتها البيئية. و الأكثر أهميةً بالنسبة لعلم الرصد، أن كاستِنغ يناقش كيف يستطيع علماء الفلك أن يتحرّوا فعلياً عوالم أخرى صالحة للسكنى في مجرتنا. و قد أدت تقنيات عديدة مختلفة لتحديد مواقع الكواكب إلى اكتشاف أكثر من 400عالَم جديد، لإضافةً إلى أن اكتشاف توأم حقيقي شبيه بالأرض هو في متناولنا الآن. و الخطوة التالية، كما يوضح، هي البحث عن إشارات مبلّغة عن وجود حياة في جو الكوكب: مزيج من الأوكسجين و الميثان في الهواء. و بهذه الطريقة، تستطيع التيلسكوبات أن تكتشف عالماً حياً في العقدين أو العقود الثلاثة القادمة. و يمكن القول أخيراً إن هذا كتاب مؤلَّف جيداً ينفع تماماً كمدخل للقاريء المحب للعلم إلى البايلوجيا الفلكية و البحث عن حياة في ما بعد كوكب الأرض، كما أنه بقدم مادةً مهمة و مجدَّدة للباحث المتخصص. و مما هو جدير بالملاحظة الدفع الذي يقوم به كاستنغ بشأن جوانب عديدة من فرضية (الأرض النادرة) و مناقشته السمات التي تُعد حاسمةً حقاً بالنسبة لصالحية السكنى الكوكبية. و إن هذه المناظرة سوف تتكثف بالتأكيد فقط حين تكتشف تيلسكوباتنا المزيد و المزد من العوالم الصالحة للسكنى على وجه الاحتمال. فهل ستبرز لنا، يا تُرى، حياة غريبة علينا تماماً من تحت شمسٍ حمراء خافتة أو سماواتٍ من دون أقمار؟!
قـد تنقرض الحياة على الأرض قبل أن تخفت الشمس!
نشر في: 7 فبراير, 2011: 05:20 م